إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

بوتين للحريري: الرئيس مسيحي ـ مسيحي...

روزانا رمّال - البناء

نسخة للطباعة 2016-04-08

إقرأ ايضاً


بعد أن سادت أجواء من عدم التأكيد بأنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيستقبل الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري الذي لا يتمتع بصفة رسمية تتخطى كونه نائباً حالياً، يبدو أنّ الحريري نجح في تأمين إتمام هذا اللقاء عبر اتصالات أجراها وهو في العاصمة الروسية بقوى غربية أوروبية أسهمت في استقبال الرئيس الروسي له، والاستماع إلى ما كان قد تحدّث فيه الحريري مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال الاجتماع الذي سبق لقاءه ببوتين، وتمحور بشكل أساس على نقاش الجهد الروسي في مكافحة الإرهاب في المنطقة والاهتمام الكبير الذي لمسه الحريري من المسؤولين الروس بتعزيز كلّ العناصر التي من شأنها لعب دور منتج في هذا الإطار.

وقد تحدّث لافروف مع الحريري عن سورية، وتقدُّم العمليات العسكرية بقيادة الجيش السوري، وعن دعم روسيا الجدّي للنظام الذي يلتقي معها على ما تعتبره أمنها القومي والحيوي والاستراتيجي الذي لا تتساهل فيه ضمن إعلان الحرب على التنظيمات الإرهابية التي سبق أن وضعتها موسكو في أول سلّم اولوياتها منذ عقدين من الزمن، حتى أنّ حركة «الإخوان المسلمين» التي خاضت المعركة السياسية في أكثر من دولة إقليمية كانت قد صنّفت إرهاباً من قبل روسيا.

المعركة التي كلفت روسيا أثماناً وخلافات كبيرة مبنية على أرضية وموقف ثابت، مثل الخلاف مع تركيا المنطلق من عقلية روسية رافضة لانتماء الحكومة التركية الى العقيدة الإخوانية، وإمعان روسيا بعدم التسليم بالمنطق التركي ومحاولات إصلاح ما أفسد من العلاقة يؤكد انّ التنازل غير وارد بالنسبة إلى روسيا، وأنّ كلّ ما قد يرجح تعريض الإنجاز العسكري والإنجاز العسكري على الارهاب وداعميه غير قابل للخضوع للمساومات السياسية.

يدرك الحريري أنه يزور العاصمة الروسية آخذاً بعين الاعتبار هذا المفهوم، وهو بالتالي يقدّم نفسه أمام القيادة الروسية كأحد المنسجمين مع هذا التوجه بكلّ جوانبه في ما يتعلق بالملف اللبناني، وبالتالي ليس وارداً عند الحريري ان يزور موسكو بخلفية السعي الى الحصول على ايّ إشارة او ليونة روسية تصبّ في مصلحة حلف الحريري في ما يخصّ الملفات العالقة في لبنان، من دون النزول عند رغبة حلفاء روسيا فيه وأبرزهم حزب الله.

الحريري الذي يدعو الى الاعتدال يتوجه نحو خطاب اقلّ حدية يتحدّث فيه عن ضرورة مدّ اليد الى الطرف الآخر، غامزاً الى ترشيحه رئيس تيار المردة الذي يعتبره أحد أبرز الخطوات نحو نصف الطريق، فيقول: «لقد مددنا يدنا للآخرين وقمنا بالمبادرة لإنهاء الانقسام السياسي الذي يعطل مسيرة الدولة ولانتخاب رئيس للجمهورية، وسنستمرّ في مساعينا مهما كثرت التحدّيات لإنقاذ لبنان مما يتخبّط فيه، لأنه في النهاية مهما تشنّجت الأجواء وتباعدت المواقف، لا بدّ أن يتلاقى اللبنانيون مع بعضهم البعض على مصلحة البلد التي تعني الجميع من دون استثناء».

الخطوة التي أخذت الحريري نحو ترشيح النائب فرنجية والتي أتت برضى سعودي بات مؤكداً كانت هي الأخرى اشارة سعودية الى الانتقال من مرحلة التعنّت السياسي الى مرحلة التحضير الى المهادنة في شتى الملفات في المنطقة، والتي يؤكدها اليوم الخضوع لحتمية الشراكة مع انصار الله في اليمن وهو الفريق السياسي المعارض الأكثر تمثيلاً وخصومة بالوقت نفسه مع السعودية، بالتالي فإنّ الرياض التي أسهبت في التعنّت بالملف السوري واليمني تدرك أنّ مرحلة التحدّي باتت وراءها منذ دخلت المنطقة جدول الأعمال الروسي.

كلّ ذلك يتراءى أمام الحريري الذي سمع من بوتين وفق مصادر صحافية اهتمامه الكبير بملف المسيحيين في لبنان واهتمام القيادة الروسية بضرورة الإسراع في حلّ الملف الرئاسي لما «للبنان من ميزة خاصة كون الرئيس هو الرئيس المسيحي الوحيد في المنطقة، وبالتالي لا بدّ من الحفاظ على الموقع المتقدّم للمسيحيين في لبنان في ضوء ما يتعرّض له المسيحيون في سورية والعراق، واضطرارهم الى الهجرة القسرية الى دول يعتبرونها ملاذاً آمناً».

الحيثية الروسية في الاهتمام بالمسيحيين تغمز لقناة الحرب المقدسة الروسية التي أعلنت عنها وباركتها الكنيسة الروسية الكبرى، ما يعني إعطاء روسيا حيّزاً أساسياً لحيثية العماد ميشال عون وتمثيله المسيحي الأكبر في لبنان بعدما أيّد ترشيحه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، فهل هذا يعني إمكانية ان تتقدّم السعودية التي تتحضّر لزيارة الملك السعودي الى موسكو نحو الخضوع للمنطق الروسي المهتمّ بالمسيحيين والذي كرّر أمام الحريري حرصه على التمثيل بأسرع وقت ممكن؟

اهتمام الرئيس الروسي لا ينسحب على فكرة اختيار مرشح مسيحي وسطي كان او قطباً سياسياً إنما ينسحب على فكرة تثبيت الجذور وتقديم أرضية تشعر المسيحي في الشرق بوجود آمن سعت من خلال تقدّمها العسكري فيه لتعزيزها، بالتالي فإنّ تثبيت هذه الاصول تتطلب استجابة لمطالب الأكثرية المسيحية في لبنان وإذا كان العماد ميشال عون مرشحاً اكثرياً فإنّ ذلك يعني وفق هذا المنظور أنّ حظوظه أوفر وفق النظرية الروسية، لكنه يعني ايضاً انه اذا استعصى وصوله الى الرئاسة لأسباب محلية او حسابات محددة، فإنّ روسيا ستكون حتماً داعمة لما يرتضيه عون في الاستحقاق كممثل مسيحي أكثري، او ما ترتضيه الأغلبية المسيحية المارونية الممثلة بالأقطاب الأربعة مجتمعين، فالكلمة مسيحية بامتياز بالنسبة لروسيا غير المستعدّة لدعم مبادرات عربية أو إقليمية ودولية تسحب امكانية جعل الرئيس اللبناني المسيحي «نافذاً» وتعيده ليكون «صورة» يأتي عبر مبادرات خارجية تفرضه على اللاعبين في لبنان.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024