إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

العرب يذبحون سورية ويتاجرون بمعاناة أبنائها

راسم عبيدات - البناء

نسخة للطباعة 2015-09-09

إقرأ ايضاً


عندما تستمع إلى أحد مشايخ ومفتي السلاطين تكاد تشعر بالتقيّؤ من رخصه وتفاهته وانعدام أي مشاعر بالإنسانية أو الانتماء لديه، سوى أنه بوق وطبل أجوف لمن وظفوه ولقنوه، فهو من شدة «حزنه» و»محبته» و»خوفه» على اللاجئين السوريين الذين ضاقت بهم الأرض بما رحبت بفعل المال النفطي الخليجي المستخدم في ذبحهم وتدمير بلدهم، ولكون من موّلوا ذبحهم وتدمير بلدهم، يغلقون الحدود في وجوههم ويمنعونهم من دخول بلدانهم، فلم يبق أمامهم سوى بلدان أوروبا الغربية، تلك البلدان التي لم تسألهم عن دينهم ومذهبهم وطائفتهم، تعاملت معهم كبشر وسمحت لهم بدخول أراضيها ومدت لهم يد العون والمساعدة، وليخرج علينا رجل الدين هذا بالقول بأنه يخشى على هؤلاء اللاجئين من «التنصر»، أيّ شيوخ «عهر» أنتم لا ترحمون ولا تريدون لرحمة الله أن تنزل.

في بداية الأزمة السورية، رأينا كيف عملت مشيخات النفط والكاز مع ما يسمى بالمعارضة السورية بمختلف مشاربها ومنابتها تكفيرية ودينية وغير ذلك على تهجير السوريين قسراً ولخدمة أهداف مشبوهة إلى الأردن، من أجل تشويه سمعة النظام السوري، بأن هؤلاء يهربون من قمع النظام، ووضعوهم في مخيم الزعتري في الصحراء الأردنية، وكي يذيقوهم كل ألوان العذاب والذل وامتهان الكرامة، ولكي يعمل القوادون من أجل شراء الفتيات السوريات الصغيرات من أجل مشايخ النفط والغاز من أجل إشباع نزواتهم ورغباتهم وجوعهم ونهمهم الجنسي، في «أروع» دعم لللاجئين السوريين، ناهيك عن دفع قسم منهن للعمل في الدعارة والتسول، وحثهم على شتم النظام السوري ليل نهار، والحديث عن «فظائعه» و»قمعه» لأسرهم وعائلاتهم.

اليوم، عندما نجد البحر يتقاذف جثث الأطفال والنساء السوريات، أو الذين تتحلل جثثهم في البرادات المثلجة على الحدود، أو من يتوسلون نقاط الحدود والعبور الأوروبية المرور والدخول إلى أراضيهم، وهم من دفعتهم غريزة البقاء للهجرة إلى بلدان أوروبية غربية في مناظر تثير فينا الكثير من الحزن ومشاعر الإنسانية تجاه أبناء شعب، كانت دولتهم قبلة كل المضطهدين والمظلومين، هي من احتضنت ووفرت الأمن والأمان للاجئي شعبنا الفلسطيني ولغيرهم من لاجئي الدول المجاورة، سورية كانت وستبقى قلعة من قلاع العروبة، تدفع الثمن من لحم ومعاناة أبنائها، دفاعاً عن أمة يراد لها التقسيم والتجزئة والتفكيك وليعاد تركيبها خدمة لمشاريع استعمارية.

من يذرفون دموع التماسيح من مشيخات النفط الخليجية ومعهم المعارضة السورية بمختلف تلاوينها ومسمياتها على الشعب السوري، ويدعون لتخليصه من «ظلم» و»قمع» النظام السوري، ويريدون له الحرية والديمقراطية كمفاهيم لم يعرفوا عنها شيئاً في بلدانهم التي هي ليست أكثر من مزارع وإقطاعيات لهم ولعائلاتهم المالكة، يعاملون فيها شعوبهم على أساس أنها قطعان بشرية ليس أكثر، ومعهم معارضات جلّ اهتمامها العيش في الفنادق والمتاجرة بالدم السوري، حيث الخلافات على الأموال والغنائم والامتيازات وسرقة أموال المساعدات الآتية الى اللاجئين السوريين والشعب السوري، تلك العصابات من المعارضة التي دخلت أكثر من مرة في صراعات ومعارك حول الأموال والغنائم والشرعية والتمثيل، والتي لم يكن ولاؤها وانتماؤها للشعب السوري ولا حريته ولا ديمقراطيته ولا تحسين شروط وظروف حياته الاقتصادية، بقدر الولاء لمن يغدق عليها الأموال والأسلحة من أجل تنفيذ مشاريعه وخدمة مصالحه.

أين هم علماء السلاطين المرفهين، المنعّمين، الذين يفتون على مقاسات وطلب زعمائهم؟ والذين سمعناهم أكثر من مرة يطالبون حجاج بيت الله الحرام بالدعاء علناً على النظام السوري وحزب الله وإيران، والذين أفتوا بالاستعانة بالأجنبي من أجل احتلال ليبيا وتدميرها، وكذلك طالبوا أميركا التي تقف خلف المشروع الاستعماري المعادي للأمة، بأن تقف موقفاً «مشرّفاً» الى جانب الشعب السوري ضدّ النظام والدولة في سورية ورئيسها الدكتور بشار الأسد.

لم نسمع منهم كلمة واحدة بحق من ذبحوا الشعب السوري ويتاجرون بمعاناته، من خلال ما ضخوه من مليارات الدولارات لتدمير سورية وقتل أبنائها وتشريدهم، بمطالبتهم باستيعاب اللاجئين السوريين في بلدانهم، والعمل على مساعدتهم وتوفير العيش الكريم لهم، هؤلاء الذين نعرف جيداً مدى حقدهم على سورية، حيث أن الرئيس السوري وصفهم بأنهم أشباه الرجال إبان الحرب العدوانية التي شنتها «إسرائيل» على لبنان في تموز 2006، ففرائصهم المرتعدة، وجبنهم وخسّتهم ونذالتهم، وتآمرهم على المقاومة، هي التي دفعتهم لدعم وتأييد العدوان «الإسرائيلي» على لبنان، واليوم يريدون أن ينتقموا من سورية قيادة وجيشاً وشعباً، وعلماؤهم وشيوخهم المسبّحون لا بحمد الله، بل بحمد الدولار، يصمتون على جرائمهم صمت القبور، حيث مسلسل القتل اليومي بحق فقراء اليمن، من قبل ما يسمى بطيران التحالف العربي، ذلك الطيران، الذي لم يكن في يوم من الأيام جزءاً من معارك الشرف والدفاع عن مصالح الأمة وكرامتها وسيادتها الوطنية، وتحديداً عندما كان الطيران «الإسرائيلي» يلقي بحممه وقنابله المحرمة دولياً على بيوت الصفيح التي تأوي لاجئي مخيمات شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة.

هؤلاء لم تحركهم جثث أطفال ونساء سورية التي تقاذفها البحر على شواطئه، ولا الجثث المتحللة في البرادات على حدود الدول الأوروبية، وأصابهم الخرس والطرش، ولم نسمع بفتاويهم التي تطالب حكامهم باستضافة هؤلاء اللاجئين، الذين أرادوا لهم «الحرية والديمقراطية»، تلك الشعارات والمفاهيم التي يرددونها كالببغاوات في أحاديثهم عن حقوق الإنسان في سورية.

إنّ هذا الغرب «الكافر» أكثر إنسانية ورحمة منكم بحق هؤلاء اللاجئين، فهو على الأقلّ يستقبلهم من منطلقات إنسانية بغض النظر عن دينهم ويوفر لهم متطلبات الحياة، ومن ثم يجد لهم العمل ويعمل على منحهم حق الإقامة بعد سنوات عدة، وشعوبهم تحركت مشاعرها وإنسانيتها عندما رأت صور الطفل السوري الذي تقاذفته الأمواج جثة هامدة، وخرجت جماهيرهم في تظاهرات غاضبة ضدّ العنصرية، مطالبة حكوماتهم باستقبال اللاجئين السوريين من دون قيود أو عوائق، فأين أنتم يا شيوخ السلاطين والحكام، يا من أعماكم بريق الدولار والدينار والريال عن قول كلمة الحق؟ هؤلاء هم من العرب السنة وليسوا شيعة أو خوارج؟ تنصبون أنفسكم محامين ومدافعين عن العرب، وأنتم أول من يساهم في ذبحهم وتهجيرهم وتشريدهم.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024