إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

صفعة جولانية لأحلام وأوهام نتنياهو

جاك خزمو - البناء

نسخة للطباعة 2016-05-05

إقرأ ايضاً


تحمّس رئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو فدعا مجلس وزرائه الى عقد اجتماع في الجولان الأحد 17/ نيسان/2016 . وأدلى بتصريحات نارية بعد الاجتماع بأنّ الجولان سيبقى تحت «السيادة الإسرائيلية»، وإلى الأبد.

جاء هذا «الحماس» الاستثنائي قبل أربعة أيام من توجّهه الى موسكو ولقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين! والتساؤل الكبير الذي يطرح نفسه لماذا هذا الحماس وما هي أهدافه وماذا كانت نتائجه؟

لا بُدّ من القول إنّ هواجس عدة تهيمن على ذهن نتنياهو، أدّت الى تنفيذ خطوة لم يقدم عليها أيّ رئيس وزراء «إسرائيلي» سابق عبر 49 عاماً من الاحتلال لهذه الأراضي السورية. وهذه الهواجس يمكن حصرها بالآتي:

أولاً: هناك شعور لديه بأنّ الأزمة السورية هي على طريق الانتهاء، وأنّ الرئيس بشار الأسد سيبقى قائد سورية، وبالتالي، فإنّ الرئيس الأسد قد يسمح بفتح جبهة الجولان أمام المقاومة، وبالتالي تواجه «إسرائيل» جبهة مواجهة جديدة.

ثانياً: إضافة الى ما ذكر سابقاً، فإنّ هناك تقييمات لدى الدوائر الأمنية «الإسرائيلية» مفادها انّ انتصار الرئيس الأسد على المؤامرة التي تعرّضت لها سورية سيجعله قوياً، وسيشجّعه ليس فقط على فتح جبهة جديدة مع «إسرائيل»، بل قد يقوم هو بنفسه بعمل عسكري لإعادة تحرير الجولان من الاحتلال «الإسرائيلي»، وخاصة أنّ هناك عوامل عدة تشجع الرئيس الأسد على ذلك، وأهمّها تعاظم قوة الجيش العربي السوري عبر امتلاكه خبرات قتالية نوعية ومميّزة، وكذلك امتلاكه أسلحة متطوّرة، وبعضها قد يكون قد حصل عليها من روسيا. والعامل الآخر هو أنّ سورية قادرة على تلقي ضربات جوية، وتحمل الدمار الناتج عن ذلك لأنّ الإرهابيين أعاثوا في الأراضي السورية دماراً كبيراً… وأما العامل الثالث والقويّ فيكمن في تصميم الرئيس على إعادة الجولان، وإذا حقق ذلك، فإنّ شعبيته وزعامته لن تكون قوية في سورية وحدها، بل في العالم العربي كله لأنه عراب المقاومة المشروعة وسندها الحقيقي.

ثالثاً: هناك هاجس يسيطر على نتنياهو بأنّ الحلّ السلمي في سورية سيشكل ضربة لتوقعاته، ولتحالفاته السرية مع دول في الخليج العربي، إذ إنّ هذه الدول الداعمة للإرهاب ستضطر الى الإصغاء للحلّ السلمي السياسي، وقد تضطر ايضاً الى استقبال مَن تبقّى من الإرهابيين الذين أرسلتهم الى سورية، ووفرت الدعم لهم لتحقيق أهدافها، ولكنهم فشلوا. وعودتهم ستشكل خطراً على دول الخليج ذاتها.

انطلاقاً مما ذُكر، فقد طلب نتنياهو من الرئيس بوتين منحه ضمانات بعدم قيام سورية بفتح جبهة الجولان بعد انتهاء الأزمة السورية، وكذلك بعدم تزويد الجيش السوري بأسلحة متطورة، وخاصة أسلحة دفاع جوي قد تشلّ حركة سلاح الجو «الإسرائيلي» في الأجواء السورية.

هذا الطرح «الإسرائيلي» لم يقبل به الرئيس بوتين، الذي أشار الى نتنياهو بأنّ الجولان أرض سورية محتلة، وعلى «إسرائيل» تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر في خريف عام 1967، ايّ قبل 49 عاماً. وأكد بوتين أنه يدعم تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وعلى «إسرائيل» احترام هذه القرارات وتطبيقها.

ومما أكد الموقف الصلب للرئيس الروسي، أنّ مجلس الأمن اجتمع بعد أيام عدة من لقاء بوتين ــــ نتنياهو، وأصدر بياناً واضحاً، وهو أنّ الجولان أرض سورية محتلة، ويرفض المجلس ايّ إجراءات أحادية لضمّها.

أيّ أنّ حماسة نتنياهو قادته الى ورطة سياسية، إذ إنّ العالم جدّد موقفه الرافض لضمّ الجولان، ولأيّ إجراء إسرائيلي فيه.. وتلقى صفعة سياسية كبيرة، إذ إنه أثار أمام العالم كله موضوع احتلاله للجولان، وعدم انصياع «إسرائيل» لقرارات الشرعية الدولية.

لقد كانت حسابات نتنياهو خاطئة، في حين أنّ هواجسه في مكانها، ولكنه لم يُفلِح في التعامل مع هذه الهواجس بل وسّع من دائرة تأثيرها عليه.

يدرك نتنياهو وغيره من قادة «إسرائيل» أنّ احتلال الجولان سيكنس وسيزول في يوم من الأيام… وموضوع الجولان ليس كوضع الضفة، إذ إنّ هناك دولة قوية تطالب بعودته الى سيادتها وفي أسرع وقت ممكن!

ورغم إدراكه بأنّ سورية لن تتخلّى عن الجولان، إلا انه ما زال يعيش في أوهام وأحلام.. إذ إنّ الجولان لن يبقى تحت الاحتلال الى الأبد، بل سيعود الى وطنه الأمّ، مهما مارس هو وإركان حكومته من إجراءات ومهما بنى من مستوطنات!

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024