شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2019-03-08
 

مفهوم النهضة القومية الاجتماعية للمرأة والرجل في المجتمع

يوسف المسمار

لولا وجود النساء لما كان الرجال رجالاً . ولولا وجود الرجال لما كان النساء نساءً . والانسان الكامل لا يقوم الا بعنصريه : المرأة والرجل ، فاذا استخفت المرأة بالرجل فقد استخفت بنفسها ، واذا أهان الرجل المرأة فقد أهان نفسه ، ويستحيل وجود رجل بدون امرأة كما يستحيل وجود امرأة بدون رجل . ولولا وجود المرأة الى جانب الرجل لما عُرف الرجل من المرأة ولا المرأة من ىالرجل ولا أيهما الرجل وأيهما المرأة. ومن الضلال الكبير أن نقول المرأة نصف المجتمع والنصف الآخر هو الرجل.

ان المراة في تفاعلها مع الرجل هي المجتمع كله وهو أيضا المجتمع كله في وحدة الحياة .انهما كل المجتمع . فاذ ضعف أي عنصر من العنصرين فمعنى ذلك ان المجتمع مريض، والمجتمع المريض تجب معالجته. فان نجحت المعالجة تعافى المجتمع واستمر في نموّه، واذا فشلت المعالجة فلا عاقبة سوى الانحلال والتلاشي.

وفي انحلال المجتمع انحلال الانسان وفنائه وأية قيمة لأي عنصر من العنصرين اذا خرج عن محوره، وعن حركة تفاعله ، وعن جوهر وجوده المادي - الروحي الذي نسميه في فلسفتنا القومية الاجتماعية الوجود " المدرحي " والذي هوعلة وجود الانسان وحياته وأساس نموه وارتقائه ، والضامن لاستمراره وبقائه ، وهل يبقى لوجودنا معنى وقيمة اذا انتفت الروح او اذا انتفت المادة ؟ وهل يبقى الانسان انساناً اذا انتفت المرأة أو انتفى الرجل ، وهل تبقى من قيمة لكليهما اذا اضمحل الحب من الوجود ، وانعدمت قيم الحق والخير والجمال ، وماتت المُثُل العليا ؟

فكما هي الحياة مادية – روحية او روحية - مادية أي ( وحدة تفاعلية مدرحية دوون ثنائة ) ، فان الانسانية أنثوية - ذكورية أو ذكورية - انثوية أي ( وحدة تفاعلية انسانية دون ثنائية ) ،ويمكن القول ان أكمل وأتم وحدة أو متحد انساني طبيعي هو مجتمع الأمة التامة . وكلمة التامة هنا بمعنى الواعية الناضجة الراشدة وهذا ما يمكن تسميته بالوعي القومي أي وعيّ المرأة والرجل أي نساء المجتمع ورجاله لمعنى وجودهم في المجتمع ، وقيمة حياتهم ، وعظمة مطامحهم، وصراعهم من أجل تحقيق حياة أجود لأمتهم لتكون قادرة على المساعدة في اقامة عالم أرقى مع غيرها من الأمم ، وترسيخ قيم انسانية أسمى . وهذا ما يمكن تسميته بالوعي القومي أي نضوج المجتمع ورشده الذي يقابله نضج ورشد الفرد أنثى كان أو رجلاً . وتمنيات العبارة التي قرأتها ان يكون : " كل عام والرجال في خير لتكون هناك جدوى حقيقية لوجود النساء" يتطلب في الوقت ذاته أن يكون النساء بخير لتكون هناك جدوى حقيقية لوجود الرجال بخير، لأنه لا أمل بأن تحيا النساء بخير ان لم يكن الرجال بخير ، ولا رجاء بأن يكون الرجال بخير ان لم تكن النساء بخير .

فخير النساء من خير الرجال وخير الرجال من خير النساء . وخير المجتع هو خيرنسائه ورجاله ولا ينفصل خير الرجال والنساء عن خير مجتمعهم .فاذا تلاشى خير أي مجتمع فلا يبقى رجاله بخير ولا نساؤه بخير . والمجتمع الذي يحرم نساءه من حقهن وخيرهن وتحقيق مطامحهن مجتمع مريض مسرطن يقتل نفسه بنفسه ومصيره الهلاك. وهذا هو الحرام الذي لا قبله ولا فوقه حرام .وهذا ما يقرره العقل الانساني السوي السليم الذي تتمتع به وتمتاز المرأة كما الرجل. بل ان طاقة المرأة على الادراك تفوق طاقة الرجل . وقد قال الفيلسوف أنطون سعاده في هذا الشأن : " ان الذي تدركه المرأة بقلبها لا يدركه الرجل بعقله " . فهي فضلاً عن مؤهلاتها العقلية الادراكية التي تتساوى فيها مع الرجل لديها أيضاً مؤهلاتها الادراكية القلبية التي تنفرد بها .

في الختام أقول ان الانسان- الفرد الطبيعي التام لا يقوم الا بعنصريه: الأنثى والذكر ، فاذا فقد أحد عنصريه بطل ان يكون انساناً . وبقدر وعيّ وتناغم واتحاد عنصريه لطبيعة الوجود، وقيمة الحياة، واهمية التفاعل الروحي المادي لاستمرارية الحياة الانسانية التي تبدأ بالزواج تكون بذرة الانسان - المجتمع حيث : " يقوم الزواج على التوازن الفذ بين غمرة الحب البالغ أقصى درجات الروعة والجمال ، وبين يقظة العقل والنفس البالغة سمو الادراك والقدرة على تحقيق كل خير " كما عبّر عنه الفيلسوف أنطون سعاده . فاذا نجح الزواج كان في نجاحه الخير للزوجة والزوج والاطفال والأسرة والأمة بأسرها . واذا فشل فلا خير في الفشل لا للزوجة ولا للزوج ولا للأطفال ولا للأمة .

الخير يحصل بالوعيّ والأخلاق . وبدون وعيّ وأخلاق يختل الاتزان ، ويتعطل التفاعل الروحي - المادي ، ويتخلخل الرابط الأنثوي- الذكوري فيستهين الرجال بالنساء ، وتحقد النساء على الرجال ، وتسقط قيمة الرجال والنساء معاً الى أحط دركات التخلف والعبودية التي هي خنوع في العبد المستعبَد رجلاَ كان أو امرأة لأنه لا يعي ان في خنوعه ذلّ نفسه وتشجيع من يتحكم به على البغي والاجرام .وليست العبودية أيضاً الا تغطرس في العبد المتجبّر المسيطر سواء كان أمرأة أو رجلاً لأنه لا يدرك انه في اهانته سواه يهين نفسه .

إن فلسفة النهضة السورية القومية الاجتماعية التي اعتبرت الزواج " عقداً حبياً " قبل أن يكون "عقداً اجتماعياً "حقوقياً زرعت في النفوس فكرة ومبدأ " الاخاء القومي " الذي لاغنى لأي مجتمع عنه اذا اراد أن ينهض بنفسه ، وينشيء حضارة ويساهم في خلق عالم انساني أجود وأرقى فيكون له حضوره المميّز في عالم الحياة بين الأمم الناهضة .

ليست المرأة نصف المجتمع ولا الرجل نصفه الآخر ، بل المجتمع وحدة حياة وبتجزئة وحدة الحياة يتحول المجتمع الى قطعان من نساء وقطعان من رجال تسير الى حتفها في مقابر الفناء.

بهذا المفهوم افتتحت حركة النهضة السورية القومية الاجتماعية طريقها في الحياة الى الرقي والعز والخلود فاستوحيتُ من هذا المفهوم القصيدة التي كتبتها تحت عنوان " دليل العادلين " وقلت فيها :

كـلامُ الحَـقِّ يـحكُـمُ بالتســاوي

لمـنْ فَـهِـمَ الحـقـيـقـةَ بالسواءِ

فـلا الأنـثى بـشـرعِ اللهِ أدنى

ولا الذكرُاستخصَ بالاصطفاءِ

كـلا الإثـنـين في المبنى سواء

ولـكـنَّ التـفـاضـلَ فـي الإداء ِ

فَـمَـنْ أدى الأمـانـةَ بائتمانٍ

يُـفَـضّل في تشاريـع الجـزاءِ

فروحُ العـدلِ إنصافٌ وقسطٌ

يفـوزُ به الأمامُ على الوراءِ

وأحـكـامُ العـدالـةِ زرعُ خـيـرٍ

وجنيُّ الخيرِ من حُسنِ القضاءِ


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه