إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

جنبلاط على باب «الانسحاب» ويحتمي بحزب الله

روزانا رمّال - البناء

نسخة للطباعة 2016-04-22

إقرأ ايضاً


ليس معروفاً تاريخ انسحاب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط من الحياة السياسية اللبنانية أو ابتعاده بالحدّ الأدنى لصالح نجله تيمور، كما يحرص على التذكير في كلّ مناسبة ليسلّم «التركة» الثقيلة لنجله غير المعروفة حتى الساعة إمكانية نجاحه في المهمة.

كان من المفترض أن يسلّم جنبلاط نجله تيمور زمام الأمور في الحزب وفي تمثيل حيثيته الشعبية رسمياً منذ بضع سنوات، حيث تحدث جنبلاط عن عزمه على فعل ذلك، إلا أنه ولسبب «ما» أو «أمل ما» لم يحصل هذا، لكن اللافت أنّ هذه الرغبة تعزّزت عند النائب جنبلاط في الفترة التي مرّت في سورية بالأزمة التي لا تزال تعيش مفاعيلها حتى الساعة، والتي كان جنبلاط فيها رأس حربة في الهجوم الداخلي على الرئيس السوري بشار الأسد، وبمعنى مباشر على النظام السوري الذي كان حليفاً أساسياً لجنبلاط لسنوات طويلة، وقد استفاد منه في تعزيز وجوده ومكاسب طائفته بين نظام المحاصصة السائد، وما أفرزه الوجود السوري من رفع لحضور النائب جنبلاط في العملية السياسية الداخلية مشكلاً معه ومع زعماء آخرين شكل النظام اللبناني الذي بات مرفوضاً من قبل فئة جديدة لم تعد قادرة على استيعاب رواسب الماضي بهذا الشكل رغم انتمائها إلى أصول فئوية وطائفية بدورها.

الحرب في اليمن يجب أن تتوقف، هذا ما يطالب به الرئيس الأميركي باراك اوباما الذي يعترف في حديثه للصحافي الأميركي جيفري غولدبرغ لصالح مجلة «أتلانتك»، لكنه يقول أيضاً انه غير نادم بل يفتخر لأنه لم يستهدف الرئيس السوري بشار الأسد ولم ينفذ عملية عسكرية في سورية، يضاف إلى هذا بيانات أخيرة للبيت الابيض ينفي فيها ان يكون استهداف الأسد كان هدفاً على جدول أعمال الرئاسة الأميركية.

ربما كان يحتاج النائب جنبلاط إلى مثل هذه القراءة الأميركية للتأكد من انّ الرئيس السوري بشار الأسد باقٍ بالحساب الأميركي والروسي كتحصيل حاصل بغضّ النظر عن ميزان القوى الذي أدّى لهذه النتيجة أو تلك. ومثل هذه القراءة التي طرحها اوباما قبيل انتهاء مهمته تساعد جنبلاط الذي يخضع للحساب الأميركي بالممارسة السياسية المحلية وتمتع بعلاقات جيدة جداً مع السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان، الذي أعلمه بذلك منذ تعيينه مسؤولاً في الأمم المتحدة ومطالعته لتقدّم المباحثات الإيرانية ــــ الأميركية أو الإيرانية ــــ الغربية، كلّ هذا ساعد جنبلاط على تثبيت قراره «بالانكفاء» بدلاً من «الانسحاب» الذي يكرّر التذكير فيه وآخرها في إطلالته مساء أمس على شاشة lbci.

لا يبدو أنّ جنبلاط متحمّس للمغادرة، فهو قلق على مستقبل حيثيته الدرزية وصمود زعامة المختارة، وقلق أيضاً من إمكانية أن يكون نجله تيمور غير قادر على تحمّل هذه المسؤولية، لكنه يجد نفسه محاصراً بعدم إمكانية الانسجام مع بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم من جهة وإساءته لموقع الدروز في سورية من جهة أخرى، بعدما اتضح انه توهّم القدرة على اعتبارهم تحصيلاً حاصلاً ومبالغاً في إمكانية جذبهم لتوجهاته السياسية، وهو أبرز ما دفعه لدعم فكرة إسقاط النظام السوري.

انسحاب النائب جنبلاط من العملية السياسية غير مقنع لشخصية تحارب في أدقّ الحصص والوظائف الداخلية ويتعاطى بدقة في كلّ ما يتعلق بمصير الوظيفة الدرزية بين ولاءات وتوجهات يخشى أن تصبّ لمصلحة نشوء قوى درزية عبثية بحسابه، قادرة على شدّ بعض العصب الدرزي المنهك من المدّ والجزر التي عاشته الطائفة جراء موقف جنبلاط من الأسد.

تبدو فكرة تقبّل إمكانية انسحاب جنبلاط جدياً كنوع من الانفتاح أو التغيير وليس رؤيتها كنتيجة لهزيمة مدوية مني بها مشروعه بالسنوات الماضية غير مقنعة، وهنا يطرح سؤال أساسي: هل كان وارداً أن ينسحب وليد جنبلاط من العملية السياسية فيما لو نجح المشروع الذي يؤيده في سورية، وما فيه من إمكانية تعزيز زعامته وتوسيعها وربما ضمّها جغرافياَ ككانتون درزي؟

يقدّم جنبلاط للبنانيين ما ينثر الغبار على حسابات مغلوطة خاضها بزخم باستبدالها بضرورة التغيير في حزبه وتسليم نفس شبابي المهمة متماشياً مع تحركات الشباب في البلاد والعالم العربي من دون أن يشكل هذا أرضية مقنعة، يضاف إلى ذلك قلق أكيد يجعل من جنبلاط منكفئاً لكن ليس غائباً عن مصير الدروز الذي سيتوّجه بهالته وحضوره رصيداً يصبّ في مصلحة النائب طلال أرسلان كثاني أكبر حيثية درزية، علماً أنّ مصدراً مطلعاً على أولويات اللعبة الدرزية يؤكد لـ»البناء» أنّ جنبلاط يحرص على أفضل العلاقات بين نجله وأرسلان كضمانة سياسية وانْ ظهر الأخير حاضنا لتيمور.

يتحدّث جنبلاط بحرص عن حزب الله ويعترف أنه شريك وليس تابعاً لأجندة إيرانية، كما دأب على الترويج بداية الأزمة السورية، وحتى عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ويحرص أيضاً على المحافظة على العرف السياسي في لبنان، فلا يريد تجاهل حضور مكوّن سياسي أساسي مثله بمجلس النواب وتخطيه من أجل انتخاب رئيس، فارشاً أرضية يحتمي فيها مستقبلاً من تبعات ما تورّط به في الأزمة السورية حيث لم يعد مرغوباً من القيادة السورية ولم يعد قادراً على إعادة تقديم نفسه مجدّداً كقادر على إعادة النظر بالعلاقة مع النظام السوري الذي أيقن بقاءه، بالتالي يرى جنبلاط ضرورة احتمائه بمكوّن محلي يحفظ صيغة حضوره ولا بأس لو كان حزب الله.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024