إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مسيرة الحوار والمتابعة ...!. آستانة ، من السلال الأربعة إلى المناطق الأربعة .

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2017-05-09

إقرأ ايضاً


لا حدود للجدل في موضوع المناطق منخفضة التوتر الأربعة ، ولا اتفاق داخل البيئة الوطنية على جدواها بحيث لا تتطابق حسابات هذه البيئة التي تنتظر الانفراج ووقف حمام الدم والعودة إلى الحياة الطبيعية والتواصل ، مع الرؤية الرسمية وخطط الحلفاء لما تم انجازه .

نعلم أن لقاء آستانة 3 تمخض عن اعلان الدكتور الجعفري الاتفاق على مجموعة من البنود أسماها السلال الأربعة وكان أهمها محاربة الارهاب الذي حاز أولوية مطلقة وتم الانتقال بعدها إلى جنيف حيث قاطعت الفصائل المسلحة المباحثات وأصر بعضها على مطالب تعود بالحوار إلى نقطة البداية أي العودة إلى نقطة الصفر مع طرح وتكرار عناوين جرى اسقاطها حتى من قبل مشغليهم وداعميهم وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية في موضوع النظام والرئاسة ، وأن ذلك يقرره الشعب السوري ومعنى ذلك إحالة الأمر إلى صناديق الاقتراع ، وهذا ما رفضته المعارضات التي تصر على تسلم الحكم رغم هزالتها وعدم أهليتها ، الأهم رفض عامة الشعب لها حتى بنتيجة انتخابات تحت اشراف دولي ، يرفضون الانتخابات حتى وهم يرفعون شعارات الحرية .!.

لقاء جنيف ذو الرقم المتسلسل .. 5 .. لم يتمخض عن أكثر من اتفاق للعودة إلى آستانة 4 ، وكأن في الأمر سرا ، من يقبل المشاركة هنا ، يرفض المشاركة هناك ، وبدا أن الجانب الروسي يعتبر آستانة ملعبه المفضل يشاركه الايراني والتركي ، وإذ لم يرفض الجانب التركي فقد تحفظ الأمريكي ومعه الغرب واكتفوا بالمراقبة ، وقيل أن الإدارة الأمريكية أعطت ما يشبه الضوء الأخضر للقاء بتأييد مسبق لما يتمخض عنه ، وربما عبر الرئيس بوتين بشكل ما عن دعم الادارة الأمريكية وتعهد تركي بعد زيارة أردوغان ، ومن المرجح أن الخطوط العريضة لمشروع الاتفاق على المناطق الأربعة كان جاهزا ينتظر مناقشة التفاصيل التي لم يتم الاعلان عنها ، بما في ذلك الحدود والرقابة والعمليات والردود على الخروق بعد فرز جغرافية النصرة ومن معها ، وداعش ومن بايعها عن أولئك المتعهدين الالتزام لإخراج النصرة وداعش ، أو الابتعاد عن مواقعهما ، وقالت بعض الفصائل أن مشروع المناطق الأربعة لخفض التوتر هي مشروع حرب داخلية بين الفصائل أكثر منها مشروع لوقف النار ونزيف الدماء .

بعد أيام من تطبيق الاتفاق أو إعلان بدء سريانه لم يتغير شيء على أرض الواقع ، ربما توقف القصف الجوي والمدفعي – الصاروخي لهذه المناطق ، بالمقابل لم تتوقف عمليات استهداف المناطق المتاخمة لبعض هذه المناطق وقصفها وسقوط ضحايا من المدنيين وخصوصا في ريف حماه الشمالي والغربي ، ومناطق محيط سلمية ، وقد يبدو للمراقب أن أغلب هذه المناطق لا وجود فيها للفصائل التي ارتبطت باتفاق وقف النار وخفض التوتر وأن القرار فيها ما زال بيد النصرة هنا ، وداعش هناك ، وأن الدخول في تفاصيل العمليات وطبيعة المناطق الأربعة كل واحدة على حدة لا يعطي للمواطن هامشا ضئيلا من الأمل ، وبعضهم يعتبر أن المناطق المعنية بخفض التوتر حصلت على حماية دولية من نوع ما ، فيه تقييد لحرية العمل العسكري الرسمي المدافع عن الشعب والوطن ، وفي هذا الكلام مجانبة للصواب تماما ، فالردود مشروعة وليست مقيدة ، والانتظار لأيام كمهلة ريثما يتحقق الفرز العسكري ضمنها لا يعني تقييدا لحرية وشرعية هذا الرد لكنه ضرورة وقتية ليس أكثر فالتشابك الداخلي بين الفصائل يبلغ أقصاه ، ولا بد من عمليات قد تكون دموية لحصول الانفصال والفرز ووضوح الجغرافية النهائية ليمكن تطبيق القرار بشكل تام ومتابعة الحرب على الجماعات الارهابية حسب التصنيف المحلي والدولي وليس العكس تماما .

الأكبر والأكثر اساعا بين المناطق الأربعة هي في ادلب ، محافظة بكاملها مضافا اليها مساحات صغيرة في ريف حلب وبشكل أقل في ريف حماه الشمالي الغربي وفي بعض نقاط التماس مع ريف اللاذقية ، وبدا واضحا أن حركة تخريب الشام " النصرة " تشكل أغلبية المسلحين والأكثر امكانيات ومستودعات وآليات وربما ساهم بذلك الامداد القطري عبر تركيا التي أصبحت طرفا ضامنا وملتزما بوقف ومنع هذا الامداد ، ونظرا لهذا الواقع نجد بعض الفصائل تواكب هذه الجبهة وتقف معها رغم أن قياداتهم في مناطق أخرى قد التزموا وقف النار والمصالحة ، وإذاً ، الواقع يفرض نفسه ، بسبب من البناء العقائدي الهش وضعفه ودور الاغراء المالي أو التحريض ، ويستمر سلوك الفصائل على نفس الوتيرة من خرق وقف النار وقصف مناطق متاخمة بالصواريخ والهاونات في محردة وسلحب والسقيلبية وغيرهم ، وما تزال الردود ضمن الحدود الدنيا .

المنطقة الثانية في الرستن – شمال حمص ، متاخمة لريف حماه الجنوبي والشرقي ، وكل ما قيل عن سيطرة كتائب الفاروق على أنها من الجيش الحر سقط أمام حقيقة أنهم من فصائل النصرة " حركة تخريب الشام " وأن اعتداءاتهم ما زالت مستمرة وبوتيرة عالية أغلب الأحيان على قرى وبلدات ريف سلمية حيث يقتصر الوجود العسكري على مفارز صغيرة مدعومة بمتطوعين محليين يدافعون عن أنفسهم ومزارعهم وقد سقط منهم الكثير من الضحايا ، أما إلى الشرق قليلا فهناك داعش ومعها جماعات مختلفة بايعتها وتتعامل معها بدافع المال والغنائم ، إذا ما علمنا أن عشرات القرى شرق سلمية تم تهجير سكانها ونهبها ، وجدير بالذكر أن ريف شمال غرب سلمية يتاخم حدود المعرة الشرقية وهذه أيضا تتعرض لهجمات متكررة ، كما أن امتداد سيطرة الحركة غربا إلى منطقة الحولة يسمح لها التحكم بالطرق المؤدية إلى منطقة ريف حماه الغربي ، حمص – مصياف وتقوم أيضا بالاعتداء على القرى المحاذية لها على امتداد الطريق من الغور الغربية إلى عقرب شمالا .

الغوطة الشرقية من حدود المطار الدولي إلى الضمير على طريق دمشق بغداد إلى دوما شرق الطريق الدولي ، دمشق - حمص ، مع ما فيها من جيوب يسيطر عليها الجيش والقوات الرديفة تبدو من السهل الممتنع ، فقد بدأ الصراع فيها مبكرا ، قبل مشروع المناطق الأربعة منخفضة التوتر ، والمرجح أن الصراع لم يكن استجابة لتفاصيل المشروع بقدر ما كان صراعا على المكاسب أو تعبيرا دقيقا عن تنازع النفوذ بين الأطراف الراعية والمشغلة ، سعوديا ، قطريا ، تركياً .. وهكذا ، وما تسرب بعد ذلك من ورود مبالغ مالية مغرية كانت السبب المباشر ، وحتى اللحظة ، بعد مرور أيام على تطبيق القرار لا يبدو أن الالتزام كاملا ، بل حصلت أكثر من حادثة اعتداء على المناطق الآمنة على أطراف دمشق وقوبلت بالرد المناسب .

الأقل شأنا بين المناطق الأربعة هي منطقة الجنوب – في محافظة درعا ، لكنها الأخطر بما يتوفر لفصائلها من دعم لوجستي وتواصل مع قيادة العمليات في اربد والزرقاء ، وقد ازدادت المخاطر وارتفعت حدة التوتر بوجود حشد عسكري غربي أمريكي – بريطاني واجراء مناورات مع القوات الاردنية مترافقة بتصريحات عدائية من المسؤولين الاردنيين وعلى رأسهم الملك ، ولو نظرنا إلى وجود أي فصيل من المسميات التي قبلت المصالحة والتزمت القرار لوجدنا أنها في الحدود الجغرافية الدنيا ولا يحسب لها حساب إذ تسيطر داعش والنصرة على أكثر من 90% من المساحات المفتوحة على الجنوب الاردني وعلى الجنوب الغربي والغرب المحتل من قبل العدو الصهيوني ، ولهذا لا أمل في تنفيذ المشروع وتبقى هذه المنطقة هدفا للضرب في كل لحظة مع استمرار عدوان من فيها من فصائل على الجيش والمناطق الآمنة .

الأكثر أهمية في مشروع المناطق منخفضة التوتر لم يتم التطرق اليه ، وهو حرية الانتقال على الطرق الدولية للمدنيين ، ولم تتبلور وتتضح نقاط المراقبة على معابر التماس مع هذه المناطق ، من وجود للقوى الضامنة اضافة إلى قوات الجيش الوطني ، ونعلم أن الطرق الدولية مهمة للغاية بالنسبة للسكان في الداخل وخصوصا في المناطق المذكورة ، وأيضا بالنسبة لدول الجوار ومنها لبنان والأردن والعراق .

فتح الطرق الدولية والسيطرة على المعابر الحدودية وعودة الحركة الطبيعية اليها تفتح أبواب الحركة التجارية وتعيد النشاط إلى الحركة الاقتصادية التي تأثرت إلى حدودها القصوى وأثرت على الحياة المعيشية للشعب في الداخل السوري والأقطار المجاورة كما أدى لفقدان الكثير من السلع ومنع التبادل وغلاء الأسعار ، وهذا ما رمت اليه الحرب الدولية على المنطقة خدمة لاقتصاديات الغرب ومعه تركيا ، وبالدرجة الأولى خدمة للعدو الصهيوني وقد تغافل مشغلو فورة الربيع الكاذب وقياداتها المقيمون في فنادق النجوم الخمسة عن هذه الحقيقة ، عمالة ونذالة ما بعدها ، ويتمنون الاستمرار فهي فرصتهم لزيادة الكسب إذ يوقنون أن لا عودة ولا مكان لهم في مستقبل سورية .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024