شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2018-01-18
 

خريطة الطريق القومية لمواجهة السيناريو الاحتياطي لمخطط تقسيم سورية

معن حمية - البناء

قبل ثمانين عاماً، حذّر مؤسّس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعاده من الخطر التركي، وفي مقال له في جريدة «النهضة» 1937 قال: «الخطر اليهودي هو أحد خطرين أمرهما مستفحل وشرّهما مستطير، والثاني هو الخطر التركي … الأتراك قد أخذوا منذ الآن يحسبون الإسكندرون السورية تركية ويوثقون علاقاتهم القومية بها حتى أنهم أطلقوا عليها اسماً تركياً جديداً. ولم يكتفوا بذلك، بل هم يتطلّعون الآن إلى ما أمام الاسكندرون، إلى حلب ثم الجزيرة».

تحذير سعاده من الخطر التركي، ليس هو الموقف الوحيد من مسألة اللواء السليب، بل هو ضمن سلسلة مواقف، منها إعلانه تاريخ 14 كانون الأول 1936، يوماً للحدود الشمالية، وهو التاريخ الذي وجّه فيه مذكرة إلى الجمعية الأمميّة يؤكد فيها أنّ الاسكندرون جزء متمّم للوطن السوري.

مواقف سعاده وخطبه حول خطر تركيا وأطماعها في الشمال السوري، لأنه أدرك حقيقة المؤامرة التي تُحاك بين فرنسا الدولة المنتدبة وتركيا، فقرّر التصدّي من خلال استنهاض السوريين للوقوف بوجه هذه المؤامرة، وبوجه سياسات الحكومة الكتلوية في الشام إزاء هذا الخطر المحدق.

وسعاده في تصدّيه لمؤامرة سلخ الأسكندورن، ارتكز إلى المبادئ الحقوقية، فهو عيّن جغرافية الأمة وحدودها، وأعلن في المبدأ الأساسي الأوّل لحزبه، بأنّ «سورية للسوريين والسوريون أمة تامة»، ولذلك وضع في رأس سلّم أولوياته مواجهة الأطماع والغزوات والاحتلالات الاستعمارية واليهودية.

وعليه، فإنّ إعلان تركيا في العام 1939 ضمّ الاسكندرون إليها، جاء ليوكد صحة تحذيرات سعاده، وليؤكد حقيقة المؤامرة بين فرنسا وتركيا.

اليوم، تواجه بلادنا مؤامرة شبيهة بتلك التي حصلت في ثلاثينيات القرن الماضي، والهدف هو تكريس احتلال أراضٍ سورية وضمّ أجزاء منها إلى تركيا، وأخرى لإقامة قواعد أميركية. والأميركيون والأتراك يعتبرون أنّ القرار الدولي رقم 2254 الذي يؤكد وحدة سورية غير موجود، تماماً كما جرى التعامل مع مقرّرات عصبة الأمم التي أقرّت بسيادة سورية على اللواء السليب، ومخالفة صكّ الانتداب الذي يمنع الدول المنتدبة من التصرف بحقوق الدول الواقعة تحت سلطة الانتداب.

وكما استغلّ الأتراك والفرنسيون مواقف الكتلة الحاكمة في الشام لتمرير سلخ الاسكندرون قبل نحو ثمانين عاماً، فإنّ تركيا وأميركا لتحقيق أهدافهما تستغلان اليوم شريحة سورية الأكراد ، تركيا من موقع محاربتهم على اعتبار أنهم إرهابيون، وأميركا من موقع ادّعاء صداقتهم، وجعلهم أداة لتكريس احتلالها، وفي كلتا الحالتين النتيجة واحدة، هي جعل السوريين في المناطق المستهدفة، أكراداً وغير أكراد بمثابة كبش محرقة ووقودٍ لنار الغزوات الجديدة.

أميركا أعلنت أنها ستشكل قوة مؤلفة من 30 ألف عنصر من السوريين جلّهم من الأكراد لإقامة شريط حدودي كالذي أقامته «إسرائيل» في جنوب لبنان، وتركيا تعدّ العدّة لاجتياح مناطق سورية جلّ سكانها من الأكراد، للغاية نفسها إنه السيناريو الاحتياطي لمخطط التقسيم والتفتيت الذي بدأ مع ما سُمّي الربيع العربي.

وفي مواجهة كلّ هذه الأخطار والتحديات، فإنّ خريطة الطريق القومية دفاعاً عن أرضنا وحقنا، هي التصدّي للغزوات الجديدة ومواجهة مشاريع التفتيت بالصمود والمقاومة. وهو النهج الذي أرساه سعاده ضدّ أعداء أمتنا والطامعين بأرضها وثرواتها.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه