إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مؤتمر القاهرة إعلان نوايا... والنوايا الطيبة لا تكفي

اياد موصللي - البناء

نسخة للطباعة 2017-03-06

إقرأ ايضاً


كثرت في الفترة الأخيرة حوادث الإعتداء على الكنائس ودور العبادة في مصر والعراق والشام من قبل العناصر الإرهابية. فمنذ عام 2011 وقعت عدة تعديات على كنائس قبطية في الاسكندرية والاسماعيلية والقاهرة، وها هي عصابات الإرهاب في سيناء تهجّرهم. وفي العراق جرت عدة عمليات واعتداءات على دور العبادة المسيحية استنكرها رجال الدين المسلمون، سنة وشيعة، باعتبارها فعلاً يتنافى مع روح وتعاليم الإسلام، كما تعرّضت المساجد السنية والشيعية لأعمال مماثلة.. حيث نسفت الحسينيات والمساجد في بغداد وعدة مدن عراقية.. وشهدت سورية أعمالاً مماثلة في دمشق وعدد من المحافظات وخطف رجال الدين ولا يزال مصيرهم مجهولاً مما استدعى القادة من مختلف الأقطار الى دق ناقوس الخطر. وعقد اللقاءات والاجتماعات والمؤتمرات الطائفية الدولية والمحلية.. وتعدّدت بيانات التآخي والتلاقي ونبذ الفرقة بين أبناء الوطن الواحد المنتمين لأديان مختلفة. وكان آخرها ما عقد في القاهرة في الأول من آذار الحالي، بدعوة من شيخ الأزهر، حيث التقى رجال الدين والفكر من مختلف البلاد العربية والإسلامية والأجنبية لبحث الأمر.

أصدر الأزهر الشريف إعلاناً يحدّد أطراً للعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين في الدول العربية، ويؤكد على مبدأ المواطنة ويندّد بالعنف والتمييز والازدراء.

الطائفية وباء فتاك مهما كان حجمها ونوعها، وتتلاقى في نتائجها مع المذهبية… وهذه النتائج هي تفتيت وشرذمة الأمة او المجتمع الذي يُصاب بهذه الآفة، لأنّ نتائج ممارستها واتباع نهجها هو قتل للمحبة والوحدة والتضامن بين أبناء المجتمع الواحد وقتل حركة التقدّم وضعف الولاء القومي وإفساح المجال للتدخلات الخارجية..

لقد وعى سعاده أخطار هذا الوباء منذ نشأ حيث كانت الطائفية يحضر لها المناخ والبيئة لتنمو وتئد الروح القومية.

ومن أجل قطع الطريق على هذا الخطر وإجهاض محاولات طمس تاريخ أمتنا واستبداله بتواريخ دينية ومذهبية.. وضع محاربة الطائفية والمذهبية في صلب المبادئ الإصلاحية للعقيدة القومية الاجتماعية حيث أوردت ما يلي:

– فصل الدين عن الدولة.

– منع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة والقضاء القوميين.

– إزالة الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب.

فالطائفية والمذهبية بوابة واسعة لعبور الأعداء والتسلل تحت عباءة الدين من أجل نفث سموم التفرقة التي ذرت قرونها في الفترة الماضية ولا تزال أنفاسها تتصاعد.. في الوحدة القومية تضمحلّ العصبيات المتنافرة وتنشأ الوحدة القومية الصحيحة التي تتكفل بإنهاض الأمة.

قبل عشرات السنين أعلن سعاده محاربة الطائفية بإبعاد الدين عن السياسة كي لا يصبح وسيلة للاستغلال ونشر الأحقاد التي تؤدّي لانقسام الأمة والوطن. وقد دفع حياته في سبيل هذه المبادئ..

انّ الطائفية لم تعرفها بلادنا إلا مع وصول الأجانب للسلطة واستغلال الدين للسيطرة عبر استخدامه وسيلة للتفرقة وفرض السيطرة..

ففي زمن الحكم التركي.. فرض على رجال الدين المسيحيين حمل صليب خشبي كبير يتدلى من الرقبة الى الصدر بحيث يضطر حامله إلى أن يبقي رأسه منحنياً، ومنع عليهم السير على الأرصفة بل وسط الطريق.. واذا مشى أحدهم على الرصيف يصرخون به طورق ايّ انزل إلى الطريق..

المسيحية روحانية إنسانية تدعو للمحبة والتآخي.. الاسلام يقول الخلق كلهم عيال الله احبهم اليه أنفعهم لعياله..

وسعاده يقول: «كلنا مسلمون لرب العالمين، منا من أسلم لله بالقرآن ومنا من أسلم لله بالانجيل ومنا من أسلم لله بالحكمة.. وليس لنا من عدو يقاتلنا في ديننا ووطننا الا اليهود…»

عند بدء الدعوة الاسلامية جاء وفد من نصارى نجران في الجزيرة العربية يريد مقابلة النبي محمد ومعرفة موقفه منهم، وكان لدى النبي وفد مرسل من ملك الروم.. فقال لعمر بن الخطاب قابلهم وقال لهم:

«دماؤكم دماؤنا وأعراضكم أعراضنا وأموالكم أموالنا.. من آذى ذمياً فقد آذاني وكنت خصمه يوم القيامة».

وفي القرآن الكريم ورد في الآية 89 من سورة البقرة:

«ولتجدن أشدّ الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا.. ولتجدن أقربهم مودة الذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى ذلك بأنّ منهم قسيسون ورهباناً وانهم لا يستكبرون…»

مجتمعنا متقبّل منفتح تتواجد فيه مختلف التيارات الروحية ولم تشهد الفتوحات العربية اية أحداث دينية طائفية ارتكبها المسلمون لدى دخولهم البلاد التي كان سكانها من أهل الكتاب.. وكانت وصية أبو بكر للقوات الذاهبة الى بلاد الشام:

«لا تقطعوا شجرة ولا تهدموا بيعة ايّ كنيسة ولا تقتلوا مسناً ولا تطاردوا هارباً…»

واليوم نجد في مدينة دمشق منطقة الباب الشرقي جميع أماكن العبادة القديمة لا تزال قائمة ولم يمسّها أذى، رغم انّ جيش خالد ابن الوليد دخل من تلك المنطقة..

وعندما جاء الافرنج والذين عرفوا بالفتوحات الصليبية، حاربهم أهل البلاد مسلمون ومسيحيون وكان الكثير من قادة جيش صلاح الدين الأيوبي مسيحيون من منطقة حوران من العرب الغساسنة قادوا الجيوش وحاربوا الصليبيين في معركة حطين.

عندما جاء الفرنسيون والانكليز بموجب اتفاقية سايكس بيكو وقسموا بلادنا اعتمدوا لفرض سيطرتهم على ايقاظ التفرقة الدينية والمذهبية عبر كيانات سياسية أوجدوها..

فإنشاء لبنان وإقامة السلطة السياسية فيه تمّ بعناوين طائفية ومذهبية من حيث توزيع السلطة والمناصب الوزارية والتمثيل الانتخابي. وفعلوا الامر نفسه في جميع البلاد ولكن معظم المواطنين تمسكوا بالوحدة القومية جامعاً مشتركاً لهم وخاصة في بلاد الشام..

وبدأت المذهبية تجد متنفساً لها بعد الاحتلال الأميركي للعراق حيث عمل المحتلّ على إيقاظ النعرات بين الشيعة والسنة.. والتحريض ضدّ المسيحيين والاعتداء على الكنائس كي تحدث الهجرة وتفرغ البلاد، وعمد العملاء الى شراء الأراضي منهم وبيعها لليهود.. خاصة في تل قوش.. والموصل.. تحقيقاً لحلم «أرضك يا إسرائيل من الفرات الى النيل…»

فاستهداف المسيحيين والمسلمين هدف رئيس من أهداف الصهيونية.. إشغال الوطن وأبنائه بحروب داخلية وتفتيت وحدته القومية والوطنية عبر حروب دينية او عنصرية.. يفسح المجال أمام «إسرائيل» لإكمال المرحلة الأخيرة والنهائية من بناء دولتها عبر الاستيلاء على الأماكن الدينية لكلا الجماعتين وضمّ المسجد الأقصى بشكل كامل ونهائي الى الهيكل ثم إزالة الكنائس والمعالم المسيحية كلّ هذا يحقق الحلم اليهودي التلمودي الذي أعلنه اليهود بصراحة ووضوح في الصفحة 262 من البروتوكول السادس عشر الذي يقول حرفياً:

«وقد سبق لنا في ما مضى من الوقت ان بذلنا جهداً لإسقاط هيبة رجال الدين عند «الغوييم» المسيحيون خاصة وكلّ ما هو غير يهودي عامة وقصدنا بذلك ان نفسد عليهم رسالتهم في الأرض وهي الرسالة التي لا تزال بنفوذها عقبة كأداء في طريقنا ولا نرى هذا النفوذ في الوقت الحاضر الا في تناقص يوماً بعد يوم، أما حرية الضمير فقد انتشرت وعمّت في كلّ مكان وبتنا الآن لا يفصلنا عن رؤية الدين المسيحي قد انهار تماماً سوى بضع سنين، أما ما يتعلق بالديانات الأخرى فالصعوبة التي سنلاقيها في تعاملنا معها تكون أقلّ. ولكن من السابق لأوانه ان نتكلم عن هذا الآن، وستضيّق الحلقة على الكهنوتية ورجال الكهنوب لنجعل نفوسهم تنكمش وترجع القهقرى بالقياس الى ما كان لهم من فلاح في الماضي…»

انّ ما يجري بحق المسيحيين هو عمل تدميري لروح الاسلام وجوهره الخلقي وقد عرف التاريخ الكثير من المحاولات لحرف المسلمين وإدخال مفاهيم مغايرة لحقيقة ما نادى به الإسلام من محبة «الخلق كلهم عيال الله أحبهم اليه أنفعهم لعياله…» كثيرون حاولوا أمثال مسيلمة الكذاب الخوارج مزدوك مؤسس دولة المزدكية المنادية بالإباحية والشيوع في عهد الملك قباذ عام 488 وعبدالله بن سبأ اليهودي اليمني الذي أعلن اسلامه وبعد وفاة النبي نادى بألوهية الإمام علي بن ابي طالب..

انّ ما تتعرّض له المسيحية والإسلام عمل منظم هيّئ له باتقان من قبل العناصر اليهودية..

ففي صفحة 205 من البروتوكول الخامس يقول: «… متى ولجنا أبواب مملكتنا لا يليق بنا أن يكون فيها دين آخر غير ديننا وهو دين الله الواحد المرتبط به مصيرنا من حيث كوننا الشعب المختار وبواسطته ارتبط مصير العالم بمصيرنا فيجب علينا كنس جميع الأديان على اختلاف صورها».

ومن الطبيعي عندما تُكنس الأديان يُكنس معها حاملوها وهكذا تسود إسرائيل ولهذا تصرّ على إعلان يهودية الدولة كجزء أساسي من هذا المعتقد «منى يستمدّ الملوك سلطتهم. فالرايات الاسلامية التي ترفع على رؤوس التنظيمات التكفيرية هي عنوان كاذب لكلّ ما يمتّ الى الإسلام شكلاً ومضموناً.. وهذا يكشف عمق المخطط الذي وضعته الصهيونية لتدمير أمتنا..

انتبهوا.. واحذروا فالخطب والمقالات لا تشكل حلاً ولا رداً للعدوان. هي صرخة وتحذير، والعلاج في تطبيق المثل القائل «وداوها بالتي كانت هي الداء…» وخير الدواء الكيّ…

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024