شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2015-11-18
 

فوبيا الإرهاب الغربي!

فاديا مطر - البناء

منذ انطلاق الطائرات الروسية فوق الأجواء السورية لمكافحة التنظيمات الإرهابية التي عمد الغرب إلى تبييض ملابسها السوداء على اعتبارها «معتدلة»، وبدء الصراخ من منابر دولية بأن الطيران الروسي يستهدفها وهو غير فعّال في عملياته، إلى ما أمست عليه باريس مساء الجمعة الماضي، تأكد أن المشهد الدموي يتنقل من «برج البراجنة» إلى «برج إيفل الباريسي» من دون جواز سفر، ولكن بهوية معروفة المصدر. فالمشهد الدموي ليس محصوراً بين سورية والعراق ولبنان وغيرها ممن ضرب فيها الإرهاب جذوره المسبقة الصنع، وما نمط الإرهاب الذي شهدته باريس بأكثر مما تشهده الأرض السورية والعراقية واللبنانية، وما تخطه «اليد الداعشية» من استهداف للمدنيين بعد ثبوت وجود قنبلة على متن الطائرة الروسية المنكوبة فوق سيناء، بحسب تصريح جهاز الأمن الفدرالي الروسي أمس إلا دليل على أن حلقات الرعب القصوى ستبدأ مسلسلها في عواصم الدعم له، فما جرى في فرنسا لن يتوقف، لأنه ثمرة الهجوم المعاكس لسورية وحلفائها، وإن لم يتكرر في فرنسا فسيتكرّر في أماكن أخرى، لأن تنظيم «داعش» الإرهابي يستعدّ للخروج كتنظيم من سورية والعراق العام 2016 والانتقال إلى حيث لا توجد جيوش تتحمّل بذل الدماء وتغطيها قدرات نارية عالية وتكتيكات اكتسبت خبرة ميدانية في قتال التنظيمات الإرهابية التي تدرك جيداً طريقة التعامل مع الجيوش والاستخبارات الغربية، لأنها تخرجت من مدارسها القتالية، فكل السياق الطبيعي لما يجري يتخذ طريقه إلى انتظار هذه الأعمال الإرهابية في بيئة صالحة لنشوئه أصلاً لأنه عندما يستدرك فائضاً من القوة أو خللاً أو ثغرات يعبر منها فلا يبقى أمامه سوى القتل والقتل فقط، وهذه الحالة موجودة في الغرب وغير موجودة في سورية التي ينتصر فيها الجيش على معاقل الإرهاب بالدماء والسلاح والقدرة على المواجهة.

وسيصبح الرهان على اعتبار المرحلة في سورية والعراق مدخلاً لتجذّر الإرهاب في أوروبا والذي يهدد بخطر حقيقي، لأن التقسيم العنصري بين السكان الأصليين والمهاجرين من أصول عربية وإسلامية وعرقية مختلفة هي إيديولوجية متعمّقة في الفكر الغربي عموماً والمنبثق من الفكر الصهيوني المتطرف خصوصاً. فهذا الوضع الإيديولوجي الغربي يشبه وضع فلسطين المحتلة لكن بشكل معكوس، حيث المسلمون في أوروبا عُرضة للاضطهاد والقمع وهو ما حدث بعد أحداث «شارلي إيبدو» في كانون الثاني الماضي وهو ما تجدّد بعد أحداث باريس الأخيرة عبر الاعتقالات والمداهمات لأحياء المسلمين والمساجد من قبل الجيش والشرطة الفرنسيين الأحد الماضي وإعلان حالة الطوارئ من قبل الرئيس الفرنسي «هولاند» بعد نشر 1500 جندي في شوارع باريس. فالإسلاميون في فرنسا سيفرحون في الانتقام وتحويل أحيائهم لحصون مغلقة وفي مقابلها ستنشأ ردة فعل مقابلة، كما حدث الأحد الماضي بعد خروج مظاهرة عنصرية غرب فرنسا تطالب بطرد عرب شمال أفريقيا، فالذاكرة الإنسانية لم تمحُ بياناتها بعد، وأحداث حروب الشوارع في لندن مع السود في27 تشرين الثاني من العام الماضي بعد مقتل شاب اسود في الولايات المتحدة وانتشار التظاهرات في 120 مدينة أميركية لم تذهب بعيداً، وحروب باريس مع الأحياء التي تسكنها أغلبية إسلامية مغاربية بعد أحداث «شارلي إيبدو» و»مركز التسوق اليهودي» في 18 كانون الثاني الماضي مازالت حاضرة. وما يحدث الآن مع مخيمات اللجوء السورية في أوروبا التي تم جرف بعضها من أصله متكررة، فهذه عقيدة غربية متجذّرة فعلاً في عقل السياسة والمجتمع الغربي وهي مفارقة بحد ذاتها لما صرّح به سيد المقاومة السبت الماضي بعد تفجيرَي «برج البراجنة» الإرهابيين، عندما اعتبر أن التفجير الإرهابي هو لإحداث فتنة في لبنان بين أهل «برج البراجنة» ومخيم البرج الفلسطيني القريب ولاحقاً المخيمات الفلسطينية تحقيقاً لأهداف العدو «الإسرائيلي ـ الداعشي»، وهو ما أفشله الشعب اللبناني قائلاً: نحن مستعدون لحماية الفلسطينيين بأعيننا، فما يحدث في سورية والعراق من نصر على الإرهاب سيُرخي بستائره على الدول الغربية صاحبة القرار بالإرهاب، والتي كانت تستفيد منه في ما مضى، فهل ستلحق «فوبيا الإرهاب» مَن كان شريكاً في صناعته المسبقة؟!!


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه