إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الأول من آذار . . ولادة عصية على الموت ..!.

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2016-02-29

إقرأ ايضاً


لآذار وقع متميز على الأسماع والأبصار ، أوله تفتح البراعم والأزهار منبئاً بولادة حياة جديدة ، ينتظرها المخلوقات دون استثناء وأولهم البشر ، تتجدد الألوان بين بياض الياسمين وحمرة شقائق النعمان .

كثير من الأزهار تنعقد ثمرا أغلبه شهيا وقليل منه متميز ، وكثير منها تتساقط بعد مرحلة بفعل الرياح وعوامل الطبيعة لتؤكد أن لا مكان لضعيف كي يستمر في الحياة .

في الأول من آذار العام 1904 أثمرت زهرة متفتحة عظيما يندر أن يتكرر مثاله كل قرن من الزمن وعلى مساحة العالم ، كانت تلك الثمرة أنطون سعادة الذي نشأ وترعرع في بيت جدير برعايته ، بيت عريق بالعلم والمعارف والأهم حب الوطن .

بواكير عظمته تجلت في مواقفه وهو في سن اليفاعة يوم أنزل العلم العثماني عن سارية مدرسته وبعدها يوم رفض تحية علم الانتداب ودلل بذلك على نضوج ونبوغ ووعي لانتمائه إلى الأرض والوطن والحرية والتحرر ، وهذه جينات ومكونات العصبية القومية التي قال بها .

انطون سعادة الشاب ، الثمرة الناضجة النادرة يتلمس جراح أمته وآلامها ويسأل نفسه الكثير من الأسئلة التي لم تخطر ببال من هم أكبر منه سناً , وأغلبهم أعطى لنفسه اجازة من الأسئلة المتعبة وارتضى التبعية ومغانم اللحظة ... وحده سعادة أراد أن يعرف من نحن فوجد الجواب ، وسأل نفسه ما الذي جلب على شعبي هذا الويل ، وكذلك وجد الجواب وانطلق عاملا لتكون النهضة .. مشروع حياة يرفض الموت بل يتجه إلى نوع من خلود الفكر والعقيدة .

عقيدة ثالوثها وحدة غير قابلة للانفصام ، الزعيم صاحب الدعوة والعقيدة المؤسس ، والدعوة إلى قضية تساوي وجودنا ، ونحن المقبلين عليها ... أعضاء الحزب ، فهل تم الحفاظ على هذا الثالوث المقدس .؟.

حياتنا القومية الاجتماعية لا تستقيم ، ولا يكون الحفاظ عليها إلا بالتمسك بدستورنا ... نظاما وقضية ، واذا ما فقدنا البوصلة إلى الطريق الصواب فهذا سعادة مرجعنا ووطن من أضاعوا البوصلة إلى الوطن ، وهم من الناشزين في أفكارهم العتيقة البالية ولم يرتقوا ليكونوا قوميين اجتماعيين حقا وحقيقة .

ليس أدعى إلى القلق والتوتر من حالة أمتنا الحاضرة واستهداف صيرورتها بعدوان أممي يرمي إلى تفتيتها وزوال وجودها ، ولا أوجب للتفكير والتبصر من حالة حزبنا ، الأمة والحزب مستهدفان في زمن يتقاذفه عالم مخيف وهما قطبا فكرنا في الحركة السورية القومية الاجتماعية .

الأول من آذار هو يوم صاحب الدعوة ، سعادة العظيم ، الحاضر بفكره وتعاليمه ، بوجهه وسيرته ، بحياته وغيابه ، في كل ما يعتري مسيرتنا من أوهام وما ينقشع أمامنا من حقائق ، سعادة هو الوطن الذي يتسع لمن ضاقت عليهم الأوطان ، الذين يمارسون أدوارا وضيعة .

في هذه الظروف المصيرية يشعر القوميون الاجتماعيون أكثر فأكثر أنه بمقدار تمسكهم بعقيدتهم النضالية ، وجهاديتهم ، وعيا وايمانا وبذلا وعطاء ، وبمقدار صمودهم وثباتهم على مواقفهم وموقعهم ، الموقع القومي الصحيح نضاليا وأخلاقيا ، اقتداء بالمعلم المؤسس الزعيم ، بمقدار ما تكون تضحياتهم كلها ثمنا بسيطا لأهدافهم المنجزة تغييرا في الحياة وتحولا باتجاه الانشاء والتحرير والحفاظ على وحدة الوطن والمجتمع .

اليوم يشعر القوميون بعد سنوات خمس من العدوان ومعاناة ابناء الأمة اقتصاديا واجتماعيا ومصيريا ، وبعد سيل أنهار من الدماء روت تربة الوطن ، أنهم بأمس الحاجة إلى وحدتهم النضالية ، وحدة موقف وكلمة في كل الكيانات ، ليكونوا القدوة الصالحة لباقي شرائح المجتمع والمثال الذي يحتذى بعد تجسيدهم مواقف بطولية هي موضع فخر واعتزاز أغلب أبناء الأمة والصف القومي الاجتماعي الذي يقدر هذه التضحيات ويفخر بها معلنا بأعلى الصوت هؤلاء هم أبناء النهضة ، أبناء العظيم سعادة .

ان مبدأ التوحد القومي تحت راية النهضة ، الراية الواحدة ، وحده الكفيل بحمل قضيتها وصيانة مصالحها العليا ، المبدأ الذي يولد توحداً شاملا بالقضية نفسها ، والمصالح نفسها في كل كيان ، وفي كل منطقة ومدينة وبلدة ، الوحدة تولد الوحدة ولا يكون قوميا وبالتالي وطنياً من يعمل لكيانية ضيقة تحت أي ظرف من الظروف ، لا يكون قومياً من يعمل من منطلق طائفي أو مذهبي أو عرقي أو طبقي اقطاعي أو ما شاكل .

في الأول من آذار ذكرى ميلاد الزعيم ، نتجه بعقولنا وأفكارنا إلى ما ترك لنا من ارث وعقيدة وفكر ، نحيى هذه الذكرى ، لنؤكد أننا على عهدنا ، بررة بقسمنا ، مخلصون لتعاقدنا ، ولن نسمح لأي كان أن يعيرنا متسائلا : هل هؤلاء فعلاً أبناء وأتباع العظيم سعادة ، يقولون بفكره وعقيدته ويمارسون نقيضها ، وحدويون ... وهم قاربوا الشرذمة في السلوك ، يدعون الايمان بالأمة الواحدة ويكرسون الكيانية ، في يوم سعادة دعوة مفتوحة للبعض لمراجعة الذات ، لتصويب المسار ، للتراجع عن الخطأ ، وصنع الفضيلة بدلاً من ارتكاب الاثم .

تحية للفاتح من آذار ، وتحية لفتى آذار ، للثمرة التي ولدت وما زالت تمارس الحياة عصية على الموت بما أعطت حتى الخلود

لتحيى سورية وليحيى سعادة .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024