إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

«عُدّوا للعشرة... أو للعشرين معليش»!

أسعد البحري - البناء

نسخة للطباعة 2017-06-13

إقرأ ايضاً


أيّها السوريون، مقيمين كنتم أم منتشرين، مهاجرين أم مهجّرين، أنتم تحملون في ثناياكم الحقّ كلّه والخير كلّه والجمال كلّه، وآمل ممّن تتسنّى له قراءَة هذا النص

أن يكمل قراءته.

اعلموا أنّه ما أحبّ الوطن وتعلّق به أحدٌ مثل السوريين عبر التاريخ، ولكم في قصة الملكة أليسار المثل الدليل، وقصص كثيرين غيرها. إنه الإثم الكنعاني وقد تحدّث عنه الزعيم أنطون سعاده في كتابه «نشوء الأمم» فإن حصل بين أحدٍ منكم وآخر خلاف في طريقة تعبيره عن حبّه لوطنه، فلتتريّثوا في إطلاق الأحكام، ولا تتسرّعوا.

خوفي عليكم من الندم عندما لا ينفع الندم. فإنَّ الكلمة تبقى ملك الفرد إلى أن تقال أو تُنشر، فإن قيلت أو نُشرت أصبحت ملك مَن تصل إليه قلّ العدد أم كَثُر. لذلك

تريّثوا في الكتابة وفي الكلام، مختارين الألفاظ والتراكيب، فلا عِلمَ للكلام إلا في تاريخنا السوري، عودوا إليه وتعلّموه من جديد، ولا يقولَنّ أحدٌ: «إلي هذا الكلام يُقال؟». نعم إليكَ رفيقي، وإليكِ رفيقتي، وإليكم أصدقائي، وإليَّ أنا قبلكم جميعاً.

إنّ ما تمرّ به بلادنا وما تتعرّض له إنسانيتنا السورية الخاصة قد تجاوز المألوف كله في الحروب والكوارث، ولذلك لا بدّ من تأثير تغيّراتها السلبية التي تنعكس على عقولنا وتصرّفاتنا، لكن وطننا بفئاته وأطيافه كافة تعرّض سابقاً لما يشبهها من محن وحروب ومجاعات، وقد يكون ما لم يصلنا أكثر قسوةً ممّا يحصل في هذه الحقبة، وقد تجاوزها أجدادنا، واستمرّت الحياة كما أرادوا هم، لا كما أراد أعداؤنا.

ومنذ فجر القرن الماضي، والسوريون من الكيانات كافة ومن الأطياف كافة يهاجرون. منهم مَن يطلب الرزق وآخرون يطلبون العلم، أو الهروب من الموت اليومي الذي فرضته الحروب المتكرّرة علينا من قوى الشرّ والظلام وشياطين المال.

لا فرق بين مغترب ومقيم في حساب الوطن، إلا بمقدار ما يعمل كل منهم لتحقيق مصلحته. فالمغتربون ساهموا كثيراً في بناء الوطن وما زالوا. والمقيمون يدركون حاجات الوطن وآلية الحركة أكثر. لذلك، فإنّ التعاون هو المطلوب، لا التناحر والجدل واتخاذ المواقف السلبية في هذا الوقت الذي نحن فيه بأشدّ الحاجة إلى بعضنا بعضاً. فإن أحسّ أحدٌ أنه أخطأ تجاه الآخر، أو أحدٌ أشار إليه أنه ربما أخطأ، فما المانع من الاعتذار؟ أليس أفضل من التعنّت؟ إنّ الكيل للآخرين بالتهم والتهجّم والإساءة أمور سهلةٌ جدّاً، وباستطاعتك اليوم أن تخلق مئات الخصوم خلال خمس دقائق، وبخاصة بعد هذا التطوّر الهائل في وسائل الاتصال لكنك تحتاج إلى مئات الدقائق وعشرات الاتصالات لتصلح ما اقترفت. هذا عدا عن تدخل الآخرين وما ينجم عنه. فلماذا إذن لا تتريّث في حكمك على الآخرين لينضج فهمك لهم؟ إنَّ النظر من المنظار الشخصي البحت غالباً ما يوقعك في الوهم، المطلوب اليوم هو العقل المركّب، الفعل الجمعي الذي يترفع عن نزق الفرد وهواه وعن حماسه أيضاً، ليثبت فيه ما هو حق وجميل.

نعم، قد تكون فكرتك صحيحة، لكن كي تتجسّد فعلاً يجب أن يتبنّاها الناس ويقتنعوا بها وتكون متينة في مضمونها وعامة في هدفها وغير فردية. المقيمون يا صديقي هم أقدر على تحديد متطلبات المرحلة، والمغتربون هم أقدر على المساعدة والعون، ليس أكثر، لأنهم لا يستطيعون مخالفة القوانين في بلدان الانتشار، وتأسيس منظمات ومؤسّسات لمواجهة اللوبي الصهيوني ومقاومته. وهذا اللوبي يشكل السبب الرئيس في ما تتعرّض له بلادنا منذ حملة نابليون بونابرت على بلاد الشام، وهزيمته أمام أسوار عكّا الحصينة، مروراً بالأحداث والاتفاقيات كلها التي استهدفت بلادنا حتى اليوم.

أحبوا بعضكم بعضاً وتعاونوا على تنفيذ مبدأ «مصلحة سورية فوق كلّ مصلحة»، فإن استطعتم أفلحتم، وإن لم تستطيعوا فإن قلّة الكلام أفضل. كلّكم متساوون في الحقوق والواجبات، ولا يزايدنّ أحد على أحد.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024