شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2008-01-19
 

ما قاله الأحمق ..

د. وسام جواد

صرح الرئيس بوش,المعروف بـ (( stupid president )) أثناء زيارته للقدس الشريف : ان الولايات الصهيونية المتحدة ستبقى في العراق لفترة لا تقل عن عقد بموافقة الحكومة العراقية واختصر بذلك الفترة,التي تحدث عنها أحمق آخر,هو السناتور جون مكلين,الذي قال: ليس لدي أية مشكلة في استمرارالوجود العسكري في العراق لمدة مئة عام ..

وسبق لعلي الدباغ ,الناطق باسم حكومة الاحتلال أن أعلن بأن العراق " سيحتاج الى القوات الأجنبية للمساعدة في الدفاع عنه لمدة عشر سنوات أخرى, وان الجيش العراقي لن يتمكن من الدفاع عن العراق قبل عشر سنوات."

وتأتي تصريحات الزيباري حول النية في توقيع معاهدات " مصيرية " لتبين مدى دونية أعوان الاحتلال واستخفافهم بارادة الشعب الرافض للاحتلال " سوف ندخل نهاية هذا الشهر في مفاوضات مهمة مع حكومة الولايات المتحدة للتوصل الى اتفاقية تعاون طويلة الامد بين البلدين" وقال :" إننا بحاجة الى هذا التواجد مهما كانت تسميته، قواعد, معسكرات أو أي شيء آخر .." أما مجرم بشت آشان وذليل الاحتلال جلال الطالباني فقد أعلن بعد تنصيبه " لقد أتى أصدقاؤنا الأمريكيون ليحرروا بلدنا " وطالب مرتين ببقاء قوات الاحتلال لمدة عامين لتدريب ما أسماه بقوى ألأمن الداخلية وألجيش .

إنها لحالة فريدة حقا,أن يصل الاستهتارالى هذا الحد,الذي لم يعرف له التاريخ مثيلا, ولم تعهده حتى أكثرالشعوب تخلفا وأبعدها عن الحضارة. وهي حالة فريدة, جمعت بين حمقى الاحتلال وأعوانه, وباعدت بين القوى الوطنية,التي لم تنهض بمهامها في رص الصفوف, لحقيق وحدتها الى يومنا هذا, تاركة للخونة والعملاء والمرتدين حرية التحرك واستباحة الساحة السياسية دون رادع . وها هو حميد مجيد عضو مجلس النواب عن القائمة العراقية الوطنية,التي يقودها د.علاوي, يصرح بأن " الساحة السياسية العراقية تقتضي الآن إعادة الاصطفافات والتحالفات بين الكتل السياسية ".

إن ثمة ما يدعو لهذا "الاصطفاف والتحالفات" خصوصا, بعد أن تمخض التحالف بين قادة الاحتلال وقادة الكتل السياسية والدينية خلال الأعوام الخمسة الماضية عن نجاحات, فاقت التصور في خدمة قضايا الامبريالية الامريكية والصهيونية. ويبدو ان الحاجة أخذت تتطلب المزيد من تفعيل نشاط هذه التنظيمات المتحالفة مع الاحتلال, فراحت تتشبث به وتبحث عن مبررات غبية لاطالة بقاءه, طالما بقي يجزل العطاء لهم ويغدق عليهم .

وقال حميد مجيد " ان الساحة السياسية ستشهد انبثاق تحالفات جديدة وهذا امر طبيعي لكن من الصعب تحديد طبيعة تلك التحالفات في الوقت الحاضر".

إن الساحة السياسية,التي يتحدث عنها حميد قد تحولت منذ غزو العراق الى مسرحا مكشوفا, لا يمكنه سوى تقديم العروض التافهه والرخيصة,لمخرجين فاشلين ووجوه مسرحية مقيتة, مُهندمة, مُعممة, مُكشدة, مسدرة, مُشرولة, أوجدها الاحتلال الغاشم .أما الآن, وبعد الفشل الذريع ,الذي منيت به مسرحية "العملية السياسية" فان حاجة هؤلاء الفاشلين اصبحت ملحة الى انبثاق عمل مسرحي جديد, يكتب له السيناريو في واشنطن أو ربما في تل أبيب ( كما كتب من قبل دستور الاحتلال..) ويحاكي في اخراجه صناعة هوليوود.

واذا لم يعر قادة الاحزاب السياسية والدينية,المتحالفة مع برابرة العصراهتماما لسقوط مليون شهيد, وتهجير ستة ملايين عراقي , وتدمير البنى الاقتصادية والاجتماعية, وتحطيم شبه تام للمعنويات في صفوف الجيل الناشئ , واذا راح حمقى الزمان يتحدثون عن بقاء طويل وعن "تحالفات جديدة" وطويلة المدى,هدفها نهب الثروات وتحطيم مستقبل العراق بعد أن عملوا على تحطيم حاضره, فان قسطا كبيرا من مسؤولية استمرار هذا الوضع الشاذ يقع على عاتق القوى الوطنية المناهضة للاحتلال.

إن خمسة أعوام من الاحتلال البغيض بمآسيها وويلاتها كانت أكثر من كافية, واعطت أكثر من مبرر للقوى الوطنية الرافضة للاحتلال,لأن تضع خلافاتها جانبا, وأن تعمل على بذل الجهود من أجل تحقيق التقارب وارساء دعائم الوحدة الوطنية, الا أن جسورالثقة وإن مَدتها القناعة المشتركة لم يعبرها أحد.. وحتى اذا أبدى البعض استعدادا للعمل المشترك, فانه قد يصبح ضحية, تتقاذفه الالسن وتتناوله الاقلام بمجرد طرح أفكارأو ابداء آراء,لا يقتنع بها هذا الحزب أو ذاك التيار أو الجماعة. ولا شك في أن بعض العوامل الداخلية والخارجية, قد أسهمت في الابقاء على حالة التباعد بين القوى الوطنية المناهضة للاحتلال, والحقت ضررا كبيرا بالمقاومة الوطنية العراقية الباسلة. العوامل الداخلية :

- حزب البعث العربي الاشتراكي : لم تبد بعض الكوادرالقيادية في حزب البعث,الاستعداد اللازم للتعامل مع واقع يتطلب اعترافا جريئا وصريحا باخطاء,أدت نتائجها الى كارثة حقيقية, يصعب تحديد خسائرها البشرية والمادية والمعنوية, وثمنها الباهظ ,الذي دفعه وسيدفعه الشعب العراقي في التخلص من تبعاتها, وفي البحث عن الطرق الآمنة للخروج من محنتة. ولم يتخل البعض عن اسلوب التفرد والتعامل الفوقي الخاطئ مع باقي القوى الوطنية في وقتٍ, يُحتم اعادة تقييم مرحلتي ما قبل و بعد الاحتلال. واذا كان الحنين للماضي أمرا بديهيا بالنسبة لبعض البعثيين وانصارهم ,الا أن التفكير في امكانية عودته وبالشكل,الذي كان عليه يعد سذاجة. ولعل تجربة الحزب الشيوعي السوفييتي دليلا, وفيه ما يكفي لفهم المنطق السليم لديالكتيك التحولات الكمية الى نوعية. فقد أقر الحزب الشيوعي الروسي بعد انهيارالاتحاد السوفييتي باخطاء فترات حكمه ودخل الى البرلمان كباقي الاحزاب السياسية, ويحدد موقعه ما يحصل عليه من أصوات في الانتخابات العامة.

- الحزب الشيوعي العراقي : جسيمة هي التضحيات التي قدمها هذا الحزب المناضل , وعظيمة في أعين الناس أدواره في مرحلة التحررالوطني , وأليمة هي التراجعات, التي سببتها قيادات التحالف لعزيز محمد و حميد مجيد . لقد مرت الاحزاب الشيوعية بعد انهيارالاتحاد الوفييتي والمعسكر الاشتراكي تحت ضغط التآمرالصهيو- امبريالي وخيانة السكرتيرالاول للحزب الشيوعي گرباﭼوف, بانتكاسات لم يصمد أمامها الا القليل من القيادات المخلصة والمؤمنة بالنظرية. واذا جاء الاحتلال لتنفيذ المؤامرة الصهيو- امبريالية على العراق هذه المرة, فان الشعب والتاريخ لن يسامحا قيادة الحزب الشيوعي العراقي الحالية على مواقفها الخيانية في التحالف مع أقذر نموذج عرفـته البشرية للامبريالية العالمية, متمثلا في الولايات المتحدة, ومع الـقتلة وعهر السياسة في العراق .

- القيادات الكردية في شمال العراق : غبي مَن لا يؤمن بالحقوق المشروعة للاكراد في العيش الكريم كباقي المواطنين العراقيين وأغبى منه, من يبالغ في حجمه وقدرته على المساس بوحدة أرض العراق وشعبه من الشمال الى الجنوب. أما الاكثر غباءا من هذا وذاك, فهو من يراهن على بقاء الاحتلال ويدخل معه في صفقات الغدر والخيانة. إن ما تمارسه بعض المشايخ الكردية في الشمال من اساليب عنصرية وفاشية ضد باقي القوميات,لا ولن يخدم القضية الكردية وعليها أن تعلم بأن ولية المخانيث عمرها قصير.. وواهم مَن يتخذ مِن المعاناة السابقة سببا لتبرير ما يحدث من تجاوزات ومحاولات تسعى الى النيل من وحدة العراق. وعلى من يريد التفكير بمستقبل الاجيال القادمة وبحصاد الخير في عراقنا الحبيب أن ينثر من الآن, بذور المحبة والوحدة في ربوعه,لا سموم العنصرية والكراهية .

- القوى والاحزاب الدينية : لا يكمن التدخل السافر لبعض القوى الدينية في السياسة وشؤون الدولة في قوتها وشعبيتها, بل في قصور وعجزالاحزاب والقوى العلمانية,التي فقدت مصداقيتها بسبب فشلها في التعامل مع القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية,المصيرية للشعب. وكان هذا العجز واضحا, أثناء تفشي داء الطائفية الخبيث, حيث لم تجرؤ القوى والاحزاب السياسية على التدخل لوقف المجازر التي ساهم في توسيع رقعتها وروج لها بعض إخوان الشياطين, المتنكرين بلباس الدين.

العوامل الخارجية :

أدرك العالم فداحة الجريمة,التي ارتكبتها الادارة الامريكية في عدوانها على العراق وتجلت للدول المشاركة معالمها,التي أعتمدت على القوة والكذب والتضليل, فانسحب معظمها. وليس في منظمة الأمم المتحدة ما يعين العراق في شيئ, نظرا للتأثير القوي على هذه المنظمة من قبل الولايات المتحدة والحركة الصهيونية. أما بالنسبة للجامعة,الاقرب الى العبرية منها الى العربية, فانها لم تشجب العدوان, ولم تدعو الى انسحاب قوات الغزو,خوفا كما يبدو من غضب ولاة نعمتها في بعض دول الخليج وانزعاج ست الحِسن كوندا ..

الخلاصة : لا يعتمد مصير العراق على تأثير العوامل الخارجية بالقدر,الذي يعتمد على العوامل الداخلية, وعلى سرعة استعادة الأحزاب والقوى السياسية والدينية المناهضة للاحتلال لعافيتها, والقيام بدورها الوطني,الذي طال انتظار الشعب له, من اجل التحرير واعادة بناء العراق. واذا لم ينهض العراقيون بمسؤولياتهم, وما لم تتحقق الوحدة الوطنية فان ما قالهstupid president سوف يتحقق ..



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه