Warning: Undefined variable $PHP_SELF in /home/clients/61e9389d6d18a99f5bbcfdf35600ad76/web/include/article.php on line 26
SSNP.INFO: المزيد المفيد من كتاب الأمين د. مروان فارس "جذور وانتماء"
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2022-02-02
 

المزيد المفيد من كتاب الأمين د. مروان فارس "جذور وانتماء"

الامين لبيب ناصيف

بعد ان كنا نشرنا نبذتين من الكتاب الغني بالمعلومات التي تفيد تاريخ حزبنا، ننشر ادناه النص الكامل لما كان ورد تحت عنوان "الحزب والعلاقات الخارجية" والذي يحكي عن تاريخ الدبلوماسية القومية.

ننصح جميع الرفقاء والمواطنين المهتمين ان يقتنوا "جذور وانتماء" لحضرة الأمين الدكتور مروان فارس لما فيه من غنى ومن معلومات لا بد من اعتمادها كمراجع لتاريخنا الحزبي

ل. ن.

*

تاريخ الدبلوماسية القومية

منذ تأسيسه للحزب السوري القومي الاجتماعي، اخذ أنطون سعادة على عاتقه متابعة شؤون الأمة الخارجية، فتصدى لمطامع القوى الاستعمارية المتربصة بأمتنا، وبمراجعة سريعة لكتاباته نراه قد استشرف، وهو في ريعان الشباب، خطر الحركة الصهيونية، وحذر من نشاطها المنظم والمريب لأن "الحركة الصهيونية غير دائرة على محور طبيعي. تقدمت هذه الحركة تقدما لا يستهان به. فإجراءاتها سائرة على خطة نظامية دقيقة، وإذا لم تقم في وجهها خطة نظامية أخرى معاكسة لها، كان نصيبها النجاح. ولا يكون ذلك غريباً بقدر ما يكون تخاذل السوريين كذلك، اذا تركوا الصهاينة ينفذون مآربهم ويملكون فلسطين. حتى الآن لم تقم حركة سورية منظمة تنظر في شؤون سورية الوطنية، ومصير الأمة السورية. لذلك نرى اننا نواجه الآن اعظم الحالات خطراً على وطننا ومجموعنا. فنحن امام الطامعين والمعتدين في موقف تترتب عليه إحدى نتيجتين رئيستين، هي الحياة والموت، واي نتيجة حصلت، كنا نحن المسؤولين عن تبيعاتها".

وفي مجال آخر ابدى سعادة تفاؤله الحذر بتحرك أبناء الأمة، وتنظيمهم للمظاهرات الحاشدة احتجاجاً على زيارة وزير خارجية المملكة المتحدة "آرثر بلفور" جنوب سورية سنة 1925، بعد وعده المشؤوم سنة 1917 بتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، حيث رأى سعاده ان هذه المظاهرات تتضمن بشرى إيجابية، تدل على تنبه الشعب الى الخطر الكبير، ولكنه رأى ان " التهويل من بعيد والجعجعة لا يخيف أصحاب الحركة الصهيونية، بل الشيء الحقيقي الذي يخيفهم هو الموت، ولو وجد في سورية رجل فدائي يضحي بنفسه في سبيل وطنه ويقتل بلفور، لتغيرت القضية السورية من الوجهة الصهيونية تغيرا مدهشاً. فإن الصهاينة عندما يرون ان واعدهم بفلسطين قد لقي حتفه، يعلمون أنهم يواجهون ثورة حقيقة على أعمالهم غير المشروعة، ويوقنون ان سورية مستعدة للمحافظة على كل شبر من أرضها بكل ما لها من القوى، وما لديها من الأسلحة العصرية والقديمة ".

لذا سعى سعاده الى بعث نهضة الأمة، وأسس حزباً وضع من خلاله الخطة النظامية المواجهة للخطر الصهيوني، ولم يهمل، حتى في مرحلة ما قبل التأسيس، العمل الدبلوماسي، وفي الوقت ذاته دعا الى المقاومة، حتى الى ما عرف في أيامنا هذه بالعمليات الاستشهادية، كما تبين في الاسطر القليلة السابقة، وهو في الوقت نفسه تحدث عن ضرورة إقامة علاقات جيدة، مع الدول على قاعدة الندية فقال: "إننا نعترف بأن هنالك مصالح تدعو الى إنشاء علاقات ودية بين سورية والدول الأجنبية، وخصوصاً الأوروبية منها. ولكننا لا نعترف بمبدأ الرعاية الأجنبية. يجب ان يبقى الفكر السوري حراً مستقلاً، أما المصالح المشتركة فنحن مستعدون لمصافحة الأيدي التي تمد إلينا، بنية حسنة صريحة في موقف التفهم والانفاق".

منذ ان توليت الشأن الحزبي الدبلوماسي، ومن منطلق نهضوي، رأيت ان نظرية الاستقلال القومي والحرية القائمة على أساس الاحترام المتبادل بين الشعوب من جهة السيادة، تتحكم بالموقف العام للعلاقات الدولية التي يقيمها الحزب السوري القومي الاجتماعي. لذا فإن شبكة الصلات التي نسجت انطلقت، وما زالت، من هذه المبادئ التي تغلب مفهوم التعاون على مفهوم التفرد والاستقلالية، ومفهوم التضامن على مفهوم التفرق. وهذا استدعى باستمرار تمييزاً دقيقاً وتمحيصاً لهذه المفاهيم، على قاعدة الفصل بين الحكومات والشعوب، في كون الاقتراب من الحكومات بقدر اقترابها من شعوبها، والابتعاد عنها بقدر ابتعادها عن شعوبها. تأسيساً على هذه القاعدة صيغت مقولتا الصداقة والخصومة.

ومن هنا نرى ان مسألة الصراع الجوهرية من منظور الحزب، هي مقاومة أعداء أمتنا والطامعين في خيراتها، التي اتخذت صورة الحرب المستمرة ضد الاستعمار. حيث تطورت وسائلها وأدواتها مع تطور الأدوات الاستعمارية. وعلى هذا الأساس، فإن التعاطي مع حكومات الدول الاستعمارية محكوم بالخلاف، والسعي الدائم الى مقاومة أهدافها ومطامعها. ولما كانت حكومة الولايات المتحدة في هذه الفترة من الزمن تمثل رأس الهرم الامبريالي في العالم، فقد وقف حزبنا منها موقفاً عدائياً في الاستراتيجية السياسية. إذ منذ مطلع هذا القرن أدان مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي مواقف الولايات المتحدة واعتبر انها سقطت من عالم الإنسانية الأدبي، وذلك لأنها اعترفت بوصاية فرنسا على سورية، وعدا عن سقوطها من عالم القيم الإنسانية، فإنها لم ترث عن الاستعمار القديم نهج الحرب، ونزعة السيطرة فحسب، بل أضافت الى كل ذلك أسلوب التهديد المادي، الرامي الى إبادة الجنس البشري.

أدت نزعة السيطرة لدى الولايات المتحدة الى التدخل العسكري المباشر، في عدد من الدول، عدا عن محاولات السيطرة على الأرض والسماء والبحار، وعدا عن الخطر الكوني الذي تشكله الإمبريالية الأميركية، فإنها في منطقة الشرق العربي ورثت عن الاستعمارين الفرنسي والبريطاني نهج التقسيم والتفتيت، فدعمت الاستيطان الصهيوني في بلادنا السورية، وأعطت لدولة الاغتصاب كل وسائل القتل والدمار لتبقى. ونظراً الى ان مؤسس الحزب وضع تلك الخطة النظامية الادق من الخطة الصهيونية، اخذ الحزب بعين الاعتبار منذ البداية ان الكيان الصهيوني ليس إلا جزءاً لا يتجزأ من الخطة الامبريالية، وان مقاومة احداها تعني ومقاومة الأخرى، والعكس بالعكس، فالمشروع الصهيوني، وإن كان مشروعاً يريد في آفاقه البعيدة السيطرة ليس على بلادنا فقط، بل على العالم، فإنه في هذه المرحلة ينخرط انخراطاً كاملاً في المرتكزات العقائدية الواضحة، لذلك كنا على دراية واسعة بهذه المرحلة وآخر مستجداتها وتطوراتها إيضاحاً للمفاهيم والأحداث.

جاء موقع الحزب من الاحداث والتطورات الدولية، موافقاً لتطلعات سعادة ورغبته، وهو الذي مهد له الطريق في علاقاته القومية والعربية والدولية، فخطة سعاده القومية المعاكسة للصهيونية المولودة في أحضان الاستعمار الأوروبي، والمترعرعة في ظل الحماية الامبريالية الأميركية هي وعي عقائدي عميق، لارتباط حركة الصراع بالعقيدة، وهذا الوعي نتجت عنه الخطط والاعمال والافعال، طوال تولينا مسؤولياتنا الحزبية.

*

عمدة الخارجية ودستور سعاده

اثناء تسليمي مسؤولية عمدة الثقافة، كان الأمين إنعام رعد عميد الخارجية، وقد حضرت، بطلب منه الاجتماعات المتعلقة بالعمل الخارجي للحزب، من استقبال الوفود في الوطن او خارج حدوده، الى المشاركة في اجتماعات عالمية تصب في مصلحة بلادنا. ولم تكن لعمدة الخارجية هيكلية إدارية او جهاز مسؤول يتولى متابعة العمل الدبلوماسي، لذا اصدر حضرة الرئيس تعميماً بهذا الخصوص في الخامس من شهر أيار عام 1977، " لاحظت رئاسة الحزب (الحاجة لتنظيم عمدة الخارجية) بعد اليوم اللبناني العربي العالمي للفقيد الراحل كمال جنبلاط، وبعد الاتصالات والمحادثات التي جرت بين رئيس الحزب يعاونه حضرة عميد الثقافة، مع الوفود العربية والعالمية، وخصوصاً حركات التحرر الآسيوية والإفريقية وتجاوبها مع طرح الحزب وعقيدته، يأتي هذا بعد مؤتمر برشلونة للأحزاب الاشتراكية في حوض البحر المتوسط، حيث مثل الحزب عميد الثقافة الرفيق طارق شجاع، وتحققت إنجازات عديدة كالاتصال بأكثر من عشرين وفداً من الأحزاب التقدمية والاشتراكية في العالم. وقد حضر الحزب المؤتمر الآسيوي – الافريقي المنعقد في أثينا خلال الشتاء الماضي، وهو ايضاً عضو في الجبهة العربية المشاركة في الانتفاضة الفلسطينية، ويحضر مؤتمراتها.

إزاء هذا كله: رأت رئاسة الحزب وجوب تنظيم عمدة الخارجية بحيث لا تكون هذه الاتصالات والمحادثات موسمية، بل تجري متابعتها من قبل جهاز مركزي مسؤول متخصص، يطرح فكر الحزب وخط الحزب السياسي على العالم، ويقيم أوثق العلاقات مع حركات التحرر القومية ومع الأحزاب التقدمية، تنفيذاً لخطة الحزب حول اللقاء الثوري مع حركات التحرر القومي والأحزاب التقدمية في العالم".

لهذا كله، وانطلاقاً من ذهنية تثبيت المؤسسات الاختصاصية في كل حقول عملنا، قررت رئاسة الحزب ان تعين لعمدة الخارجية التي نص عليها الدستور عميداً ووكيلا يكونان صاحبي المعرفة والخبرة بهذه الاتصالات العالمية. خصوصاً ان الحزب دعي الى مؤتمر مالطا للأحزاب الاشتراكية في حوض البحر المتوسط، ولا يجوز ان نحضر هذا المؤتمر المنعقد في حزيران ، من دون إعداد مسبق واتصالات تمهد لنجاح طروحات الوفد القومي الاجتماعي فيه".

صدر التعميم هذا يوم قدمت استقالتي من عمدة الثقافة، لأعين عميداً من دون مصلحة وكيلا لعميد الخارجية، إلا ان مدة ولاية القيادة الحزبية الدستورية كانت قد شارفت على نهايتها.

بعد انتخاب الأمين الدكتور عبد الله سعادة رئيساً للحزب، وخلال تشكيلة لمجلس العمد استدعاني، أبلغني قراره بتعييني عميدا للخارجية قائلا: إن كل توقيع لك بصفتك عميدا للخارجية يشرفني ويشرف هذا الحزب.

بعد اختياري من قبل رئيسين للحزب، للقيام بمهمة تتطلب جهداً كبيرا لبناء علاقات سليمة، مع الأنظمة والشعوب الصديقة، التي تدعم مصالح أمتنا، حاولت ان استعرض خطوات العمل الدبلوماسي على مدى تاريخ الحزب، فوجدت ان الزعيم أولى هذا الشأن اهتماما كبيرا، إذ حرص على متابعة كل المسائل الخارجية التي تستهدف أمتنا، فكتب عن الأحلاف الدولية في الحرب العالمية الثانية، وأشار الى استهداف الغرب لخيرات بلادنا. لكنه عندما وضع دستور الحزب والمراسيم الدستورية، لم يأتِ على ذكر عمدة للشأن الخارجي.

صحيح ان الدستور الصادر أيام الزعيم لم يأت على ذكر تلك العمدة، لكن الزعيم وفي جواب رسالة وجهها في 12/07/1941، الى الرفيق يوسف الغريب عدد له فيها من يحق له إعلان موقف المنظمة (الحزب) او سياستها، او التكلم عن هذه السياسة على وجه التعيين، ومنهم عميد الخارجية وعمدة الخارجية.

بحثت مطولا عمن تسلم مهمة هذه العمدة، قبل أواسط سبعينيات القرن المنصرم، فلم اوفق في بحثي، وبقي العمل الخارجي ضبابيا، لكن ذلك لا يعني ان الحزب أهمل شأن العلاقات الخارجية، وإن كانت هذه العلاقات قد أساءت أحيانا لتاريخ الحزب، كما حدث في المعارك الداخلية التي شهدها لبنان سنة 1958، حيث تحالفت القيادة الحزبية مع الرئيس كميل شمعون، وبالتالي مع حلف بغداد، يومها استعان شمعون بالولايات المتحدة الأميركية، فأرسل رئيسها دوايت ايزنهاور 14000 جندي من الجيش والمارينز الى ميناء بيروت، حيث قمعت تلك القوات معارضي الحكم القائم في لبنان، وتركت تلك السنة بقعة سوداء في تاريخ الحزب.

*

بداية التقارب مع الاتحاد السوفياتي

وجهت الى الحزب تهم عديدة منذ تأسيسه: حزب يميني، الوجه الآخر للنازية وغيرهما الكثير. هذه تهم أطلقها أعداء الحزب، واستقرت في اسماع الناس وأذهانهم من دون التأكد من صحتها، او التنبه الى أنه حزب "اجتماعي". فـ"الاجتماعية مرادفة لليسارية، وهي مصطلح استجد سياسيا على لغتنا ويرجع اصله الى الثورة الفرنسية (1789م) عندما أيد من كان يجلس الى اليمين من النواب نظام الملكية والطبقية، بينما من جلس منهم الى اليسار أيد التغيير، الذي تحقق عن طريق الثورة الفرنسية، ذلك التغيير المتمثل بالتحول الى النظام الجمهوري والعلمانية،





 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه