إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

إجراءات أميركية جديدة... فاشلة ضدّ حزب الله

هتاف دهام - البناء

نسخة للطباعة 2015-11-24

إقرأ ايضاً


تمضي الولايات المتحدة الأميركية في إصدار التشريعات والقوانين ضدّ حزب الله برغم توقيع الاتفاق النووي مع إيران، وربما تشكل هذه السياسة جزءاً من أوراق الضغط لتسوية الأوضاع على مستوى المنطقة، وجزءاً من الحرب الأميركية على الأطراف المعنية للرضوخ للشروط الأميركية في ملفات الإقليم، وكأنّ الاتفاق النووي لا تزال حدوده الساحة الإيرانية ولم تتعدّه إلى ملفات المنطقة، وربما يكون مشروع القرار الذي أقرّه أمس مجلس الشيوخ الأميركي بغالبية ساحقة ضدّ حزب الله جزءاً من الفاتورة التي تدفعها الولايات المتحدة لـ«إسرائيل» مقابل توقيع الاتفاق.

شدّد القرار الأميركي الخناق على حزب الله وعلى المؤسسات المالية والأفراد الذين يدعمونه، كما ربط أنشطة الحزب المزعومة بتهريب المخدرات بالعقوبات الأميركية الجديدة عليه، ويأتي ذلك ضمن محاولات الالتفاف على التفاهمات التي جرت بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي جرت على هامش الاتفاق النووي وضمن محاولات التأثير المستمرّة من قبل الجمهوريين، باعتبار أنّ الأميركي لم يعد في مقدوره فرض أية عقوبات على الإيرانيين بعد توقيع اتفاق فيينا في تموز الماضي، فاتجهت إلى حزب الله الذي تعتبره امتداداً لإيران في المنطقة.

وبينما يعمل حزب الله من أجل مكافحة الإرهاب الذي تدعمه أميركا، سواء منه الإرهاب الصهيوني أو الإرهاب التكفيري الذي تغلغل برعاية أميركية وصهيونية في أكثر من دولة من دول المنطقة، يحاول الأميركي في ضوء الحرب على الإرهاب الذي يضرب العالم، أن يصوّر هذا الحزب أنه جزء من هذا الإرهاب، وتكمن المشكلة في أهداف توقيت هذه العقوبات التي تضع حزب الله المقاوم في هذه الخانة الإرهابية، ويخلق مبرّرات لضربه والتعرّض لقاعدته الشعبية ويشرّع استهدافه، بعدما سبق للإدارة الأميركية أن أبلغت عدداً من المسؤولين اللبنانيين، خلال زيارة نائب وزير الخزانة الأميركي نيل ستيفن وولن ضرورة ضرب الإرهاب وتجفيف منابعه، وأعرب الأخير عن شعور الخزانة الأميركية بأنّ المصارف اللبنانية تقوم بواجباتها، بخاصة في ما يتعلق بموضوع العقوبات على سورية.

لم تقف العين الأميركية الضيقة عند هذا الحدّ، فهي ضغطت على فريق 14 آذار لحضور الجلسة التشريعية لإقرار قوانين مكافحة تبييض الأموال ونقل الأموال عبر الحدود ومكافحة تمويل الإرهاب زاعمة بأنّ حزب الله لا مصلحة له في إقرار هذه القوانين التي فرضتها الإدارة الأميركية على السلطة التشريعية في لبنان، في سياق حربها الطويلة مع حزب الله وإنْ كانت تحاول أن تمرّر ذلك بتشريعات لبنانية.

دعا القرار مجلس الشيوخ الأميركي إلى إجبار الخارجية الأميركية على التعريف بوسائل الإعلام الداعمة للحزب والتي تموّله، مثل «المنار وتوابعها»، في تقرير سنوي وتحديد الأقطاب الداعمة بالاسم، والطلب من وزارة الخزانة فرض شروط قاسية على فتح أيّ حساب لأيّ جهة خارجية تسهّل تعاملات حزب الله أو تغسل أموالاً للحزب أو «تتآمر» بإرسال تحويلات لأشخاص أو مؤسسات على صلة بالحزب. كما طلب القرار تقارير عن «إدراج حزب الله كمنظمة تهريب مخدرات أجنبية ومنظمة إجرامية عابرة للحدود». وجاء في الفقرة الأخيرة منه: «إجبار الرئيس على رفع تقارير إلى الكونغرس حول: الدول التي تدعم «حزب الله»، حيث للحزب شبكات لوجيستية وشبكة تبرّعات وتمويل وغسل أموال.

عبّر القرار عن مدى الاحتقان الأميركي نتيجة تغلب حزب الله على العراقيل التي وضعت في وجهه بعد عام 2006. وهنا يربط المراقبون في هذا الشأن بين الصخب الإعلامي والضجيج الذي عرفته «إسرائيل» قبل عشرة أيام خلال الحديث عن قدرات حزب الله الصاروخية وصولاً إلى قولها إنه يملك 10 صواريخ سكود، ولم تجد الولايات المتحدة طريقة للردّ سوى عبر هذا القرار الذي يتضمّن عقوبات غير مسبوقة وقيوداً لا يمكن لأحد تفهّمها تجاه حركة مقاومة سبق للكونغرس الأميركي أن اتخذ قراراً بتبنّي مشروع قانون يتيح فرض عقوبات على المصارف الأجنبية بما فيها المصارف المركزية وغيرها من المؤسسات المالية التي تموّلها زاعمة أنها تساعدها على ممارسة الإرهاب وتوسيع دائرة نشاطاتها.

تعامل مجلس الشيوخ الأميركي في إصدار القرار بطريقة شمولية لم يكتف بمخاطبة الدول التي تذهب إلى دعم حزب الله والكيانات غير الرسمية إنما وصل إلى الأفراد، حيث شمل القرار التبرّع وتسهيل التسليح ونقل الأموال. يظهر مضمون القرار مدى الحقد الأميركي، فالقرار لم يوفر شيئاً يتصل بحزب الله ويبرزه إلى المشهد الإقليمي والدولي إلا وتطرق إليه من حيث وسائل إعلام الحزب، فسمّى المنار وتوابعها، إلى تلطيخ سمعته لجهة وصفه بأنه منظمة ترعى تجارة المخدرات وعابرة للحدود بعد فشل واشنطن في وصفه كمنظمة إرهابية ووضعه على اللوائح الإرهابية، محاولة تصويره بأنه مافيا من المافيات التي يعرفها جيداً الاقتصاد الأوروبي والأميركي هذا يُعتبر خارج أيّ سياق منطقي.

وتؤكد مصادر نيابية في 8 آذار لـ«البناء» أنّ هذه القرارات تستخدم للتضييق على رجال الأعمال الشيعة الذين لا صلة لهم بحزب الله ولا يتعاطون العمل السياسي. تلحق هذه القرارات بحسب المصادر أضراراً كبيرة في الاقتصاد اللبناني، فهي تضيق الخناق على رجال الأعمال اللبنانيين بشكل عام، والشيعة بشكل خاص، ومعروف أنّ التحويلات المالية تصل الى نحو 8 مليارات دولار سنوياً، وهي عملياً تبلغ 35 من الموازنة السنوية العامة في لبنان و12 من الناتج المحلي العام، وهذا الأمر جزء من الحرب السياسية والاقتصادية على المقاومة، لا سيما أنّ وفداً من جمعية مصارف لبنان ذهب مرات عديدة الى الولايات المتحدة واجتمع الى مسؤولي الخزانة الأميركية للحؤول دون صدور مثل هذه التشريعات أو التخفيف من وطأتها إلا أنّ كلّ المساعي لم تصل الى النتيجة المرجوة.

لم تفلح كلّ محاولات أميركا الرامية إلى شطب حزب الله من الساحة اللبنانية، لم يكترث حزب الله يوماً لأيّ من الإجراءات الأميركية، لأن ليس لديه ما يفعله إزاءها، واذا كانت الولايات المتحدة لا تزال تعتبر حزب الله عدواً يجب ضربه ومحاصرته بالوسائل المتاحة فالأخير لا يقصّر في مبادلتها العداوة، وهذا ما عبّر عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطبة العاشر على كون الإدارة الأميركية هي الرأس الحقيقي للمحور الصهيوني التكفيري في المنطقة.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024