شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2019-06-12
 

«الحرب الأميركية الواقعية المعاصرة» ضدّ إيران واقعة!

جهاد أيوب - البناء

من لا يلاحظ الطريقة التراجعية في الضغط الأميركي على إيران، والأسلوب الأخير المتبع في لغة العمّ سام بحق الجمهورية الإسلامية، والتناقض في لجم السعودية وجواريها وسحب أموالهم مباشرة لا يفقه في المراقبة وفي السياسة!

ومن يعتقد أنّ أميركا تعامل إيران كما تتعامل مع الأعراب بالتأكيد يعيش خارج الفهم، وحتى لا نطيل الكلام علينا الاعتراف بأنّ لغة التهديدات الأميركية المعتمدة على مصالحها تجاه إيران الواثقة تتغيّر باستمرار رغم جعجعة الإعلام المتصهين هنا وهناك! نجد أنّ أميركا ترامب أكثر وضوحاً وحسماً واستخفافاً مع السعودية، ولكنها مع إيران رغم خطابها النافر في بداية حملتها مجرد ثرثرات، وحماقات لفظية تتراجع عنها بصورة تدريجية لتصبّ في مصلحة إيران، وهذا لا يعني أنّ أميركا أصبحت الحمَل الوديع، ولا تعرف ماذا تريد، أو أنّ إيران هي القوة الضاربة في العالم، بل يدلّ على أنّ «لكلّ مقام مقال»، وأنّ سياسة العصا والجزرة المتبعة في الشرق من قبل السياسة الأميركية لم تعد تنفع وبالتحديد مع سياسة الحسم والثبات والقوة الإيرانية!

نعم أميركا تدرك أنّ إيران ليست كالأعراب، ولا تغدر وتبيع دون أن تشتري كما النظام العائلي في السعودية، ومن حقها أن تبحث أيّ إيران عن مصالحها ومكاسبها كدولة لديها مشاريعها وحلفاء وأصدقاء، بينما نجد أميركا تبيع من خان بلاده وعاش في حضنها وكنفها، وباع خيرات شعبه وأرضه لصالحها، وسجن شعبه لأجلها، كله يحصل حينما تشعر أنّ مصالحها ضاقت والشواهد كثيرة، لذلك نستطيع القول إنّ إيران ومحورها تعلّموا الكثير من تجربة العداء مع أميركا، وأميركا المشغولة بالبحث عن مصالحها وبيع سلاحها للأعراب خاصة السعودية لسدّ عجز شركات صناعة السلاح، وحماية «إسرائيل» منشغلة بكيفية مجابهة إيران والتخفيف من نجاح محورها في المنطقة خاصة أنّ من هم في حلفها يتهافتون نحو السقوط تدريجياً، وما يُشاع في الإعلام الإسرائيلي والسعودي التابع من أنّ الحرب الأميركية على إيران على الأبواب هو حالم يعيش التمنّي نتيجة إفلاسه السياسي وضيق آفاق نظامه وخوفه من واقعه الاقتصادي الواضح!

إيران تعرف ماذا ينتظرها، وماذا تفكر دبلوماسياً، وتواجه الحرب الاقتصادية التي تشنّ عليها بثقة وبذكاء وببرودة أعصاب، وكلّ أحداث وتداعيات تحرك دبلوماسيات خارجية تلك الدول تشير إلى أن لا حرب تحت سقف الضغوطات الاقتصادية والعقوبات المتبعة، وكلّ ما يحدث مجرد مكاسب زمنية بانتظار من يصرخ أولاً، ولكن إيران تاريخياً تحيك سجادة واحدة بمقدار 50 سنة!

وهذه الحال لا تعني أنّ محور الممانعة ينتظر فقط، وانّ إيران تتفرّج، أو تنتظر أن تكون المفعول به، والمعلومات المقبلة من بلاد الجمهورية الإسلامية تشير إلى أنّ الجيش الإيراني والحرس الثوري يتعاطيان مع الوضع الحالي بكلّ تهديداته ورسائل التهدئة تحت الطاولة الدبلوماسية على أنّ الحرب واقعة لا محال، وكلّ ما يدور من حول إيران لا يخرج عن نطاق الجهوزية العسكرية!

ما يحدث اليوم من خطابات إعلامية وتصريحات عسكرية أميركية وطريقة الردّ الإيراني يعني أننا أمام الحرب الباردة مهما اختلفنا تنظيرياً، وبالتأكيد الطرفان الأميركي والإيراني لا يسعيان إلى حرب دموية مباشرة على عكس أمنيات «إسرائيل» والسعودية، وقد يتخلّل الحرب الباردة اقتناص عمليات هنا أو هناك، ولكن كله ضمن حدود الهجوم الإعلامي، وهذه الحالة تسوّقها دائماً أميركا أكثر من غيرها!

نعم إيران مدركة لخطورة كلّ خطوة من حولها، لذلك هي لا تنام شاكية تنتظر وقوع الحرب المفاجئة عليها، بل هي مستعدة في الداخل ومع المحور والخارج لردّ أوسع قد يزلزل الوجود الأميركي المنهك سياسياً بسبب فشله في أكثر من بلد!

إيران دولة مستقلة ولا تسير ضمن قطيع الغنم الحاصل، ومن المستحيل ان تقبل ما تفرضه سياسة أميركا، ومن حقها أن تقوم مقابل ما ينتظرها ببعض التدابير والمواقف للمواجهة كما هي تجده مبرّراً، ويصبّ في مصلحتها وقد يساهم في تغيير هذا الواقع الذي تفرضه أميركا، وهي مدركة أي إيران أنّ هذا الوضع الذي صنعته أميركا و»إسرائيل» ومن معهما خاصة السعودية والإمارات هو خطر عليهم، لا بل سيرتدّ عليهم اقتصادياً وأمنياً!

أميركا ترامب الذي يفتعل حروبه مع روسيا، وإيران، والصين وكوريا وفنزويلا يشعر بضيق الفوز، ولم يتلمّس في تلك البلاد أيّ انتصارات، ويراهن على إحداث خرق ولو بجبهة واحدة… ترامب يحتاج إلى إنجاز واحد حتى لو كان اقتصادياً، فالانتخابات المقبلة لا ترحم، وهنالك عمل تخطط له أميركا داخلياً أو خارجياً بهذا الاتجاه، وهذا لا يعني بوادر الحرب العسكرية بل يعني «الحرب الواقعية المعاصرة»!

الحرب الواقعية المعاصرة التي تستخدمها أميركا تعتمد على داخل تلك البلاد التي ذكرناها، وهي اليوم مقتنعة بأنّ حربها إنْ شنّت على الداخل الإيراني تعتمد بجيشها المكون من عناصر السوشال ميديا، والاعتماد على الرافضين والمعترضين والمعارضين، ولكن الصدمة التي وقعت فيها أميركا كانت على صدمتين، الأولى أنّ حرب الميديا تحتاج إلى وقت، وأميركا وترامب ومن معهما يحتاجون إلى نتائج سريعة!

والصدمة الثانية تكمن في أنّ الحملة الأميركية على إيران والعقوبات الجديدة، والتهديد بالحرب، وغباء الخطاب الإعلامي السعودي والإسرائيلي في نشر أن الضربة الأميركية خلف النافذة الإيرانية وحّد الشارع الإيراني حول نظامه، وأجّل تحركات شعبية كانت قد زرعتها أميركا تحت الطلب، والظروف لم تسعفها بالتحرك، ولو تحركت في هذه الأيام لقضي عليها شعبياً!

ما يقوم به ترامب جراء تهديداته صبّ لمصلحة تنظيم صفوف النظام الإيراني داخلياً كما لو كان ترامب عميلاً لنظام الجمهورية الإسلامية داخل البلاد، ووحد الشعب والعمائم دون أن تقوم الجمهورية بجهود…!

ونعيد الإشارة إلى أنّ إيران ومن معها في محورها يتعاملون مع واقع الحال بجهوزية أنّ الحرب واقعة، ورافضين فكرة المفاجأة…!


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه