إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

تغريدة شهيد فلسطيني

نظام مارديني - البناء

نسخة للطباعة 2017-01-10

إقرأ ايضاً


كسرت العملية الاستشهادية التي نفّذها المقاوم، فادي نائل القنبر، الصور النمطية الحزينة التي كانت تلازمنا منذ سنوات، فيها أجراس الكنائس وأصوات المآذن، حتى رائحة برتقال يافا خفتت لدرجة أننا أحسسنا وكأنها ماتت.

الشهيد القنبر في عمليته الجريئة قال لنا: سيزهر برتقالنا في أرضنا، وستقرع أجراس كنائس بيت لحم، وسيصدح صوت مؤذننا في الأقصى، وسنعطل كل أنواع الحياة في هذا الكيان الاغتصابي الاستدماري، ولن نسمح لمدننا المقدسة بأن تكون كمرآةٍ مخدوشة على قماش أكفان البجع.. أو على ضفاف الجرح الممتد بساتين حيث تندلع شهاداتنا في لون السنابل.. الغزاة سيحتاجون الكثيرَ من الصابون بعد حروب الإبادة المصنوعة لملء وقت فرارهم المقبل من فلسطيننا.. وجنوبنا السوري.

يسأل الشهيد: هل حقاً نحن من الطينِ ذاته مع هؤلاء الذين جاؤوا من أساطير يهوه؟ هُم يحملونَ الأوطانَ بكذبة في المعاملة من دون حاجة لتصريحٍ صاخب على منابر كلامٍ منافق أو إعلانٍ فارغ.. ونحنُ طرائد وطنٍ تتعلّمُ الصيدَ بأجسادِ أبنائها وتهبُ الموتَ شهادة ولاءٍ لأرض تُتيحُ لهم فرصةً لعشاءٍ باذخٍ في ملكوت السماء.. نحن خُلقنا كي يُلاحقُ العالم ومضةً البرقِ في سمائنا وهو يرى كيف ينشرُ الشهيد الأخضرَ على سِعَةِ اليابسِ في كونهِ لتزهو مرايا النسيم بوجهِ طفل يبتسم في فضاء فلسطين.

يتغابى العدو عما تكوّنَ فينا قبلَ أن يكونَ لهم مّرْبَعٌ في بلادنا الممتدة منذ أكثر من عشرة آلاف سنة وحضارة معمرة لم تنل منها معاول الوهابية التي خرجت من مؤخرة التاريخ كالشمطاء غولدا مائير.. هل نتذكر صرخة الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران عندما التقى لأول مرة مائير: يا إلهي كأنها خرجت من مؤخرة يهوه!

السؤال الذي يطرح الآن من قبل المؤمنين بهذه المقاومة البطلة التي لم تخُن التاريخ كـ «حماس»، هو هل ستكون هذه العملية الجريئة فاتحة العام الجديد للعمليات الاستشهادية في فلسطين المحتلة؟ أم ستكون نقطة تحوّل مفصلية في تاريخ المقاومة المؤمنة بصحة الاستشهاد من أجل الأرض التي بربحها نربح السماء؟

الغريب أن تتزامن هذه البطولة الواعية للشهيد الذي نفذ عمليته في سياق دحر الاحتلال عن فلسطين مع تواصل العملاء عمّا يسمّى «المعارضة السورية» و«الجيش الحر» مع المحتل الذي اغتصب فلسطين، بهدف تدمير سورية كما تعاملت «قائمة العار العراقية» مع المحتل الأميركي لتدمير العراق.. ولكن تبقى فداحةُ الأمرِ أن نسكتَ.. ولن نسكتَ.

شهادة القنبر الشجاعة كانت بطولة واعية وإيماناً بقضية خفقت في وجدانه لتصير في لحظات الوجد طاهرة شفافة نفاذة كالضوء.

الشجاعة من دون البطولة تهوّر مجاني.. ولا بطولة من دون شجاعة. هي فعل إيمان بقيمة الأمة وأهمية وجودها.. ولأنها تنطلق من سمو الغايات وتمضي إلى سمو النهايات، فهي فعل إيمان مؤيد بصحة العقيدة المحيية.

خير ما نختم به تكريماً للشهيد القنبر ما قاله شاعر عراقي مغترب:

«ولكنَّ روحَهُ البيضاءَ

مازالتْ تتلألأُ

مثلَ حمامةِ الخلقِ الأولى».

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024