شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2018-06-19
 

على ميركل ألا تستبشر «خيراً» في بيروت

روزانا رمّال - البناء

ربما يختلط على جزء كبير من الأفرقاء في لبنان أن مسألة التعاطي مع النزوح على أراضيه لم تعد واقعة ضمن لعبة النقاط واحتسابها ضمن مشاريع إقليمية تغير المعادلات. وإذا كانت الانتخابات النيابية قد أفرزت شيئاً جديداً فهو بالتأكيد الواقع الذي يقول تحقيق حزب الله وحلفائه نتيجة جيدة تعطيه ضمانة أربع سنوات تمنع تمرير قوانين كالتوطين وما شابه ذلك أو حتى الاندماج الذي سوّقت له الأمم المتحدة. ما أخذ وزير الخارجية اللبناني الى اعتراض في جنيف منذ سنوات اي ما قبل عودة السجال المحلي.

بالعودة الى مرحلة ما قبل الانتخابات النيابية سرّب للرأي العام وثائق نقضتها السفارة السعودية تتحدث عن سيناريو يتطلب دعماً لمرشحين معارضين للدولة السورية وخصوم حزب الله العموديين من أجل حصد أكبر عدد ممكن من المقاعد النيابية، ما قد يمكن الدول الإقليمية او المجتمع الدولي الراغب في جعل لبنان مخرجاً مناسباً للجوء من تكريس البقاء «المقونن» لهؤلاء، بحيث لا يشكل النازح السوري أي نوع من التهديد لدول الجوار، خصوصاً دول حوض البحر المتوسط اضافة الى رغبة خليجية بتمرير مشروع التوطين لأسباب ديمغرافية تتعلق بترجيح كفة الوجود «السني» في لبنان على الوجود الشيعي.

عن هذه الفرضية يقول مرجع حزبي كبير لـ «البناء» إن «هذا الخيار ليس ناجحاً، مستغرباً ان تكون فكرة اللعب على الديمغرافيا كانت او لا تزال أحد الاهداف»، لانه وحسب المصدر، «هدف غير قريب الآجال بل بعيد. ويتطلب سنوات لقلب المعادلة. فالأمور لا تتحول بسحر ساحر. وبالتالي يرفض المصدر ان تكون هذه الخطة قابلة للحياة اليوم». يتساءل المصدر عن «موقف المجتمع الدولي بهذا الإطار الذي يعرف جيداً إمكانات لبنان الضعيفة رافعاً الملف الى اعلى درجات المخاطر التي تهدد لبنان والتي تجعل منه اكبر تحديات الحكومة وربما أكثر الملفات القادرة على انجاح وافشال مهمتها، خصوصاً ان تيار المستقبل الذي يمثله الحريري هو من أطلق وزارة دولة تعنى باللجوء وله في هذا رأي آخر وهو الإبقاء على النازحين حتى إيجاد حل للأزمة السورية برمتها. وهذا خطير جداً على لبنان».

وبكل الاحوال صار ملف النزوح ككتلة بشرية تستخدم للضغط والتطويع والحشد وطلب الدعم المالي والاستيداع مهمة مرتبطة بأيادٍ داخلية ايضاً، فهذا الملف يتكفل وحده بفتح ابواب من المال والهبات والعروض التي تتكفل وحدها بعدم الاستغناء عنه كمنبع من منابع السيولة التي تكاد تنقرض في لبنان. هذا تماماً ما جرى في الملف الفلسطيني وفي أكثر من مرة في ملفات اعتداءات إسرائيلية على لبنان معظم تبرعات وهبات الخارج لم تصل لأيدي مستحقيها حتى الساعة، لكن وبالمحصلة يبقى حزب الله الضالة المنشودة التي يتّكل المجتمع الدولي على إزعاجها. وبلا شك تحوي بعض مخيمات النزوح فرقاً ممن ضمت إرهابيين نفذوا عمليات داخل لبنان. ومن السذاجة اعتبار هذه الخلايا اختفت. لانه صار واضحاً ان الضبط لم يكن فقط محلياً، بل بأمر من غرف عمليات خارجية قادرة على تحريك او تجنيد أي من هذه العناصر بوجه حزب الله «الشيعي» أو لبنان عموما وقد تمّ استخدام العامل الطائفي والايديولوجي بشكل مباشر لتنفيذ عمليات في العمق اللبناني.

وبين هذا وذاك، فإن الجهة التي فتحت ابواب الحديث بالملف هي سورية بإعلانها عن القانون عشرة الذي اثار حفيظة اللبنانيين. فطلبوا التوضيح السريع وإذ بوزير الخارجية جبران باسيل يظهر بشكل مغاير وهو متّهم بمسايرة السوريين على أساس أنهم حلفاء حلفائه وأصدقاء «العهد»، وإذ به يطلب شرحاً يلقى صدى إيجابياً وسريعاً من نظيره السوري الذي حمّل السفير السوري في لبنان رسالة تطمين أن لا رغبة بالتخلي عن أي سوري يرغب بالعودة.

وسط هذه الزحمة لم يلتفت معارضو باسيل الى سلوكه الحازم بهذا الإطار المستند لخلفية تحكم خيارات رئيس الجمهورية ميشال عون حتى مع المسؤولين السوريين. وقد أشاع هذا الاسلوب شيئاً من الاشارات التي تلقاها جمهور التيار على ان العلاقة مع سورية لا تخضع لأي نوع من التراضي او المسايرة بأمور بهذا الحجم. وبكل الاحوال فان هذا الموقف يطرح علامات استفهام حقيقية حول سلوك باسيل العهد السياسي والدبلوماسي الذي لم يجامل فيه على مرأى ومسمع من حلفائه «حزب الله»، اضافة الى موقف مشابه، لكن على المقلب الآخر في إعلانه تجميد إقامات موظفي مفوضية اللاجئين الأممية ورفعه الصوت أمام الأمم المتحدة حيث لم يسبقه على ذلك أحد.

لا يبدو ان العهد الذي يتعرض لانتقادات كبيرة من مرجعيات سياسية آخرها وليد جنبلاط، ومن تحديات داخل الشارع المسيحي أبرزها مع القوات بوارد التراجع عن مواقفه تجاه هذه القضية التي تحوّلت قضية مصيرية. وهو بهذا الإطار يتحضر لاستقبال المستشارة الألمانية القادمة الى لبنان بعد أيام من اجل الحديث في هذا الملف بحسب المعلومات. وعلى هذا الأساس سينقل لبنان عبر رئيس الجمهورية الموقف النهائي والأخير من هذا الملف قبل شروع المجتمع الدولي بتنظيم رؤية المستقبل السوري وإعادة الإعمار التي اعلن الرئيس السوري منذ أيام أنها قد بدأت في أكثر من منطقة بالتوازي مع ما يروج إمكانية اقتراب حسم سياسي للملف في المرحلة المقبلة.

«على ميركل أن لا تستبشر خيراً من هذا الملف في ظل تمسك رئيس الجمهورية ميشال عون بخطوط حمر غير مرحّبة بتلقي العروض والمساومات»، تختم مصادر متابعة لزيارة المستشارة الالمانية لـ«البناء».


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه