شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2018-11-27
 

دكان الرئيس المكلف أو رسالة ثانية من رفيق الحريري الى ولده سعد

د. تيسير كوى

ولدي الغالي أنا الآن في الجنة كما سبق أن أخبرتك وذلك بفضل رحمة الله الواسعة . منذ زمن قريب رأيتك فيما كنت واقفا مع ميشال عون رئيس الجمهورية اللبنانية التعيسة ونبيه بري رئيس مجلس نوابها فيما كنتم تتقبلون تهاني كبار القوم بما فيهم سفراء الدول الأجنبية بعيد الاستقلال اللبناني الخامس والسبعين . لاحظت أنك غبت عن الرئيسين اللبنانيين الآخرين فيما كان سفير الجمهورية العربية السورية يقترب منكم آخذا دوره في طابور المهنئين .

ما فعلته يا ولدي خطأ وفي رأي البعض ربما كان خطأ لا يغتفر . أما أنا فأود أن أوجه لك عددا من الملاحظات .

كنت تقف مع رئيس جمهوريتك ورئيس نواب المجلس النيابي الذي تنتمي اليه بصفة أنك مكلف بتأليف حكومة لبنانية جديدة . واذا توفقت في هذا المسعى فستصبح رسميا دولة رئيس مجلس وزراء لبنان , كل لبنان . وعليه فأنت مرشح لتكون تعبيرا عن رغبة مواطنيك أو أكثريتهم في أن تترأس حكومتهم . تجنبك مصافحة ممثل الجمهورية العربية السورية في رأيي المتواضع " شغل ولدنة " . فالجمهورية اللبنانية التي من المحتمل جدا أن تصبح وجها من الوجوه البارزة فيها ترتبط بالجمهورية العربية السورية بعلاقات وثيقة ذات أوجه متعددة منها الاقتصادي ومنها الاجتماعي ومنها التاريخي ومنها الجغرافي . وكنت أنت على ما أذكر من الذين رغبوا في أن تتبادل الجمهوريتان اللبنانية والسورية التمثيل الدبلوماسي وصار وجود سفير للجمهورية العربية السورية في بيروت تعبيرا عن تلك الرغبة وصار على اللبنانيين كافة لا سيما المسؤولين الكبار منهم ,مثلك ومثل الرئيسين عون وبري أن يحترموا كل من يمثل الجمهورية العربية السورية في لبنان مثل السفير السوري الحالي وأن يعتبرونه ضيفا مكرما . وعليه كان عليك أن تبقى وتتقبل تهاني السفير السوري مباشرة فالرجل لم يهنئ باسمه الشخصي بل باسم دولته ولم يأت ليهنئك أنت شخصيا بل ليهنئكم لأنكم تمثلون واجهة الحكومة اللبنانية .

وأخطأت ياولدي في ما فعلت لأنك بذلك أسأت عامدا متعمدا الى عدد كبير جدا من مواطنيك اللبنانيين الذين يحبون الجمهورية العربية السورية ويحبون رئيسها الحالي ويكنون لها وله شعورا عميقا بالامتنان لأن هذه الجمهورية في رأيهم ضحت بعدد كبير من مواطنيها وتضحي دفاعا عن نفسها وعن لبنان لأن العلاقة الجيدة بين لبنان وبين الجمهورية العربية السورية تعود بفائدة عظيمة اقتصادية ومعنوية على عدد كبير جدا من اللبنانيين .

سفير الجمهورية العربية السورية في لبنان يمثل هذه الجمهورية كلها لا فئة معينة منها وعليه له الحق في أن يتوقع أن يعامل بدبلوماسية تتناسب مع مقامه المتفق عليه دوليا .

أدعوك يا ولدي أن تتصور لو أن البلد الثاني الذي تحمل جنسيته ( المملكة العربية السعودية ) تطورت أحواله السياسية على نحوصرت معه رئيسا لوزرائه فهل كنت ستتجرأ على أن تنسحب من الفريق الذي يتلقى التهاني من سفير من السفراء( وبالنظر الى ما نشهده من تطورات في المنطقة العربية المنكوبة ) وقد يكون سفير ما يسمى دولة اسرائيل كما تجرأت وانسحبت من الفريق اللبناني الذي كان يتلقى التهاني بعيد الاستقلال الخامس والسبعين .

ولدي الغالي سعد أشعر بحزن عميق لأن في نفسي انتقادات أخرى أكثر قساوة لما فعلته في عيد استقلال الجمهورية اللبنانية التي تحمل جنسيتها وهي البلد الذي أكرمك بأن جعلك رئيسا لوزرائه وأسبغ عليك لقب دولة الرئيس وأعزك ورفعك الى مقام رفيع رغم أنك ترأست حكومة أو حكومات سابقة فيه ولم تفعل الكثير والبعض يقول لم تفعل شيئا في سبيل هذا البلد التعيس الذي يزداد بؤسه يوميا .

ولدي الغالي سعد سلوكك المشار اليه لا يليق برجل دولة بل هو سلوك صاحب دكان أو كما يقولون في أوساط العاديين دكانجي . أخاف ياولدي أن يشيراليك النجباء الذين يعشقون هذا البلد العدناني والحريصون عليه وعلى سمعته بعد اليوم انك دكان الرئيس لا دولة الرئيس .

لقد " سودت" وجهي يا ولدي ووجوه اللبنانيين ووجه الطائفة السنية في لبنان وهي الطائفة التي تصر أنت وأتباعك بحماقة منقطعة النظير على أنك أنت وحدك مع مريديك تمثل تلك الطائفة وأسأت الى قيم هؤلاء كافة . لا أعتقد ياولدي سعد أن الرئيس سليم الحص مثلا كان سيفعل ما فعلت أنت لو أنه وقف موقفك لا لأنه من المحتمل جدا أن يكون من محبي الجمهورية العربية السورية ورئيسها بل لأن قيمه و اخلاقه تمنعه من أن يفعل ما فعلته أنت .

لقد سببت لي ولغيري من اللبنانيين الغيارى على لبنان ألما لا يطاق . هداك الله ياسعد وأرجو ان ألقاك في آخر المطاف حيث أقيم .


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه