إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

إلى نجيب العسراوي

أنطون سعادة

نسخة للطباعة 1940-08-22

إقرأ ايضاً


الحزب السوري القومي


مكتب الزعيم


رفيقي العزيز نجيب العزيز العسراوي،


وفاء بوعدي إياك في الكتاب الرسمي الموجه إليك فيما يختص بالمعاملات النظامية اكتب إليك الآن في صدد مقالك "نحن ...".


المقال، في مجمله، يحمل خصائص طائفة من المقالات من نوعه. وهو يمثل نوعاً معيناً من التفكير السياسي البحت الناشئ في بيئة دينية معينة هو التفكير الديني الإسلامي في الشؤون السياسية. ويظهر هذا التفكير بصورة بارزة في آخر المقال حيث تتكلم على "الأقلية" وتقول "بانقيادها إلينا" فأخرجت الأقلية الدينية "منا" وجعلتها على هامش القومية. وهذا ضد القومية الصحيحة التي لا تعرف أكثرية وأقلية. فنحن يجب إلا نقرر شيئاً بنا على أكثرية دينية وأقلية دينية.


والأقلية التي هي منا وتشعر "أننا" نقودها بالقوة لا "تنقاد" إلينا. ومع أنه صحيح أن الأقلية المعنية في المقال لا تحب الأجنبي لأنه "أظرف" فليس صحيحاً أنها تحبه لأنه "أقوى". وإن عدة قرون من السيطرة الدينية على هذه الأقلية الدينية ضمن الدولة قد برهنت لنا أنها لم تأنس "إلينا" ولا يمكن أن تأنس عن طريق القوة المرغمة لها. والطريقة الوحيدة التي نربح بها حب هذه الأقلية هي طريقة مبادئ الحزب السوري القومي التي تؤمن جميع السوريين على حقوقهم المدنية والسياسية في الدولة بدون أي فارق ديني أو اثني، باستثناء اليهود. بهذه الطريقة فقط أمكن ويمكن ربح الموارنة وغيرهم من الطوائف المسيحية وربح الدروز وربح الشيعة والعلويين وغيرهم من الطوائف الإسلامية. فنحن لا نكون قد قررنا شيئاً أساسياً ثابتاً حين نكون "نحن" الأكثرية الدينية قد اجتمعت لنفسها وأجمعت على فرض إرادتها على "غيرنا" الأقلية.


في الفقرة الأولى من المقال إدغام لحقائق تاريخية بصورة تشوش ذهن الدارس فأنت قد جمعت في العرب كل الذين جرى اصطلاح جمهور من العلماء في التاريخ واللغات على القول أنهم صدروا عن البقعة أو الإقليم الذي يسمى الآن العربة أو بلاد العرب. وهذا المذهب السياسي في العلم يقابل المذهب السياسي في العلم الذي يحاول رد اللبنانيين إلى العرق الفينيقي، لأن الفينيقيين أقاموا على الشاطئ واقتطعوا الأرز من لبنان وبنوا بعض الهياكل فيه. والاستمرار في هذه المذاهب لا يوصلنا إلى إدراك حقيقة من نحن في مزيجنا ومزاجنا وتركيبنا الاجتماعي – الاقتصادي ونفسيتنا.


في المقال عبارات يمكن أن تحسب في عداد المذاهب الرجعية وقد تكون قد وضعتها من غير تدقيق كقولك "نحن تركنا تعاليمنا القومية فوقعنا في هاوية الذل والخنوع" فأية تعاليم قومية تعني وما هي هذه "التعاليم" وما هي فلسفتها ومن هم الذين كانوا متمسكين بها وكيف "تركناها"؟


إن رأيك ينجلي عن رأي واضح وشعور قومي صحيح حين تقول "نحن يلزمنا مدارس وطنية وعلوم قومية وجمعيات فدائية تؤدب الخونة من أبناء البلاد الخ. نحن يلزمنا لخلاصنا من نير العبودية شبان أقوياء يشعرون بالمسؤولية الوطنية ويقومون بتنفيذ برنامج وطني لا هوادة فيه ولا دبلوماسية نفاق. نحن يلزمنا رجال إذا ائتمنوا على أسرار الأمة لا يفشونها ببضعة شلنات وفرنكات ولا بغير ذلك. نحن يلزمنا قيادة شريفة مخلصة في سرها وعلانيتها".


هذا الفكر السوري الصحيح المتحرر من قيود الصوفية واللاحسية. هذا هو التفكير الصحيح الذي يدرك الواقع ويعالج المحسوس. فإذا أضفنا إلى هذا التفكير مبادئ النهضة السورية القومية ونظام حركتها وجميع حقائقها الروحية والمادية خرجنا باتجاه نحو هدف واضح وقصد خالص وفي هذا الخروج سر النجاح.


‘ني أكتب إليك بالصراحة التي تعودتها والتي لا أعرف غيرها طريقاً إلى قلوب رفقائي القوميين والتي لا أريد غيرها خطة في خطابي لبني أمتي. وإني مسرور جداً بعبارتك القائلة بنفي "دبلوماسية النفاق" من تفاهمنا القومي. وهذا التفكير واضح أهنئك عليه وأحبه فيك.


يمكنك طلب شرح المبادئ من سان باولو. وسأرسل إليك من هنا ما عندي. وهو قليل. وعسى أن أتمكن من طبع ما يجب تجديد طبعه.


وعسى أن أقرأ لك قريباً ما يزيد القوة الدافعة في الحركة السورية. ولك سلامي القومي.


ولتحي سورية


في 22 يوليو 1940


التوقيع


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024