إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

بيــان ذكـرى التــأسـيس الخامسة والسبعين

الأمين كمال نادر - عميد الإذاعة والإعلام

نسخة للطباعة 2007-11-09

تعود علينا ذكرى تأسيس الحزب والحروب منتشرة في كل وطننا السوري الكبير وبعض عالمنا العربي. وهي حروب متفرعة عن مشروع إستعماري صهيوني إستهدف وجودنا منذ أكثر من مئة سنة وإبتدأ بتقسيم بلادنا وترسيخ التناقضات فيها وبهجرة يهودية إستوطنت القسم الجنوبي من سورية، وأقامت فيه مستوطنات وهجّرت أهله بالعنف والإرهاب والمجازر، لينشأ منها كيان حربي عدواني يرمي الى التوسع نحو الفرات لإقامة "إسرائيل الكبرى" على كل أرضنا القومية وعلى ثرواتنا وخيرات بلادنا. والصراع لا زال مستمراً، ونحن أمام خيار من إثنين: إما أن تحيا "إسرائيل" أو أن تحيا سورية.

نحن إخترنا أن تحيا بلادنا سورية، وأن تكون أمةً عظيمة ودولة قوية وغنية بنظام ديموقراطي قومي وبوحدة إجتماعية وبإقتصادٍ مزدهر وتقدمٍ علمي وحضاري لا يضع حدوداً للعقل والمعرفة. وفي سبيل تحقيق مشروعنا هذا، ناضلنا وتحملنا الصعوبات على مدى خمسٍ وسبعين سنة قدمنا خلالها مئات الشهداء المؤمنين بحق بلادهم بالحياة والعزّ والحرية ولا زالت المسيرة مستمرة وزاخرة بالعطاء.

أيها الرفقاء

في هذه المناسبة كيف تبدو أحوال بلادنا في كل نواحيها؟

في لبنان أزمة مستمرة هي نتاج طبيعة الكيان السياسي الطائفي الذي أنشأه الإنتداب، وظل كياناً مأزوماً وفقيراً يولّد المشاكل والحروب الأهلية ويدفع أبناءه الى الهجرة يأساً من أوضاعه وبحثاً عن مجتمعاتٍ يجدون فيها فرصة الحياة الكريمة والحرية والإستقرار.

وتزداد أزمات الكيان بسبب التوتر الطائفي والمذهبي وبالتدخل الأميركي بكل تفاصيل الحياة فيه وهو تدخل يصب في خدمةِ مصالح دولة العدوّ وصون أمنها بعدما حققت المقاومة الوطنية إنجاز التحرير سنة 2000، والصمود سنة 2006 وسببت تداعيات خطيرة على "إسرائيل" التي فقدت ثقتها بنفسها وبجيشها وبصحة وجودها، ودخلت في مرحلة التداعي والسقوط البطيء. وإن كل ما نراه من تدخل الأمركان الوقح في شؤون لبنان والشام والعراق وفلسطين هو نهج صهيوني، من موظفين صهاينة في الإدارة الأميركية، لا هم لهم سوى حفظ "إسرائيل" والقضاء على كل من يقاومها أو يعطل خططها.

ولقد عمل حزبنا مع حلفائه في المقاومة والمعارضة على تجنب الفتنة الأهلية والمذهبية، وعلى الوصول الى حلول وسط للأزمة السياسية الخطيرة، لكن الإدارة الأميركية عطلت بوقاحة وصفاقة كل حـــوار او توافق، وعرقلت أي وساطة أوروبية أو عربية، وأعطت أمر العمليات لأدواتها في بيروت للذهاب نحو أقصى درجات التطرف، ما جعل الأمور في أزمة خطيرة تنذر بالشر الذي لا نريده لشعبنا.

وفي فلسطين يستمر القمع الصهيوني لأبناء أمتنا الرازحين تحت نير الإحتلال، فيما يسعى الصهاينة والأمركان الى تصفية القضية وشطب كل الحقوق، وقد وقع الخلاف بين أخوة السلاح والنضال حول الخيارات الأساسية، حصل إفتراق خطير وصل الى حدّ الصدام المسلّح والدامي، ونحن اليوم نعمل لرأب الصدع وإعادة اللحمة الى صفوف المناضلين على قاعدة حفظ الحقوق القومية واستمرار العمل على التحرير مستفيدين من الموقف القومي الضاغط على اسرائيل والموجود في لبنان والشام وهو موقف عملي تميز بالثبات والقوة والتجهيز العالي لمزيد من المواجهات العسكرية الناجحة مع الكيان الصهيوني.

وفي العراق يستمر التخريب الامريكي والصهيوني واعمال القتل والتهجير ويستباح الدمّ العراقي للمجرمين والمرتزقة الذين جاءت بهم العصابة الأميركية الحاكمة في واشنطن وأطلقت أيديهم في القتل والنهب وتدمير الحضارة تماماً كما فعل المغول قبل تسعة قرون عندما أحرقوا بغداد ومكتباتها وقتلوا مليوناً من أهل أمتنا في ذلك الوقت وقضوا على الحضارة فيها.

لكن المقاومة العراقية لم تهدأ ساعة واحدة وهي تواجه الإحتلال وتتوحد فيها أطياف المجتمع العراقي واعدة بطرد الغزاة والمجرمين وبإعادة العراق الى واقعه القومي والسير مجدداً في بنائه بعد التحرير وبعد إسقاط قرار التقسيم الخطير الذي إتخذه الأمركان ليكملوا به جريمتهم التاريخية الممتدة من فلسطين الى العراق.

وفي الشام صمود قومي واضح الرؤية والأهداف والإستعداد لكل الإحتمالات، حتى الحربية منها، ورفضٌ لكل المساومات والإغراءات التي تدعونا الى التنازل عن القضايا القومية والإلتزام بحدود الكيان الذي فصّله لنا الإنتداب. لكن الشام التي وقف جيشها الفتي في ميسلون رافضاً الإنتداب، وقامت فيها الثورات من شمالها الى ساحلها وجنوبها وعاصمتها، هذه الشام الأبية لن تركع ولن تتنازل وستبقى قلب الأمة السورية وقلب العروبة النابض بالحياة وبالعزّ في زمن التهافت والذلّ العربي. وستبقى الجبهة القومية المقاومة متماسكة وفاعلة، من غزة الى لبنان الى دمشق والجولان والى بغداد والبصرة والموصل وكركوك، بحيث تتوحد أمتنا في النضال القومي ضد أعدائها ومستعمريها، وتتجاوز خطوط التقسيم التي رسموها لنا في مؤامرة سايكس ـ بيكو القديمة، أو تلك التي يرسمونها لنا في مؤامراتهم الحديثة تحت عنوان "الشرق الأوسط الجديد".

إننا نعلن أن هذه هي بلادنا، وأن إسمها هو سورية، وليست شرقاً أوسط لأحد، بل هي أمة الحضارة العريقة والإنسان المبدع، وأهل البطولات التي تعرف كيف تغيّر وجه التاريخ وتصنع تاريخها الجديد.

أيها القوميون الإجتماعيون

لقد تأسس حزبكم حاملاً مشروعاً لبناء حياة عظيمة لشعبنا العظيم، ووعد الامة بالنصر وبالحياة، لكن التحديات مازالت كبيرة وأخطرها الإنقسامات المذهبية والطائفية والعرقية، وهي الأمراض التي يعمل أعداؤنا على تقويتها ويستغلونها لتقسيم الوطن أكثر مما هو مقسّم.

لذلك فإن مهمتكم الأساسية حالياً هي التصدّي لكل أنواع الإنقسامات والفتن والحروب الداخليّة وأنتم المؤهلون أكثر من غيركم، لأنّكم حزبٌ قوميٌ لا طائفي ولا عرقي، ولأن صفوفكم تضمّ كل أبناء الأمّة، وتنتشرُ في كلّ مناطقها وشرائحها، وهذا ما يسمح لكم بلعب دور التوحيد على الأساس القومي الإجتماعي.

كما تترتّب عليكم مهمّة الصراع وبث روح الصراع ومنع إنتشار روح الإستسلام والخنوع للأمر الواقع، وكذلك التقريب بين كيانات الأمّة وإحياء التعاون والتضامن بينها. فلنقم بمهمّتنا الأساسيّة الطبيعيّة هذه، لأن الشعب بحاجة إليها ليتخلّص من اليأس والخوف الطائفي والمذهبي والعرقي، ولترتفع معنوياته، ولتزدهر أحواله الإقتصاديّة والإجتماعية بالتعاون بين الكيانات، ولينعم بالإستقرار الداخلي والمناعة القومية في وجه الخارج، فتكمل المقاومة عملية التحرير في كل ميادينها.

دمتم للحقّ والجهاد

لتحي سورية وليحي سعادة





 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024