إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

نصر لاحق لوعد صادق

د. منذر سليمان*

نسخة للطباعة 2006-07-16

لا تملك الحكومة الاسرائيلية غير خيار التدمير والانتقام والحصار، ولا يملك الشعب اللبناني غير خيار الصبر والصمود والمقاومة طريقاً للانتصار.


خطة تقطيع الاوصال في حرب الانتقام المفتوحة لن تعيد الهيبة المهدورة لحكومة اسرائيل المسكونة بوهم القدرة على اخذ زمام المبادرة بقوة النار والدمار هذه الخطة تسعى لتحقيق اهدافها في لبنان والمنطقة على النحو الآتي:


- منح معترضي الداخل اللبناني على سلاح ونهج المقاومة الذخيرة الاحتياطية للانتقال من موقع الارتباك والانتظار المحرج، الى موقع الافصاح الضاغط على المقاومة وسلاحها، والتنصل من تبعات وجودها ونشاطها الضروري لحماية لبنان، فما عجزت عن تحقيقه القرارات الدولية الجائرة حتى الان بهدف نقل لبنان الى خانة الاذعان والخدمة النشطة لمشروع الهيمنة الامريكي في المنطقة، تتوخى بعض الاطراف اللبنانية المراهنة على هذا المشروع ان تنجزه لها آلة الدمار والحرب الاجرامية الاسرائيلية. فكأنهم تواقون لمن يريحهم من عبء وتكلفة تحمل مسؤوليات التخلص من قوة الردع الذاتية والاحتياطية المجربة القادرة على مواجهة تهديدات واخطار العدوان الاسرائيلي المتربص دوماً بلبنان.


- استغلال الصمت والعجز والتواطؤ الرسمي العربي، والضوء الاخضر الامريكي الدائم، والشلل الدولي شبه الكامل للاقتصاص والانتقام وتصفية الحساب من القوة التي اذلت واهانت وتحدت الغطرسة الاسرائيلية وحققت هزيمتها واندحارها من معظم الاراضي اللبناني في 25 ايار 2000، في محاولة لاحتواء وتحجيم دور المقاومة اللبنانية التي يقودها حزب الله تمهيداً لنزع سلاحها.


- تحقيق اختراق او تصدع في جدار المقاومة والرفض العربي – الاسلامي في حلقته اللبنانية لاضعاف عناصر القوة الفاعلة التي تحتشد في الافق العربي والاسلامي، والحيلولة دون تثبيت ميزان قوى معنوي يعزز الثقة بهزيمة المشروع المريكي المترنح في العراق وافغانستان.


ويبدو ان حسابات حكومة اولمرت الجديدة والحديثة العهد في ادارة الصراع تراهن على اعتبار الساحة اللبنانية الحلقة الاضعف في سلسلة حلف غير معلن بين قوى الرفض والمقاومة، العصية على التطويع رغم التجويع والحصار او القدرة على تقويض حكومة حماس واخلاء الساحة للشريك الفلسطيني المذعن والناقم على فقدان مواقعه. وتبدو عاجزة عن كسر الصمود الاسطوري الفلسطيني رغم عمليات الاغتيال والاختطاف والتدمير والتوغل والاحتلال تحت ستار ضباب خطط الانطواء واعادة التمركز.


ومع كتابة هذه السطور تبدو حكومة اسرائيل عاجزة عن تحقيق اي من الاهداف المعلنة وغير المعلنة وأبعد عن توفير الشروط لاستعادة اسراها في فلسطين ولبنان حيث تتغذى الساحتان بعنفوان الصمود والمواجهة لمقاومتيهما. فالحرب المفتوحة على لبنان لن تكون خاطفة او سهلة، حيث تملك المقاومة ما يكفي من الارادة والرصيد الشعبي والمعنوي والحكمة في ادارة الصراع، والقدرة العسكرية والقتالية لتأمين الرد التكتيكي المتناسب والمربك والموجع بدرجة كافية على ردم الهوة السحيقة في الميزان العسكري التقليدي مع عدوها.


وتشكل مفاجأة ضرب وتدمير البارجة الحربية الاسرائيلية قبالة الشاطئ اللبناني والوصول بصواريخها الى اعماق لم تكن منتظرة، مؤشرات على رزمة المفاجآت التي صدق بوعده حولها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه معلناً "هذه هي البداية".


تطورات الحرب المتسارعة تجاوزت مسألة التفاوض غير المباشر لانجاز صفقة لتبادل الاسرى، كما اضحى التوصل الى وقف اطلاق النار مرهوناً بصراع الارادات وميزان القوى المعنوي، وباحتمالات امتداد الحريق الى دمشق وربما طهران، وقد يركب الجنون عقل قادة اسرائيل تعبيراً عن نفاذ الصبر تحت ضغط داخلي فيلجأون للتهديد باستهداف السفارة الايرانية في بيروت وصولاً الى ضربها فعلا بذريعة ان قادة حزب الله يستخدمونها كملاذ آمن او غرفة عمليات... واذا كانت حسابات التعقل الباردة ترجح عدم وجود مصلحة امريكية او اسرائيلية باللجوء الى التصعيد الاقليمي الى الخارج اللبناني – الفلسطيني، فالحرب لها منطقها الخاص حيث لا يتم التقيد بخططها المعدة سلفاً بعد الطلقة الاولى. وكل الاحتمالات واردة.


وتجدر الاشارة هنا بأن بعثة الامم المتحدة الى المنطقة لن تكون اكثر من رحلة استكشافية وتشاورية او أبعد من لعب دور ساعي البريد بين الاطراف حول مواقفها المعنلة أصلاً، وأعجز من ان تلعب دور المفاوض على شروط مقبولة لهدنة او لتفاوض على وقف اطلاق النار، خصوصاً ان إسمي المرشحين لهذه البعثة (لارسن ودوزوتو) لا يوحيان بالثقة والحيادية حين يكون الامر متعلقاً بالعدو الاسرائيلي. يبدو انه من المبكر الدخول في مرحلة التحضير للتفاهمات قبل ان تصدر بعض الاشارات عن اجتماع الثماني للصناعيين الكبار بضيافة الرئيس الروسي بوتين ، خاصة في ظل غياب موقف فاعل لمجلس الامن او مبادرة يقودها مبعوث من الدول الفاعلة بمباركة من الثمانية او ذات الوزن على المسرح الدولي (وزير خارجية، روسي، ياباني، او الماني مثلا) مستعد للاقامة الطويلة في المنطقة. وحتى يحمل لنا بريد الكبار الخبر اليقين فان لغة الحرب ومفاجآتها ستبقى الناظم الوحيد للايقاع الاقليمي، وستبقى الحكومة الاسرائيلية اسيرة اوهام حساباتها المستندة الى قوة ترسانتها العسكرية الضاربة، بينما ستستند المقاومة الى مخزونها المتجدد من صلابة الارادة وحكمة الاداء والقرار والدعم الشعبي لترجمة وعدها الصادق بنصر لاحق.


*مفكر استراتيجي عربي مقيم في الولايات المتحدة


نقلا عن كلنا شركاء



 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024