إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

إلى غسّان تويني رسالة 2 ج 3

أنطون سعادة

نسخة للطباعة 1946-04-06

إقرأ ايضاً


الأمين فخري معلوف – قال قولاً صائباً في كتابه الأخير الي وهو ان ابتعاده عن سداد الفكر السوري القومي الاجتماعي والعقيدة القومية الاجتماعية ناتج عن بعده المكاني عن الزعيم مدة سبع سنوات ويترجح عندي انه لو امكن التقريب المكاني بيني وبينه على اثر كتابه المذكور وقبل كتابه الاستعفائي الانسحابي لأمكن انقاذه من الهوة الفكرية التي انحدر اليها.

الظاهر من موقفه الأخير وحججه والاسباب التي بنى عليها طلب انسحابه ان تفكيره قد انحط عن الدرجة التي كان عليها. فهو بعد ان ارسل الي كتاباً يعترف فيه ضمناً بخطأ انتقاد لمقال "رسالة البابا الأخيرة" واستنتاجاته الأخيرة من كناب "نشوء الأمم" عاد فارتكب الغلط السابق عينه ووقع في متناقضات أساسية. وكيفية نظره الى الايمان بالمذهب الكاثوليكي وحدها تدل دلالة واضحة على وقوعه في ضعف المنطق المربوط بالواقع فهو يقول بوحدة الكنيسة المسيحية "تحت رئاسة الأب الأقدس" وعصمتها عن الخطأ في شؤون الايمان والأخلاق. ويزيد ان هذا الاعتقاد هو من الاعتقادات الكاثوليكية التي "تشكل وحدة متضامنة متراصة كما وصفها القديس والشاعر السوري افرام" الخ وقد وضعت جواباً اظهرت له فيه كم في قضية رئاسة البابا للكنيسة المسيحية كلها من وجوه سياسية ليست ضرورية من جهة الدين واوجزت مبلغ عامل رومة السياسي في اقرار البابوية وجعلها متمركزة فيها وابنت مبلغ أهمية الحجج والتأويلات التي يستند اليها الكاثوليك لتبرير رئاسة البابا على الكنيسة المسيحية كلها وجعل مركزه في رومة بدلاً من القدس او بيت لحم او جبل الزيتون او الناصرة. واوضحت مبلغ الضعف في الحجج والتأويلات المذكورة التي لا تسلم بصحتها الكنائس الأخرى كاعتبار ان البابا خليفة مار بطرس الذي مات في رومة وان مار بطرس هو رئيس التلامذة لأن المسيح قال له مترجماً اسمه اللاتيني "انت بطرس وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي" وهذا نص كلامي اليه في هذا الصدد: "في نظري ان المسيحية دين وعقيدة وان المحمدية كذلك وان الكثلكة والافروتسطنتية والارثوذكسية وغيرها وان السنية والشيعية والاسماعيلية وغيرها، فروع دخل فيها كثير من المسائل الفرعية او المصاحبات السياسية Political Association من ذلك القول، بوحدة الكنيسة المسيحية تحت رئاسة البابا الأقدس، اي قداسة البابا القائم بالخلافة عن مار بطرس في رومة. فهذه مسألة من صميم المعتقدات الكاثوليكية ولكنها ليست من صميم العقيدة المسيحية، وهي كانت ولا تزال موضوع جدل عنيف بين الكاثوليك وغيرهم من الطوائف المسيحية المشاركين لهم في الايمان المسيحي الواحد. فالكاثوليك يقولون ان المسيح أقام بطرس التلميذ رئيساً على جميعهم وبما انه مات في روما ودفن رقاته هناك او الاتفع من هناك ال السماء فكرسي الخلافة يجب ان يكون في رومة، لا في الناصرة ولا في القدس حيث هبط وارتفع المسيح. ولا يوجد في الانجيل نص صريح يقطع كل تأويل غير هذا التأويل. فهو اجتهاد او تأويل لقول المسيح لبطرس: "أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي" الذي يمكن ان يفسر بأن المسيح أراد الايمان الذي ظهر في تلك الدقيقة من بطرس لا بطرس بذاته، فضلاً عن ان قوله "وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي" لا يفيد اقامة بطرس رئيساً ولا تعيين الخلافة له أين تكون وكيف يكون، ويؤيد حجج المعارضين لهذا التأويل أن بطرس الذي أظهر كل ذلك الايمان في الموقف السابق كان أضعف التلاميذ بعد يهوذا الاسخريوطي لأنه انفرد بانكار المسيح حين قبض عليه. ويؤيد ذلك أيضاً ان الصخرة في بناء "الكنيسة" او تعزيز الدين المسيحي كان بولس أجسر كثيراً من بطرس ومن الانجيليين يوحنا ولوقا ومتى. وكان بطرس اضعفهم بياناً وأقلهم أثراً، أقول ذلك من أجل تبيان كم في هذه المسألة من وجوه للأخذ والرد ولا أحسبها شرطاً من شروط الايمان المسيحي. وأذهب الى أن فيها عوامل سياسية يجب ان لا تغيب عن نظرنا تحت سلامة الاعتقاد بوحدة الكنيسة".

عالجت موقف الرفيق معلوف الجديد بمنتهى الرقة ظناً مني أن الأمر ليس سوى مجرد خواطر وتوسعات فكرية روحية. فأجاب على كتابي بذلك الجواب الذي قال فيه: "ومما لا شك فيه ان الظروف التي قضت بالانفصال المكاني بين الزعيم والعدد الكبير من مفكري الحزب مدة تبلغ نحو سبع سنين منعت استمرار التداول والتفاعل الفكري في جميع الشؤون المتعلقة بالفكرة القومية الاجتماعية في نموها وتفرعها وان ذلك من الصعوبات العديدة التي سنتغلب عليها بالشجاعة والثبات وسعة الصدر كما تغلبنا على صعوبات عديدة غيرها. وقد جاءت رسالتك المشار اليها معبرة عن حلمك ورحابة صدرك مما لم يكن عندي أدنى شك فيه". وفي جوابه هذا يقول: "أما أمر صحة الخلافة لبطرس وامر مركز الكنيسة فأمران فرعيان بالنسبة الى القضايا الخمس التي ذكرت (هي قضايا أوردها في جوابه) والبحث فيها قبل حصول الاتفاق على تلك لا بد ان يكون قائماً على قضايا افتراضية مما لا يفيد كثيراً في بناء الحقيقة"، وهوبهذا التصريح يتنازل عن موقفه السابق واعتباره وحدة الكنيسة تحت رئاسة الأب الأقدس وعصمتها من أصول الايمان الكاثوليكي التي لا يمكن تجزئتها وفصلها بعضها عن بعض.

...

يتبع

صدر عن مكتب الزعيم، في 6 ابريل 1946 ولتحي سورية

خاتم وامضاء الزعيم


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024