شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2005-01-29
 

ثوابت ومتغيرات المشهد السوري

نظام مارديني

في كتابه <<نحت السياسة مشاهد من النموذج السوري>> يناقش الباحث نزار سلوم ثلاثة مشاهد بارزة من ذلك النموذج السوري:



المشهد الرسمي معبراً عنه بخطاب رئيس الجمهورية الذي تتوسطه او تتمركز فيه مقولة <<التطوير والتحديث>>.



المشهد المعارض، والذي تشترك فيه الدولة مع غيرها <<جماعة المنتديات>> في تأسيس حقل المعارضة ضمن إطار نظام سياسي لا يقوم أساسا على ثنائية السلطة المعارضة.



المشهد الثالث، ويختص بإعادة انتاج <<التاريخ الأمني>> على نحو نقدي وذلك عبر اجترارات خاصة قامت بها الدولة مثل اغلاق سجن المزة الشهير وتحويله الى معهد للعلوم التاريخية، نشر مذكرات لرجال مخابرات مشهورين وكانت لهم بصمتهم الواضحة في تاريخ سوريا السياسي مثل سامي جمعة.


 

الى هذا، يمكن اعتبار الكتاب، محاولة في قراءة بعض <<منحوتات>> الفعل السياسي السوري، وذلك في توضعها على جدار الحياة السياسية، في مناسبات متعددة، وبعدما شكلت تلك الحياة نموذجا شديد الخصوصية لما يسميه الباحث <<نحت السياسة>> كمصطلح يحيل السياسة من الشريط المتحرك لأحداثها الى <<منحوتات>> بارزة في المشهد العام لهذه الأحداث، وبمقدار ما تشكل هذه <<المنحوتات>> جزءا بنيويا من هذا المشهد، فإنها في الوقت نفسه تشي بنزعة استقلالية عن متحولاته. وهنا تبدو السياسة قصيّة عن <<المفاجأة>>، التي قد تكون من مألوفات المشهد السياسي، وأحيانا السبب الوحيد لإعادة إنتاج الحركة فيه، كلما وصل الى حالة من <<الستاتيكو>> كما تبدو هذه السياسة قابلة للقراءة المستقبلية، وفق <<النموذج>> الذي يضج المشهد ب <<منحوتاته>>، بعدما تجاوز اشكالية إغلاقه، وتأسيسه لفضاء خاص به يكسبه المعنى الذي يجعله قابلا للوصف، وذلك عبر <<بوابتين>> تفضيان الى اعتباره نموذجا مفتوحا:


 

أولا، قدرته على التعاطي مع <<واقع>> تبدو ملامحه على تناقض مع <<الايديولوجيا>> الرسمية للدولة. ولا يشير ذلك، على نحو مباشر، الى كونه <<نموذجا براغماتيا>> نقيضا لأيديولوجيته، بمقدار ما يشير الى ترتيبه الخاص للثوابت والمتغيرات في هذه الايديولوجيا نفسها.


 

ثانيا، قابليته لإدخال نفسه او مجالاته في حقل النقد، بمحمولاته وآلياته المنهجية ووسع ساحته. وإن كان <<يشترط>> ان تأتي هذه العملية ضمن إطار ترتيبه الخاص للثوابت والمتغيرات، مستخدما مصطلحه الخاص لفعل النقد باعتباره له <<النقد البناء>>، بما يضع المتغيرات ضمن نفوذه، وينأى بالثوابت عن مجال هذا النفوذ. وفي ذلك يبدو متشابها ومترادفا على نحو ما، مع مختلف النماذج في مختلف الدول التي تحيل الحقل القومي، بما يعنيه كمصلحة مجتمعية عليا، الى مسألة يتحقق فيها <<الاجماع>> غير القابل للتشظي والتعدد، مهما كان ضغط <<الإغراء>> الذي تمارسه <<التعديات السياسية>> في أقصى تجلياتها الديموقراطية.


 

الكتاب: نحت السياسة مشاهد من النموذج السوري

 

الكاتب: نزار سلوم

 

الناشر: دار أمواج للطباعة والنشر (الفرات).



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه