شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2018-04-25
 

خطاب تحريضي مقيت لحواصل و«فتوحات» انتخابية

معن حمية - البناء

من المسّلم به أنّ القانون الجديد للانتخابات النيابية اللبنانية يحمل «جينات» طائفية موروثة من القانون القديم ظهرت من خلال تقسيم الدوائر الانتخابية، غير أن اعتماد النسبية، – رغم محدودية مفاعيلها ضمن دوائر مقسّمة طائفياً -، شكّل فرصة لتحقيق الحد الأدنى من صحة التمثيل، وباباً للتنافس الديمقراطي بين أصحاب البرامج وحاملي الأفكار، إلاً أن هذه الفرصة تبدو منعدمة الجدوى مع قوى طائفية ومذهبية تتكفّل دائماً بتقويض الفرص وإعاقة أي مسار يؤدي الى قيام دولة المواطنة والعدالة.

كان المأمول من اعتماد النسبية في القانون الجديد، ـ وإن كانت مطيَّفة ـ، أن تحرّض القوى والتيارات على خوض الانتخابات على أساس البرامج والرؤى، ولكن، هذا الأمر لم يحصل، لأن بعض القوى قرّرت أنّ تعزف انتخابياً على الوتر الطائفي، ولم تكبّد نفسها عناء وضع البرامج واكتفت بإطلاق الوعود. وحين اكتشفت أن الناس لا تكترث بالوعود الكاذبة، كشّرت عن أنيابها ولجأت إلى التجييش طائفياً ومذهبياً بخطاب تحريضي مقيت، لتحقيق حواصل و«فتوحات» انتخابية.

إن أخطر ما ترمي إليه خطابات التحريض الغرائزية، إقامة جدران فصل طائفي ومذهبي بين اللبنانيين. وهذا النتوء برز في مناسبات عدة، بحيث لا يفوّت أصحاب هذا الخطاب فرصة للادعاء بأن بيروت «مطوّبة» لهم، في محاولة لانتزاع هوية بيروت الوطنية الجامعة. كما أن هؤلاء، وبدلاً من أن يتوجّهوا إلى الأرياف والأطراف سالكين طريق الإنماء والاهتمام بشؤون الناس، – وهم بحكم موقعهم في الحكومة قادرون -، فإنهم يتوجّهون إلى المناطق، لتحريض أهلها على البقاء رعايا طوائف ومذاهب، وللتخلّي عن حقهم الطبيعي في أن يكونوا مواطنين أحراراً.

وعليه، يتبين أن بإمكان القوى الطائفية إجهاض أي محاولة لتخليص لبنان من آفات الطائفية والمذهبية والفساد، طالما أن لا رادع يردعها عن استخدام سلاح التحريض المحرّم وطنياً وأخلاقياً وإنسانياً.

بالمفهوم الوطني وبموجب ما نصّ عليه الدستور «فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان»، يجرّم كل من يستخدم خطاباً تحريضاً طائفيا مذهبياً تفتيتياً وفئوياً. وللوصول إلى مرحلة يُطبّق فيها الدستور وتُحترم فيها مفاهيم الوحدة الوطنية، فإن من واجب اللبنانيين أن يصوّتوا في الانتخابات النيابية لصالح القوى التي تعمل من أجل وحدة لبنان واللبنانيين، ومن أجل دولة العدالة والمواطنة، الدولة القوية العادلة والقادرة.

السادس من أيار فرصة اللبنانيين كي يؤكدوا مواطَنتَهم الحقيقية.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه