إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

قراصنة الحراك الشعبي في مواجهة المقاومة

محمد حميّة - البناء

نسخة للطباعة 2015-09-04

إقرأ ايضاً


منذ انطلاق الحراك الشعبي في الشارع، وكعادته، التزم حزب الله الصمت بادئ الأمر، على اعتبار أنّ الحزب، بطبيعة الحال، هو من أول المؤيدين لأي تظاهرة تخرج ضدّ الفساد المستشري في إدارات ومؤسسات الدولة والتنديد بإهمال الحكومة للقضايا المعيشية وعجزها عن حلّ الأزمات التي تجتاح البلد، وعلى رأسها أزمة النفايات. لكن بعد أن تطور هذا الحراك وظهرت اليد الخارجية الخفية التي عملت على استغلاله، بحسب المعلومات التي تحدثت عن تمويل جهة خارجية للجمعيات القيمة على التحرك، كما قال وزير الداخلية نهاد المشنوق، خرج حزب الله ليشكك، على لسان مسؤوليه، بهذا التحرك وليحذر من جهات قد تستغل الشارع لتأخذه إلى الفوضى.

فكيف ينظر حزب الله إلى هذه الحراك، لا سيما أنّ جزءاً كبيراً منه ينتمي إلى بيئته الحاضنة؟

مصادر في قوى 8 آذار أشارت في حديث لـ»البناء» إلى أنّ حزب الله «مؤيد للتحركات الشعبية، لكنه يدعو إلى التمييز بين الطبقة السياسية الفاسدة التي يحاول البعض، عمداً، أن يشمل الحزب والمقاومة معها»، لافتة إلى أنّ الحزب «ممتعض من بعض الأصوات في الساحات التي وجهت التهم إلى حزب الله بالمشاركة في الفساد، في حين أنّ الفساد هو حصيلة تراكم المراحل الماضية منذ اتفاق الطائف حتى الآن، وليس وليد هذه المرحلة أو هذه الحكومة».

وأضافت المصادر: «إنّ الحزب، ورغم تأييده للحراك الشعبي، يبدي مخاوفه من أن يتم حرفه عن الأهداف الحقيقية التي يسعى إلى تحقيقها، وبالتالي إغراق البلد في الفوضى التي عاشتها الدول العربية خلال ما سمي بالربيع العربي، أو التورط باستقالة الحكومة التي لا يريد الحزب أن تستقيل في هذه الظروف».

وتابعت المصادر: «موقف الحزب هذا عزّزه الحديث عن مجموعات خفية تقود الحراك، فالحزب لا يخرج إلى الشارع مع هذه الجماعات وهو لا يعرف قياداتها ولا أهدافها، وخصوصاً أنّ أهدافها تتغير بين لحظة وأخرى، وقد انتقلت من أهداف مطلبية ومعالجة ملف النفايات إلى أهداف سياسية، لتتطور بعدها إلى اقتحام وزارات ومؤسسات عامة. إنّ حزباً استراتيجياً كحزب الله ليس في وارد الدخول فيها ولن ينزلق إلى هذا المستوى، كما أنّ الحزب لا يلحق بحراك، بل هو الذي يصنع الحراك، لكن ضمن وجهة ورؤية واضحة المعالم وليس قيادة المتظاهرين إلى المجهول والفوضى».

وعن إمكانية مشاركة حزب الله في تظاهرة التيار الوطني الحر، أوضحت المصادر عينها، أنه «ربما يشارك لأنهما جهتان متحالفتان وتعرفان بعضهما بعضاً وتدركان حدود الضغط على الحكومة والسقف الأمني للتحرك ومحاذير الانجرار نحو الفوضى»، مستعبدة، في الوقت نفسه، مشاركته في «المرحلة الأولية للتظاهر، وخصوصاً في هذه الظروف»، لكنها رجحت مشاركته في المراحل القادمة.

لكن أين تكمن مخاوف حزب الله الحقيقية؟

في هذا الإطار، أكدت المصادر أنّ حزب الله «مؤيد، من جهة، للحراك الشعبي، لا سيما أنّ جزءاً من الجمهور المؤيد للمقاومة يشارك في التظاهرات، لأنه، كغيره من الشرائح الاجتماعية الأخرى، يعاني من هذا الواقع المعيشي الذي لم يعد يحتمل، بدءاً من تكدس النفايات في الشوارع، مروراً بأزمة المياه والكهرباء، وصولاً إلى البطالة وغيرها من الأزمات، لكنه، من جهة ثانية، يبدي مخاوف حقيقية من أن تعمل الجهات التي تملك تأثيراً كبيراً على قيادات التحرك، وتحت عنوان المطالب المحقة، بخطف جزء من جمهور المقاومة واستعماله باتجاه أهداف ضدّ المقاومة وهذا ما لطالما عملت عليه دوائر غربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، بدليل ما ورد على لسان السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان الذي قال عام 2010 أمام الكونغرس الأميركي إنّ إدارة بلاده أنفقت 500 مليون دولار في لبنان لتشويه صورة حزب الله.

وتساءلت المصادر: «ما الذي يمنع أن ترفع شعارات في التظاهرات المقبلة تدعو حزب الله إلى الانسحاب من سورية أو تحميله مسؤولية دخول الإرهاب إلى لبنان، أو اتهامه بإخفاء متهمين بحسب المحكمة الدولية باغتيال الرئيس رفيق الحريري، طالما أنّ الاتهامات وجهت له من قلب الساحات ورفعت صور أمينه العام السيد حسن نصرالله على أنه من الطبقة الفاسدة»؟

ونقلت المصادر أن ليس لدى حزب الله «معلومات دقيقة عن الجهة الخارجية التي تدعم الحراك، وليس بالضرورة أن تقف جهات خارجية وراءه وربما هناك جهات داخلية».

وتابعت المصادر التساؤل: «ما هي مصلحة قطر في دعم هذا الحراك؟ في مصر وفي سورية لعبت هذا الدور بهدف إيصال الإخوان المسلمين إلى السلطة، فما هي أهدافها في لبنان، وخصوصاً أنّ فريق 14 آذار الموجود في السلطة هو حليف للفريق الأميركي ـ السعودي؟ هل تغرد قطر خارج السرب وتعمل بشكلٍ منفرد ومستقل وهل تريد فعلاً إقالة الحكومة»؟

في ظلّ هذه القرصنة الموصوفة للحراك الشعبي والمؤشرات على تحويله إلى مواجهة مع المقاومة، هل يترك حزب الله الشارع، أم يواجه بشارعٍ مقابل؟هل يتمسك بالحكومة أم ينتظر الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري؟

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024