إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

عين الحلوة المُرّة

بلال شرارة - البناء

نسخة للطباعة 2017-03-03

إقرأ ايضاً


المشكلة في عين الحلوة ليست فلسطينية: إنّها عربية… إسلاميّة… وربّما دوليّة.

جاء محمود عباس إلى لبنان… ذهب محمود عباس وترك خلفه رجل الظلّ عزام الأحمد ، واستمرت الاشتباكات والاجتماعات من أجل عين الحلوة ، وعلى حسابه، من دون أفق لاستراحته، واستمرّ القلق يطغى على الجوار اللبناني.

يا أخي، المشكلة ليست بين فتح والآخرين، ولا سيادة الأمن الوطني الفلسطيني على المخيم، وليست بين الفتحاويين في فتح السلطة وجماعة الدحلان، وليست بين فتح وعصبة الأنصار ومختلف أنواع الإسلاميين.

المشكلة في عين الحلوة عربية – عربية ناتجة عن انجذاب المجموعات الفلسطينية داخل المخيم إلى تأثير التمويل العربي وليس التأثير الفكري… الدخول المالي على خط العوز والحاجة الفلسطينية والمشكلات الاجتماعية .

مرّة قال لي مسؤول فتحاوي كبير: يا أخي هناك مخيم للجماعات المتأسلمة تحت المخيم… هم يملكون الأموال والأسلحة، ونحن نبيع سلاحنا لنأكل!

ومرّة أخبرني مسؤول فلسطيني: أنّ هناك كشوفات مالية تدفعها السلطة الفلسطينية للكثير من التيارات والمجموعات الإسلامية في المخيم يعني رشوات على أمل تحييدها، ولكن كلّ يوم وكلّ ما دقّ الكوز بالجرّة تنفجر قنبلة أو تحصل محاولة اغتيال وهكذا لا يهدأ الوضع في عين الحلوة .

عين الحلوة صورة لسورية في المرآة… مجموعات تشبه المتفاوضين السوريين في جنيف، مجموعة موسكو… مجموعة الرياض… مجموعة القاهرة… طيب أين مجموعة سورية؟

بصراحة أقول وأجري على الله: عين الحلوة هو في الواقع حارة كلّ من إيدو إلو . قبل مجيء محمود عباس صدرت مواقف وتحذيرات من أن يقدّم عرضاً للسلطات اللبنانية بتجريد السلاح الفسطيني، وذهب أحمد جبريل في كلمته في مؤتمر طهران بعيداً وطالب بفتح الجبهات العربية، وحاول رشّ الملح على جراح قديمة لبنانية وفلسطينية واستذكار ماضٍ بعيد…

التيارات الفلسطينية لا تريد أن تقف وأن تفكر. بعضها يحاول اللحاق بالخطوات «الإسرائيلية» التهويدية الاستيطانية وغيرها، وبعضها يتابع ملفات الدور الفلسطيني من خلال شعار المقاومة، والبعض لا يريد أن يأخذ الدروس والعبر من نتائج الغزو «الإسرائيلي» عام 1982 ومجازر صبرا وشاتيلا… ويحاول القفز فوق الوقائع الفلسطينية الراهنة والإبقاء على قضايا ضيّقة لا تتجاوز حدود المخيمات ووضع الناس فيها على محاور التماس، وفتح الباب أمام المموّلين للتعامل مع الفلسطينيين، وكأنهم مرتزقة وبندقية للإيجار.

السلطة الفلسطينية تخدع نفسها وتحاول أن تصغر المشكلات وتوجه الأنظار إلى مشكلة الدحلان الآخذة بالتوسّع على أنها مشكلة آنية، وتحاول أن تتجاهل تنامي قوة الإسلاميين في المخيم، وهي تريد أن تحوّل انتباهنا عن مؤتمر اسطنبول الذي حضره بعض المحسوبين على فتح الرئيس محمود عباس يزور تركيا أكثر من مصر والسعودية، وطبعاً إيران وفتح لا تنجح في لمّ شملها وبناء قوة لفرض النظام، وربما يكون قد فات الأوان على ذلك؟

ما حدث في الواقع هو أنه في فتح أسقطت هيبة قوات العاصفة وتحوّل كلّ ما عندها الى ذكرى: لواء القسطل، قوات الأوسط، كتيبة شهداء أيلول، والكتيبة الطلابّية انضمّت الى مؤتمر اسطنبول ، ومنير شفيق انضمّ الى مؤتمر طهران، وناجي علوش مات، وقوات النخبة الفتحاوية التي كانت تحرس العرقوب فتح لاند وقوات الميليشيا وأجنحة التنظيم ولجان الداخل التابعة للسادس غربي، كلها تلاشت، وهكذا…

ثم أنّ القيادة الفلسطينية، وبدلاً من أن تأخذ المبادرات، ترمي أحمالها على الانروا تارة، باعتبار انّ هذه الأخيرة تقلص خدماتها، او ترمي أحمالها الأمنية على الأدوار اللبنانية. هي تعرف أنّ الشرنقة الراهنة التي يعبّر عنها عين الحلوة تحتاج إلى حلّ… إلى جواب مخيّم عين الحلوة إما أن يعود فيدخل الفلسطينيين في عين العاصفة، أو أنه يفرّقهم فتذهب ريحهم ويصير أشبه بجامعة الدول العربية كلّ شارع زاروبة تنتمي لأحد للسعودية، للإمارات، لمصر، هل قلت لسورية ؟! ، لإيران، ولا أحد في مخيم عين الحلوة الفلسطيني ينتمي إلى فلسطين. وهو لم يعد قاعدة ارتكاز لـ «ثورة حتى النصر» بل ربما حملاً زائداً المطلوب وضعه على منظار التصويب وإزالته، كما المخيّمات من الأردن إلى سورية إلى… وإلا كيف ستكسب إسرائيل معركة السلام بشروط الأمن «الإسرائيلي» والتوطين ودمج الفلسطينيين في حياة الدول ومجتمعات الشتات، ويتمّ تفسير الحلم الفلسطيني بالعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة على أنه كابوس.

الآن، الاجتماعات وحركة وأفكار عزام الأحمد المحترف ربما تؤدّي الى مخارج، ولكنها ستكون مؤقتة، لأنّ الدول التي تمون داخل المخيم تكتفي الآن بالرسائل عبر مجموعاتها الى لحظة ما، ثم ستترك الحبل على الغارب وسيفلت العجل على أمه …

يا أخي بدها حلّ… المسألة ليست أنّ المخيم لم تعد تقيه المظلة الفتحاوية او الحماسوية، أنا أعتقد أنّ العجز غلب فتح وحماس على أمرهما، وأنّ الشارع الفلسطيني في الداخل والخارج أفلت من قبضتيهما. أوليست عمليات الدهس والطعن خارجة عن توجيهات غرف عملياتهما؟ وربما يكون الخوف من السطوة او القمع هو ما يؤجّل قيام الشعب الفلسطيني باشتعال ربيع عربي جديد يطالب بإسقاط نظامهما واقامة النظام او الثورة وإغلاق الباب على المرحلة السابقة التي شهدت محطات مضيئة في الانتصار المعنوي على النكبة والنكسة وقيام الثورة والمرحلة التي قادها أبو عمار ومعه سائر الأبوات، رحمهم الله من معركة الكرامة الى أوسلو ، وصولاً الى تجاوز قوات العاصفة وكتائب الأقصى ومرحلة الشيخ أحمد ياسين والجناح العسكري لكتائب القسام التي تقدّمت الى صفوف حماس الأولى سياسياً.

أقول: قبل أن يعود استقرار النظام العام ليحكم العراق وسورية ولبنان والأردن سياسياً و إسرائيل على قواعد الحلول المقرّرة لتناسب الشرق الأوسط الجديد – قبل ذلك – فإنّ أحداً على مساحة غرف عمليات الشرق والغرب والنظام الإقليمي والكيانات لا يريد ان تبقى المخيمات الفلسطينية شوكة في عين المخططات أو عبوة موقوتة تهدّد بالتحرير والعودة، لذلك اسمعوا ووعوا…

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024