إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الحرب على إيران قد تشعل حريقاً هائلاً في المنطقة يطال القواعد التي تؤمّن لأميركا النفوذ والهيمنة...

جودي يعقوب - البناء

نسخة للطباعة 2019-06-15

إقرأ ايضاً


قبل عشر سنوات، أصدر الصحافي الفرنسي جون كلود موريس كتاباً بعنوان: «لو كرّرت ذلك على مسامعي مرة ثانية فلن أصدّقه»، وتضمّن الكتاب فحوى المكالمات الهاتفية بين الرئيس الأميركي جورج بوش الابن والرئيس الفرنسي جاك شيراك عشية غزو العراق، وقد أثار الكتاب ضجة كبيرة لأنه كشف جانباً من الدوافع الأميركية وراء احتلال العراق. ويقول موريس في بداية كتابه، «إذا كنت تعتقد أن أميركا غزت العراق للبحث عن أسلحة التدمير الشامل فأنت واهم جداً، وإنّ اعتقادك ليس في محله، فالأسباب والدوافع الحقيقية لهذا الغزو لا يتصوّرها العقل وخارج حدود كلّ التوقعات السياسية والمنطقية». مضيفاً: «كان الرئيس الأميركي جورج بوش الإبن من أشدّ المؤمنين بالخرافات الوثنية البالية، وكان مهووساً منذ الصغر بالتنجيم والغيبيات، وقراءة الكتب اللاهوتية القديمة، كما يميل إلى استخدام بعض العبارات الغريبة في خطاباته مثل القضاء على محور الأشرار وقوى الظلام … ويدّعي أنه يتلقى يومياً رسائل مشفرة يبعثها إليه الرب»!

أغرب ما تضمّنه الكتاب، فحوى المكالمات الهاتفية التي حاول من خلالها بوش الابن إقناع شيراك بالمشاركة في الحرب على العراق، مدّعياً أنّ هذه الحرب تستهدف القضاء على جيش يأجوج ومأجوج! ومضمون هذه المكالمة أكدها شيراك في حديث مسجل معه، وقال لمؤلف الكتاب إنه «صُعق عندما سمع هذا الكلام، وأنّ تلك المكالمة ليست مزحة وأنّ بوش كان جادّاً في كلامه وفى خرافاته وخزعبلاته السخيفة».

هنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ غزو العراق في العام 2003 من قبل الولايات المتحدة الأميركية مع بعض الدول المتحالفة مع واشنطن، جاء بعد عقوبات اقتصادية فرضت على العراق منذ عام 1990، ودائماً كان يجري تبرير العقوبات ومن ثم تبرير غزو العراق بمجموعة من الأكاذيب والتلفيقات، لا سيما مزاعم امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، وهي الأكذوبة الكبيرة التي تكشفت للعالم أجمع.

مع رئاسة جورج بوش الابن للولايات المتحدة، أمسك المحافظون الجدد بالقرار الأميركي، فكان غزو العراق. ومع رئاسة دونالد ترامب، يبدو أنّ «المحافظين الجدد» هم المقرّرون، وأنّ الاستراتيجية المتبعة هي إنهاك الدول التي ترفض الهيمنة الأميركية بالعقوبات الاقتصادية، تمهيداً للانقضاض عليها إما عسكرياً، وإما من خلال التفتيت الداخلي..

والسؤال هل السيناريو الأميركي ـ الصهيوني يتضمّن شنّ حرب على إيران، في تكرار للحرب التي استهدفت العراق في العام 2003؟

التصعيد الحاصل والمترافق مع عقوبات أميركية على إيران، والهجمات على ناقلات نفط في الفجيرة وفي خليج عُمان، ومحاولات السعودية تحشيد دول خليجية وعربية بوجه إيران، من خلال قمتي مكة الخليجية والعربية الأخيرتين، كلّ ذلك، الهدف منه وضع مضبطة اتهام بحق إيران.

ولكن من يراقب تصرفات إيران ومواقفها وسياساتها في مواجهة التصعيد والعقوبات والاتهامات والذرائع، يكتشف أنّ إيران دولة قوية قادرة، وأنّ قرار الحرب عليها ليس نزهة على الإطلاق. وايّ حرب ضدّها قد تشعل حريقاً هائلاً في كلّ المنطقة، يطال القواعد الأميركية التي تؤمّن لأميركا النفوذ والهيمنة.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024