إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

«غارة» أميركيّة على زحلة ودمشق تتولّى الضغوط الدوليّة

عفيف دياب - الأخبار

نسخة للطباعة 2011-01-17

أغارت» فجأةً السفيرة الأميركية في بيروت مورا كونيللي على منزل النائب نقولا فتوش في زحلة. «غارة» اضطرارية ناجمة عن «ضبابية» موقف النائب المتمرّد على فريق 14 آذار، الذي خدعه بعد الانتخابات النيابية وأبعده من التشكيلة الحكومية السابقة، لكنّه تمرّد لا ينفي التحسُّب لموقف شارع البقاع الأوسط الموالي لتيار المستقبل، الذي بدأ، أمس، أوسع حملة تضامن مع رئيسه سعد الحريري، من خلال رفع اللافتات الداعمة لتولّيه رئاسة الحكومة من جديد، والمتوعّدة كل من لا يلتزم بذلك: «لا تختبروا صبرنا ولا تستفزّوا سعدنا».

هذه «الضغوط» المعنوية التي يتعرّض لها فتوش، ارتفع منسوبها بالتحرك الميداني المفاجئ من جانب السفيرة الأميركية التي التقته في اجتماع مغلق لمدة ساعة بحضور شقيقه بيار، اللاعب الأساس في توجهات شقيقه السياسية، والداعم له اقتصادياً من خلال مؤسساته واستثماراته في أكثر من دولة عربية وأجنبية لواشنطن ومؤسساتها المالية والاقتصادية والأمنية الكلمة الفصل فيها، وهذا ما سيُلزم النائب فتوش بإعادة تدوير زوايا موقفه، إذ خرج فتوش بعد الاجتماع ليدلي بتصريح يؤكد فيه أنه ليس في فريق 14 آذار و«لست في 8 آذار. أنا مستقل وأجسّد مزهرية البقاع». وأضاف «حتى الآن، أقوم باتصالات لاتخاذ الموقف الذي يجسّد الوحدة التي تتمتّع بها زحلة والبقاع». وكشف فتوش أنه أطلع السفيرة الأميركية على موقفه، و«ما زلت أقوم بالمشاورات مع أهلي وأبناء منطقتي من أجل الوصول الى القرار المناسب الذي يخدم مصلحة لبنان العليا، وأكدتُ لها أنني مع المواقف النابعة من الدستور والمصلحة العامة (...) وأهم ما ركّزت عليه أنّ التحدي الكبير ليس في تأليف حكومة متجانسة، أو ترضي الأطراف المتنازعين، بل هو كيف نستطيع إعادة بناء وطن». وإزاء موقف فتوش «الغامض» بعد زيارة السفيرة الأميركية، ذكر زحليّون مطّلعون على حركة نائبهم السياسية الأخيرة، أنه كان قد أوفد شقيقه بيار الى العاصمة السورية قبل «هبوط» السفيرة مورا كونيللي، وأنّ بيار عاد بأجواء غير مريحة، وأنّ من التقاهم في دمشق كانوا حاسمين في موقفهم «إما معنا، وإما معهم»، وأن هذا الكلام أُبلغ الى السفيرة الأميركية التي كانت أيضاً حاسمة في حديثها مع فتوش النائب: «نريد سعد الحريري رئيساً للحكومة».

إلا أنّ «الضغط» الأميركي على فتوش وغيره من المستقلّين، لن يحدّ من قرار قوى الثامن من آذار خوضها المواجهة السياسية ـــــ الدستورية مع فريق 14 آذار. ويقول معارضون إن «قرار المواجهة مع الفريق الأميركي في لبنان لا رجوع عنه مهما كلف الثمن السياسي». ويكشف هؤلاء أن قرار استقالة وزراء 8 آذار اتّخذ في بيروت بمباركة سورية وإيرانية «شرط حسم السلطة التنفيذية لمصلحة المعارضة في مهلة لا تتجاوز الأسبوعين منذ بدء الاستشارات النيابية، وعدم اللجوء الى الشارع تحت أيّ ظرف». ويضيفون إن دمشق وطهران «تستطيعان تلقي صدمة المجتمع الدولي وضغوطه نيابةً عن المعارضة لمدة لا تتجاوز الأسبوعين، وإلا فستضطران إلى العمل على تدوير الزوايا نحو تسوية جديدة». ولا يخفون أنّ دمشق «أبلغت بلغة حاسمة كل من يعنيه الأمر في لبنان وخارجه، أنّ أيّ نشاط أمني لأيّ جهة أُصولية في لبنان، وتحديداً في عكار وطرابلس والبقاع الغربي، مدعوماً بطريقة أو بأُخرى من تيار المستقبل أو من غيره، سيلزمها بالتحرك الأمني لقمع تحركات تهدّد عمق أمنها القومي»، كما أنّ الجيش اللبناني، بحسب المعارضين أنفسهم، أبلغ كل الأطراف المعنيين بالأزمة السياسية الحالية بقراره الحاسم ضرب أيّ تحركات «شوارعية» أو أمنية تهدد السلم الأمني. ويؤكد هؤلاء المعارضون أنّ فريق الثامن من آذار «لن يلجأ الى استخدام الشارع في صراعه مع الفريق الآخر، بل إنّ قادة كباراً في المعارضة أبلغوا كل قواهم الحزبية بوجوب التزام الهدوء وعدم الانجرار وراء استفزازات مهما كان نوعها وحجمها».

لكنّ مهلة الأسبوعين المعطاة للمعارضة السابقة لتأليف حكومتها، دونها صعوبات لا يخفيها المعارضون، وأبرزها حساسية اختيار المرشح السنّي لتولّي رئاسة الحكومة، لكن «لن نقف كثيراً عند حساسية هذا الأمر، ولا عند الحملة الإعلامية ـــــ الشعبية التي أطلقها فريق 14 آذار، والتي تدّعي أنّ حزب الله وحلفاءه يقمعون أو يتحدّون الإرادة السنية في لبنان، التي اختارت سعد الحريري زعيماً لها». ويوضحون أنّ «السنّة في لبنان ليسوا تحت عباءة آل الحريري، وأن أكثر من 35 % من المقترعين السنّة في لبنان خلال الانتخابات النيابية السابقة صوّتوا لمرشحي المعارضة السنّية، و45% من الأصوات السنّية حصدها معارضو آل الحريري وتيار المستقبل في الانتخابات البلدية والاختيارية الماضية، ومن هنا لا يمكن أحداً الادّعاء أنّ آل الحريري يمثّلون السنّة في لبنان».

وإذ يرفض المعارضون كشف بعض الخطط السياسية الموضوعة لكل مرحلة، فإنهم لا يخفون وجود قرار مهم جداً لقلب المعادلة السياسية في البلاد «إذا فشلنا في حسم السلطة التنفيذية لمصلحتنا». ويقول أحد هؤلاء المعارضين: «لن نفشل في صناعة حكومة تحسم توجهات البلد الوطنية والقومية، وحسم موقع لبنان في مواجهة المشروع الأميركي ـــــ الصهيوني. وإذا لا قدّر الله فشلنا في تأليف الحكومة التي نريدها، فإنّ استقالة كل نواب 8 آذار من المجلس النيابي واردة، تمهيداً لإجراء انتخابات نيابية مبكرة ستكون نتائجها لمصلحتنا. فالمواجهة مع الفريق الآخر مشروعة، ولن نترك إجراء دستورياً أو قانونياً إلّا سنقدم عليه».




 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024