شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2018-05-01
 

دونالد ترامب يجدد التاكيد انه سيسحب القوات الأميركية من سوريا في وقت قريب

د. بيير عازار

دونالد ترامب يجدد التاكيد انه سيسحب القوات الأميركية من سوريا في وقت قريب/ وإيمانويل ماكرون يبعث بوحدات عسكرية فرنسية

الى شمال شرق سوريا في تكريس علني لفائض المخزون الاستعماري المدمر لشرعة حقوق الانسان

مكرهاً جدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب التاكيد ان القوات الأميركية ستغادر سورية في وقت قريب بعد ان " تمت هزيمة تنظيم داعش " ؛ واعتبر ان بقاءهم له تكلفة كبيرة ،الا في حال ارادت السعودية ( مملكة الاٍرهاب )بقاء الأميركيين ، فانه يتوجب عليها دفع التكاليف ، لافتاً الى ضرورة ان يرسل الحلفاء ( فرنسا وبريطانيا ) قواتهم الى الاراضي السورية ...

هذه التصريحات الملتبسة للرئيس ترامب اثارت عاصفة من التساؤلات في الوسط السياسي والعسكري الأميركي ؛ وقد توجت باستطرادات معاكسة عبر عنها " دوغ باندو " مستشار الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان ، حيث قال : " ان سياسة الولايات المتحدة في سورية غير شرعية ؛ لان الكونغرس الأميركي لم يوافق على مشاركة القوات الأميركية في مقاتلة حكومة الرئيس السوري بشار الاسد ( الشرعية ) ، أو القوات الإيرانية والمدعومة من ايران ، وان مواصلة النهج الذي يحمل طابعاً غير شرعي يعني تاكيد وفاة الدستور الأميركي الذي يقضي بموافقة المشرعين على أية عملية عسكرية خارج البلاد " .

هذا الكلام ينطبق أيضا على بريطانيا وفرنسا اللتين شاركتا في العدوان على سورية ، وهو ما اعترض عليه مجموعة كبيرة من البرلمانيين البريطانيين والفرنسيين.

هذه التطورات السياسية في واشنطن تزامنت مع وصول وحدات عسكرية فرنسية خاصة قبل بضعة ايّام الى احدى القواعد العسكرية الأميركية في منطقة رميلان بمحافظة الحسكة شمال شرق سوريا ، " لدعم المقاتلين الكرد هناك " وفق ما نقلت وكالة الأناضول ، التي اضافت ان الوحدات العسكرية الفرنسية - التي لا يتجاوز عددها اكثر من سبعين عسكرياً- نفذوا بمركباتهم المدرعة دوريات مشتركة مع الجنود الأميركيين في مدينتي منبج والرقة وبعض مناطق دير الزُّور وبمرافقة مقاتلين كرد؛ حيث عقدوا اجتماعين مع قادة الوحدات

الفرنسية في مدينة منبج ، وتم تزويد الكرد باسلحة ومعدات عسكرية فرنسية .

وانتشرت القوات الفرنسية الخاصة في خمس مناطق شمال شرق سورية تحت لواء ما يسمى بالتحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش

الإرهابي الذي تقوده الولايات المتحدة ( نذكر ان الأميركيين هم من أوجدوا داعش وهو الامر الذي اقرت به هيلاري كلينتون في كتاب لها صدر قبل أربعة أعوام بعنوان : رهانات صعبة ؛ وهي لم تخف سرا عندما قالت : " يجب تدمير سوريا بالكامل حفاظا على أمن الدولة اليهودية " ؛ ومن ثم دعم الفرنسيون داعش بالسلاح والعتاد وفق اعترافات الرئيس السابق فرانسوا هولاند- المصاب بمرض الشيزوفرانيا- والتي ادلى بها للإعلامي والديبلوماسي الفرنسي كزافييه بانون قبل سنوات خلت ) .

وكانت معلومات رشحت عن الطرفين الفرنسي والاميركي افادت بوجود اتفاق بين باريس وواشنطن يقضي بان يكون للقوات الفرنسية ( المحتلة طبعا ً ) تواجد قوي في شمال شرق سورية في المرحلة الآتية ، وايضاً دور في تنظيم الإدارات المحلية والتخطيط لها في المرحلة المقبلة على مستوى العديد من المناطق السورية؛ وهذا يفسر الى حد كبير وصول الوحدات العسكرية الفرنسية الى شمال سورية ، وانتشارها في مناطق التماس مع قوات الاحتلال التركية والفصائل الموالية لها في منطقتي جرابلس والباب شمال شرق حلب .

ان فرنسا التي لا تزال تتشدق بحريات الأمم وبمبادىء حقوق الانسان وقيم الحرية والديمقراطية ؛ تدرك اكثر من غيرها انها قوات احتلال ، وهي لم تأت الى سوريا بطلب من الحكومة السورية الشرعية ، بل جاءت كقوات غازية ومحتلة ؛ كما تدرك ان إرسال بعض وحداتها لعسكرية

الخاصة الى شمال شرق سوريا ، ما هو الا لتظهير حقيقة فرنسا ، وهي ان المخزون الاستعماري الفرنسي فاض مجددا ، وعادت النغمة الاستعمارية لتعزف بلحن نشاز على احتلالات الامس لدول وشعوب قاومتها وطردتها بعد ان ارتكبت العديد من المجازر الاليمة بحق الشعوب في سوريا ولبنان والجزائر على سبيل المثال لا الحصر .

ومثلما سال لعاب فرنسا على دولارات "المملكة الوهابية " ، حيث عقدت معها صفقات لبيع أسلحة فتاكة ، وهي تدرك ان "مملكة الاٍرهاب " ستستخدمها في حربها المجنونة/الإبادة على اليمن ، مبررة ذلك بان مصالح فرنسا العليا تقتضي تلك الصفقات التي تتجاوز حدود الانسانية طبعا ؛ كذلك بدا لعاب فرنسا يسيل على الاكتشافات النفطية الهائلة التي تم ويتم اكتشافها في شمال شرق سوريا...ونكتفي بالاشارة هنا الى ابرز حقول النفط في محافظة الحسكة ، اَي في المحافظة التي تمركزت فيها الوحدات العسكرية الفرنسية :يقدر بعض الخبراء عدد الآبار النفطية التابعة لحقول رميلان بقرابة 1322 بئرا ، فضلا ً عن وجود حوالى خمس وعشرين بئرا من الغاز في حقول " السويدية " بالقرب من حقل رميلان ، بالاضافة الى حقول غنية جدا تقع في مناطق "الشدادي " و " الجبسة " و " الهول " ،

وايضاً الحقول الواقعة بالقرب من " مركده " و " تشرين كبيبة " في ريف الحسكة الجنوبي .

تبقى الإشارة الى ان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، وجرياً على ما تشدق به سلفه فرانسوا هولاند مراراً من ان فرنسا قادرة لوحدها على احتلال سوريا ، لم يخجل من التاكيد ان القوات العسكرية لكل من فرنسا والولايات المتحدة يجب ان تبقى على الاراضي السورية( في تحريض مباشر على احتلال شمال شرق البلاد ) لبناء سورية جديدة - العراق نموذجاً - ومنع انتشار النفوذ الإيراني على حد تعبيره .

ونحن بدورنا وبكل تواضع نذكر المسؤولين الفرنسيين وايضاً الشعب الفرنسي المغلوب على أمره ؛ بان استهداف سوريا من قبل الولايات المتحدة وفرنسا منذ عشرات السنين ، وتحديدا منذ احتلال الغزاة الأميركيين للعراق في العام 2003 ، إنما يهدف الى الإطاحة بالنظام السياسي الشرعي في سوريا ، وهو لم ولن يذعن للاملاءات الأميركية /الفرنسية ، ولن يتخلى عن دعمه للمقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي، كما سيواجه مشاريع التقسيم والهيمنة التي تسعى اليها باريس وواشنطن ...ومن يعش ير .


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه