إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الانتصار الإيراني . . يخدم نصر سوري قادم ..

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2016-01-19

إقرأ ايضاً


صمدت ايران شعبا وحكومة طوال سنوات عانت خلالها من حرب اعلامية ، وحصار اقتصادي وتجميد لأرصدتها المالية ، عقوبات وتهديدات مستمرة بالعدوان من قبل الغرب والصهيونية العالمية كما عانى شعبها من فقدان للسلع وشظف العيش والتقشف إلى حدود تجاوزها بصبر وأناة واعتماد الانتاج المحلي دون أن يتخلى عن موقفه الداعم لقيادته في مجابهة دول الاستكبار التي أرادت منعها من تحقيق برنامجها النووي السلمي ، لمنع تقدمها وتطورها التقني وانتقالها إلى مصاف الدول الصناعية المتقدمة فتكون قوة اقليمية .

من أهم عوامل الصمود والنجاح الذي حققته الجمهورية الاسلامية الإيرانية إضافة إلى حكمة القيادة في المفاوضات، الاستناد إلى موقف شعبي مؤيد لم تتخلله ثغرات ولا نقاط ضعف ، ولم تنجح الاستخبارات الدولية المعادية في ايجاد بؤر داخلية معادية أو جماعات قادرة على بلبلة الداخل الوطني ، واقتصر التشويش على أطراف خارجية ، هذا الموقف مكن الدولة الايرانية من التصدي أيضا لهذه العمليات سواء في لبنان حيث العدو الأول للصهيونية – حزب الله – الذي هزم العدو الصهيوني في أكثر من حرب ، أو في دعمها لسوريا الذي كان من أهداف الحرب عليها اسقاط نظام الرئيس بشار الأسد تمهيدا لحصار واسقاط النظام الإيراني وانهاء المقاومة اللبنانية بتعاون دولي يتمثل في الادارة الأمريكية ومعها دول الغرب إضافة لموقف يمثل شبه اجماع عربي تقوده دول الخليج وعلى رأسها السعودية .

ان صمود سوريا ، حكومة وجيشاً ، بمواكبة من دعم الاتحاد الروسي والدعم الايراني بعد سنوات من المراوحة في المكان والحفاظ على بنية الدولة ، أتاح للجيش السوري الانتقال إلى مرحلة الهجوم وبدء عمليات القضاء على الارهاب في المحاور الرئيسة ، وربما ساهم الموقف الغربي المتردد في وقف أو خفض عمليات دعم الحرب على سورية بذريعة تمدد الارهاب وانتشاره في دول عديدة منها اوروبية ، والرسائل الخطيرة التي بعث بها الارهاب ، وهو ما أنتج رعبا شعبيا غربيا ورافعة لممارسة ضغوط على قيادات هذا الغرب ، ومع أن التمويل والامداد لم يتوقف بشكل كلي ونهائي إلا أنه شكل بداية التوجه لموقف لافت يدفع بالتنظيمات الارهابية التكفيرية إلى إعادة حساباتها ، كذلك ما يسمى المعارضات السورية التي كانت تراهن على انتصار هذا الارهاب معتقدة أنها ستكون الرابحة وهو اعتقاد خاطئ ، وحدها السعودية وتركيا استمرتا على موقفهما رغم بعض التلميحات المواكبة نوعا ما لمواقف الغرب ودول العالم الأخرى ، وكان موقفهما فيه الكثير من النفاق والتضليل وبقيت الممارسة على أرض الواقع لم تتبدل ربما إلى ما بعد تفجيرات اسطنبول وغيرها وعدم قدرة الحكومة التركية على التستر أكثر فأكثر على حقيقة التنظيمات التي قامت بالعمليات ، وساهم في كشف خداعها وكذبها أحزاب وصحافة معارضة على نطاق واسع ، إضافة إلى طلب أمريكي بإغلاق الحدود ووقف جسور الإمداد اللوجستي ، عتاداً وأفرادا.

الجمهورية الإسلامية الإيرانية وخلال فترة الحصار والعقوبات الدولية اتجهت إلى مضاعفة قدراتها الدفاعية والاتكال على الانتاج المحلي حيث تعرضت الصفقات الموقعة مع دول كالاتحاد الروسي والصين وغيرهما إلى التوقيف بسبب العقوبات الصادرة عن مجلس الأمن والتزام الدول المذكورة ، وقد حققت نجاحات باهرة في هذا المجال كانت تعلنها على الملأ ، والكثير من الانتاج الحربي المحلي شكل عامل ردع بوجه التهديدات الخارجية ، علماء ايران ، وربما بمساعدة علماء من المشرق نجحوا ، بل أبدعوا ، واستمر التقدم في البرنامج النووي السلمي بمواكبة نمو القدرة الدفاعية والوصول إلى انجاز قوة هجومية صاروخية متعددة الصنوف من حيث المدى والمسافات ، وكان ذلك كافيا لتتجنب حرب لا تريدها ، السياسة العقلانية ساهمت بدورها في الوصول إلى شاطئ الأمن والأمان .

ايران التي لم تتخل عن حلفائها في المنطقة وفي أحلك الظروف ، تجد نفسها اليوم وبعد رفع العقوبات الدولية والغربية بشكل عام ، وبعد الإفراج عن أموالها ، وفتح الأبواب أمام عمليات تصدير النفط وانتاجها المحلي المرغوب عالميا ، في حالة من الرخاء والبحبوحة تسمح لها بزيادة الدعم لمن وقف إلى جانبها ، التنسيق الروسي الإيراني عامل نجاح مؤكد ، وقرار تنفيذ عقود التسليح وأهمها منظومات الدفاع الجوي ، وتوقيع المزيد من عقود التعاون في كل المجالات ومنها مجال الصناعات الحربية لمصلحة الدولتين ، والدول التي تحظى بدعمهما ورعايتهما ، وأهمها الدولة السورية التي كان ذنبها عدم التخلي عن تعاونها واتفاقاتها الاستراتيجية مع الجمهورية الإسلامية ، كما رفضت التخلي عن المقاومة ، ثقافة وممارسة ، ولم ترضخ لشروط الإدارة الأمريكية التي هي بالأصل شروط اللوبي الصهيو – ماسوني في الغرب ، وهو تمرد وخروج على طاعة الاستكبار اياه .

ايران من جديد دولة اقليمية فاعلة ، وقوة عسكرية واقتصادية يحسب لها ألف حساب ، اليوم بدأ التسابق الغربي والدولي لإعادة الجسور معها ، فتح الأسواق بوجهها والدخول إلى أسواقها وإقامة العلاقات الندية بعد التأكد أنها لم ، ولن تخضع وتتعامل إلا بشروطها ، ايران تقطف ثمار صمود وصبر طويلين واحتمال وتجاوز للحصار بدعم شعبها الذي آمن بالنصر وحققه ، وهي ليست معنية بمواقف دول لاوزن لها ولا حساب ، باعت مواقفها لقاء الرشوة ، بالمقابل تخسر القوة التي فرض عليها الغرب معاداة الجمهورية الإسلامية الإيرانية – مملكة آل سعود – مواقفها تباعاً ، على الصعد كافة ، السياسي والعسكري وسيلحق بهما موقفها المالي في مستقبل ليس بالبعيد ، هزائم متتالية في ساحات سوريا واليمن ، والعراق ولبنان ، ولن يفيد بقاءها شراء الحلفاء وعمالة الأعداء ، فالمال ينفذ ويسقط التحالف ، وتبقى وصمة العمالة تلازمها عبر التاريخ .

من المعيب أن يدرك الغرب موقع الدولة الايرانية وأهميتها المستقبلية للأمن والسلام العالمي وخصوصا في المنطقة ، ودورها في الحفاظ على سمعة الإسلام وتسامحه وقبوله الآخر ومبدأ الحوار والاتجاه إلى إقامة علاقات حسنة مع محيطها والعالم الذي ناصبها العداء وبادرها الإساءة ، وهو الآن يتراجع تجاه مصالحه ليدفع بدول يعتبرها أدواته لتشكل مواقفها العدو البديل ويقطف هذا الغرب ثمرة الانفتاح على ايران ثم يستثمر في أعداء لها من المحيط ، خدمة لأغراض ومشاريع الصهيو – ماسونية التي تعتبرها عدواً استراتيجيا ، من المعيب أن لا تدرك دول عربية كبرى كمصر أهمية ايران وموقعها وهي الدولة التي لم تناصب مصر ولم تبادرها العداء بل استمرت في الدعوة لإقامة أفضل العلاقات معها ومع باقي الدول العربية وبضمنها السعودية التي ليست مهتمة بعلاقات الأخوة الدينية ولا حسن الجوار لأنها لا تملك قرارها ولا تبحث عن مصالح الشعوب في المنطقة ، وأحرى بدول الخليج - الجوار الايراني استغلال الظروف ومبادرة الدولة الايرانية التحية بإعادة العلاقات معها إلى أفضل حال خدمة لاستراتيجية الحفاظ على المنطقة وخروجاً من عباءة التبعية العمياء للموقف السعودي المشبوه المرسوم من قبل استخبارات الغرب الذي لا يرى في المنطقة إلا مصدرا مهماً لاحتياجاته من المواد الأولية وسوقا واسعة لتصريف منتجاته ، ايران على الأقل يمكن الحوار معها بشفافية والوصول إلى توافق وحلول لبعض المشاكل العالقة بعيداً عن التعصب الديني والمذهبي الذي أثاره الغرب وأحسن استغلاله .

نقرأ في الانتصار الايراني وعودة هذه الجمهورية إلى الموقع الذي تستحق من حيث القوة والفاعلية والتأثير ، بوادر تؤمن عناصر تحقيق الانتصار لسوريا في حربها على العدوان القادم من كل جهات الأرض يستهدفها وجوداً وحضارة ، الانتصار الذي سيحققه الجيش السوري مدعوما بموقف شعبي مصمم ومؤمن بالنصر ، يرفده دعم المخلصين من الدول الصديقة وعلى رأسها الاتحاد الروسي والجمهورية الإسلامية الايرانية ودول صديقة أخرى .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024