إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

"يهودية الدولة".. وقواعد الصراع

مازن بلال- سورية الغد

نسخة للطباعة 2010-10-17

إقرأ ايضاً


علينا أن نغرق كثيرا في مشاهد "المتشددين" من المستوطنين، فهم الوجه الأول لصورة "يهودية الدولة" كمنهج، وهم على ما يبدو "حجر التحول" في مسألة "قواعد الصراع" بين "إسرائيل" والعرب، أو تبديل "معطيات التسوية" بالكامل، لكن النظرة الأخرى لمسألة "يهودية الدولة" تستند إلى عمق سياسي مختلف، فإذا كنا مقتنعين أم "إسرائيل" نشأت "يهودية بطبيعتها"، فعلينا أن نبدأ بتفكيك فكرة "الإعلان" عن هذا الموضوع بعد أكثر من ستة عقود على تأسيسها.

تبدأ المسألة في فكرة "الشرق الأوسط" بذاتها، فنحن نعرف هذه المنطقة "سياسيا" وفق خارطة وجدت فيها "إسرائيل"، فالبنية التي تكرست في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى قامت على هذا التركيب الذي لا يمكن شطب "دولة" منه، ولكن ماذا لو حاول البعض تبديل الشرق الأوسط كما فعل "جورج دبليو بوش"، أو حتى بعض "قادة إسرائيل" أنفسهم، عمليا فإن الخارطة الشرق أوسطية أبدت قوة واضحة ليس في مواجه "الشرق الأوسط الجديد" بل أيضا في محاولات أخرى بدت طائشة مثل تلك التي قام بها صدام حسين باحتلال الكويت، لكن هذه المحاولات لا يمكن الحكم عليها بأنها فاشلة بالمطلق لسببين:

الأول أنها حولت مجريات الصراع في المنطقة، فالتوازن الذي استمر على امتداد القرن العشرين بدا مهددا، بل وأكثر من ذلك فإن بعض دول المنطقة كانت قادرة على الانسجام مع "الرؤية الإسرائيلية" فكسرت بذلك التناقض الأساسي داخل الشرق الأوسط الذي كان يتمركز حول "جغرافية فلسطين". وهذه الدول التي يدعي البعض أنها قدمت عبر تاريخها "خدمات إسرائيل" سواء عن قصد أو غير قصد، انتقلت بمصالحها باتجاه الطرف الآخر.

الثاني غير من الوظائف السياسية لبعض الدول كما حدث في تركيا او عمقتها كما جرى في إيران، وهو ما أحال الشرق الأوسط إلى توازن سياسي جديد ربما لم يغير من خارطة الدول لكنها أوجد عوامل إضافية داخل الأزمات الموجودة فيها.

الولايات المتحدة خاضت تجربتها في تكسير خارطة الشرق الأوسط، وربما استطاعت شطب العراق كما نعرفه من المعادلة الإقليمية، بينما وقفت المنطقة أمام مساحة "الاحتمالات" حيث يبدو المستقبل قادرا على استيعاب تغير "الخارطة الشرق الأوسطية"، والواضح ان مرحلة الرئيس الأمريكي السابق "جورج دبليو بوش" كانت مليئة بالمغامرات العسكرية غير الحاسمة، لكنها في نفس الوقت فتحت مجال الاحتمال وهو ما وضع "إسرائيل" أمام أسئلة كبرى في مسألة وجودها رغم تفوقها العسكري وقدرتها على حش التعبئة الدولية لمساندتها.

احتمال التغير في الشرق الأوسط سيدفع حتما إلى إعادة النظر في قواعد الحرب والسلام، حيث لا يبدو اعتراف الدول العربية بـ"إسرائيل" كافيا لها أو يضمن لها البقاء في مساحة من الأمن، لأن الاختلال الذي حصل منذ بداية الألفية الحالية يجعلها تنتقل إلى موقع آخر يبحث عن "الأمن" في ظل احتمالات التغيير في خارطة المنطقة، فهل تشكل "يهودية الدولة" حلا لمثل هذا الموضوع؟

هذه القضية مازالت في بدايتها، وهي أيضا تضع المنطقة ضمن مجال احتمالات جديدة، لكنها على الأقل تعبر عن "القلق الإسرائيلي" من جملة الأحداث السياسية التي مرت، وربما كان آخرها وجود الرئيس الإيراني على حدودها الشمالية... فهل الشرق الأوسط الحالي يشبه القديم!


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024