شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2019-01-19
 

ستبقى شعاع الشمس يضيء مدارج السالكين دروب النهضة

جورج ضاهر - الاخبار

كما الطير الذي يُخفي في داخله الشجن، أكتب عن مكنونات نفسي وعن مشاعري الكسيرة، خاطرة مدادها الألم. فرحيلك مدوٍّ أيها الصديق والرفيق، والفاجعة كبيرة يا حضرة الرئيس والأمين الغالي.

هو كابوس يقضّ مضاجعنا، فلا نصدق أنك رحلت. ففي هذا الرحيل تُنكس بيارق الأمل التي حملت، وإن كانت حية خالدة، متجسّدة فينا ولن تموت.

حملتَ هموم النهضة ووحدة الحزب في قلبك وعقلك وصدرك الكبير، رفعت شعار «لنعمل معاً لمجد سورية» للنهضة التي آمنت بتعاليمها ونذرت حياتك لعزها ورفعتها...

كنتَ نهضوياً بامتياز، حاسماً بأن المؤسسات هي الضامنة لوحدة النهج والاتجاه، كيف لا، وهي من أعظم إنجازات المؤسس بعد العقيدة. كيف لا، ونحن جماعة مؤمنة واعية تكافح في سبيل قضية عظيمة وتحارب النزعة الفردية البغيضة والهدامة.

منذ العام 1996 ترافقنا ولم نفترق أبداً إلا لنلتقي من جديد، كنتَ الرفيق والصديق والأخ، وسكنت نبضي حتى صِرتَ توأم نفسي.

عرفتك قائداً صلباً في مواقفه، لم تنأَ بنفسك يوماً عن مواجهة الصعاب والمحن، وحين غدر بك المرض، كنت شجاعاً في مواجهته، جريئاً في الكشف عنه، مصمّماً على مقاومته، بقولك: «سأواجه قدري مهما كان»، متحملاً مشاق العلاج بصبر، متقبلاً الإرشادات الطبية، والبسمة لم تفارق محياك.

عام بأكمله والألم يكبر ويتمدّد، لكنك لم تستسلم، فظل حضورك الذهني متوقداً، تناقش وتحلّل وتوجّه، تتابع أخبار حزبك، وأنت الذي لم يدّخر وسعاً في المحاولة والمساهمة من أجل تحصين الحزب والحفاظ على وحدته، لأنه أمل الأمة ومستقبلها. لم تيأس من محاولاتك على رغم كل شيء، بل كنت تعمل بعناد المؤمن بانتصار القضية، مقتدياً بسعاده حين قال: «يجب أن أنسى جراح نفسي النازفة لأضمّد جراح أمتي البالغة».

عرفتُك مشبعاً بالعز والكرامة، همّك حزب النهضة، وقد رفضت كل إغراءات هذه الدنيا وترفها وقشورها ومفاسدها، عشتَ فقيراً ومتّ فقيراً، لكنك عشت حراً ومتَّ عزيزاً.

رحلت متمّماً واجباتك النضالية ومثقلاً بهموم النهضة في آن، فكانت وصيتك بأن تُلفّ بعلم الزوبعة وأن يصلي عليك الأبونا أسطفان وحده كما يحلو لك أن تسمّيه، رافضاً أي ترتيبات أو بروتوكولات أخرى، وبعدها إلى تراب الأمة الذي عشقتَ.

ولكن، سنشتاقك، وستشتاق إليك ميادين الفكر والثقافة من ميدان إهدن وصولاً إلى طرابلس وحلب والحسكة فحماة وحمص واللاذقية ودمشق وعمان فبيروت التي تشهد على حضورك البهي، وحواراتك الفكرية والثقافية المشبعة بالمواقف، محلّقاً في ميادين الصراع الفكري والحوار السياسي، عمقاً وإبداعاً وتألقاً، فشهد بقدوتكِ الخصوم قبل الأصدقاء.

وداعاً أيها الفارس النبيل، يا حضرة الأمين الأمين، ستشتاق لك الأماكن والساحات، سنشتاق إليك نحن معشر القوميين الاجتماعيين في استمرار صراعنا مع عدونا الوجودي في فلسطين وفي كل الأمة، وعزاؤنا أنك ستلتقي في سماء الخلود بحضرة الزعيم القدوة وبأبناء النهضة الميامين الذين سبقوك إلى العلياء فلروحك ولأرواحهم تحية العز والمجد.

ستبقى أيها الراحل الكبير شعاع الشمس الذي يضيء مدارج السالكين دروب النهضة، أملاً ونوراً لا تبدّده الأيام، لأنك في ضمير الرفقاء والأمناء ركناً نهضوياً متألقاً في الالتزام والوفاء، وفي وجدان الحزب والأمة صفحة مشرفة متوهّجة، وستبقى الخميرة الصالحة التي ستخمّر العجين كله. فإلى جنات الخلد حضرة الرئيس جبران عريجي أيها النبراس والأمين القدوة.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه