إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

حلف جديد لزيادة جراح الأمة

جمال الكندي - البناء

نسخة للطباعة 2015-03-28

إقرأ ايضاً


مشهد رهيب وكبير رأيناه جميعاً على القنوات الفضائية المختلفة، مشهد غرفة العمليات الحربية السعودية التي أعلنت عن بدء عملية تحرير القطر اليمني الشقيق، وأوجدت لذلك حلفاً من دول الخليج، ما عدا سلطنة عمان، بالإضافة إلى بعض الدول التي تدور في الفلك السعودي بسبب النفوذ المالي والمصالح المشتركة.

يبعث مشهد التجهزات العسكرية والحشد الاستعراضي وبيان من كلّ دولة بعدد الطائرات الحربية التي سوف تقصف اليمن وتستهدف الحوثيين، كما يزعمون، على التساؤل بكثير من الحيرة: هل أصبح الحوثيون خطراً على الأمن الإقليمي العربي كما يزعمون؟ هل يصح ّ اعتبار تحركهم من أجل الشراكة الوطنية في إدارة شؤون اليمن والخروج باليمن من الوصاية الخليجية وأي وصاية أخرى، تهديداً للأمن القومي العربي؟ أسئلة محيرة فعلاً لم يجد هذا الحلف إجابة عليها إلا عن طريق القنابل والصواريخ التي تستهدف الشعب اليمني والبنى التحتية قبل المنشآت العسكرية. فما علاقة تدمير المنشآت النفطية وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء بالأمن القومي العربي؟

للأسف إنه حقد دفين من قبل قادة هذا الحلف ضدّ اليمن، فهم لا يريدون لهذا البلد أن يخرج من الطوق الخليجي الذي يأسره منذ سنين، وقد جاءت الثورة اليمنية الأخيرة لتكسر هذا الطوق فكانت النتيجة هذا العدوان السافر على بلد مستقل يضرب لأنه قال لا لهيمنة أحد على اليمن، وإنّ اليمن لجميع اليمنيين بمكوناتهم كافة.

ونعود إلى التساؤل: هل لقنابل هذا الحلف تقنية خاصة تميز بين الحوثي وغير الحوثي، وبالتالي لن تستهدف الأطفال والنساء والشيوخ، أم أننا أمام مشهد مماثل لضرب غزة من قبل الصهاينة؟

كنا نأمل أن يكون هذا المشهد الغريب، المترافق مع كلّ هذا الزخم الإعلامي الغير مسبوق والتحليل السياسي والعسكري المتواصل من قبل القنوات المحسوبة على هذا الحلف لتبرير عدوانها على اليمن، موجهاً إلى الكيان الصهيوني. فأين كنتم حين دكت غزة لأكثر من شهر بصواريخ هذا الكيان الغاصب؟ أين كانت غرفة عملياتكم وطائراتكم وجنودكم الذين تتباهون اليوم بأنّ عددهم 150 ألف جندي؟

لماذا كلّ هذه الغارات والعمليات العسكرية؟ أمن أجل الأمن القومي العربي كما تزعمون؟ هل يهدّد ما يحصل في اليمن باكستان أو المغرب أو مصر أو حتى الخليج؟ السبب واضح وهو الأيديولوجية لا غير، كون الحوثيين من المكون الذي لا ترغب الدولة التي قادت هذا الحلف أن يكون له قرار في اليمن، فاليمن من ضمن نفوذها وما خسرته في سورية والعراق ولبنان يكفي وزيادة، والمال والنفوذ لهذه الدول هو كون هذا الحلف المخزي لضرب دولة عربية مسلمة، وطبعاً بمباركة أميركا، الأب الروحي لهذا الحلف. لو كان هذا الحلف موجهاً إلى ربيبتها «إسرائيل» هل سيطلق طلقة واحدة ويعيش بعدها بسلام وأمان، ويوصف بأنه جاء لنصرة الحرية والكرامة؟ أترك جواب هذا السؤال المحير والصعب لمن يؤيدون هذا الحلف.

إنّ ما حصل في اليمن من تطورات قبل هذا العدوان الغاشم أربك المشهد اليمني في عيون قادة هذا الحلف، فكلّ الخطط المرسومة من قبله، بدءاً باستقالة هادي وفراره إلى عدن، وصولاً إلى محاولته تكوين دولة داخل دولة. لم تنفع الهجرة الجماعية لبعض الديبلوماسيين العرب والأجانب عبد ربه منصور هادي في شيء، فهو لا يملك حاضنة شعبية في الجنوب، وأدواته العسكرية كانت القاعدة وبعض القبائل التي تدور في فلكها، وقد سقط في أول اخبتار لقوته في الجنوب خلال 48 ساعة فقط بتحرير مناطق عدن من أدواته التي لم تستطع الصمود أمام زحف الجيش الوطني اليمني مع اللجان الشعبية. فلو كان هادي يملك القوة في الجنوب لزحف كلّ الجنوبيين لنصرته، إذا اقنتعوا بأنه يملك مشروعاً وطنياً يخدم الشمال والجنوب، لكنّ المشهد لم يكن كذلك فتمّ تشكيل هذا الحلف الغريب والذي يعتبر سابقة سيكتبها التاريخ العربي، حيث أنّ العيون العربية اعتادت أن ترى الدمار والخراب وقتل الأطفال والنساء من قبل العدو الصهيوني، وهذه المرة جاءت من حلف عربي لقتل العرب فكانت حصيلة اليوم الأول من هذا العدوان أكثر من 40 شهيداً.

إنّ المشكلة اليمنية تحلّ، حسب ما أعلنت بعض الدول، بالطرق السلمية وبالحوار، ومن أفشل هذا الحوار في صنعاء لا يريد أن يرى اليمن قوياً من الداخل، وكما قلنا لا يريد أن يرى الحوثيين ممسكين بزمام الأمور في بعض مفاصل الدولة، حسب ما تم تقريره في اتفاقية السلام والشراكة.

كعادتها، اجتمعت الجامعة العربية، وكالعادة أيضاً جاءت قراراتها مرهونة لإملاءات معينة ومعروفة، وكان من الطبيعي أن تبارك هذا العدوان الغاشم على اليمن، فهي التي طلبت من الأمم المتحدة إصدار قرار أممي لضرب ليبيا، وها هي ليبيا اليوم تتجاذبها الجماعات الإرهابية المسلحة شرقاً وغرباً، ولا وجود لأي دور عربي بعد دمارها لحلّ أزمتها. أما سورية، فهي ليست بعيدة عن قرارات الجامعة العربية المحبطة في الشأن العربي . وهنا نسأل الأمين العام نبيل العربي، بعد الموافقة على تكوين جيش عربي موحّد لمواجهة الإرهاب: في حال تكرّرت حماقات الكيان الصهيوني وضربت غزة أو لبنان، وهذا ليس ببعيد عنها، هل ستتدخل الجامعة العربية عبر القوة العربية المشتركة؟ وهل سنرى غرفة العمليات التي تباهت القنوات الإعلامية بإبرزها ضدّ اليمن، واقعاً ملموساً ضدّ الكيان الصهيوني؟

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024