إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

رهانات الخطاب السوري: أزمة الماضي والحاضر

مازن بلال - سورية الغد

نسخة للطباعة 2005-09-24

إقرأ ايضاً


عندما يغادر ميلس لا شيء ينتهي أو يتبدل أو حتى يرسم مساحة لمعرفة الأزمة، فما يحدث في سورية هو "لون الغموض" المرتبط بالمعرفة وليس بالحدث. فالشارع السوري ربما لا يحتاج لتدفق المعلومات التي تغرقه يوميا بمئات التقارير، لكنه يحتاج لمعرفة "الأزمة" أو لقراءتها من أجل تأسيس خطابه المستقبلي. "لون الغموض" ينتقل عبر القلق الذي يجتاح البعض، بينما يقف الكثيرون دون حدوده بعد أن اعتدنا الأزمات، وربما تعرفنا عليها وفق صور مختلفة ابتداء من الحرب وانتهاء بأصغر المشاكل التموينية .. لكن هل الأزمات التي ظهرت مؤخرا تشكل طيفا آخر؟ هذا السؤال الذي يبدو مقلقا أكثر من طبيعة الحدث ... وهو الذي يعبر عن "لون الغموض" وسط سرعة في الحدث ساق الكثيرين إلى "فوضى بناءة" داخل منهج التفكير، قبل أن تتحقق النبوءة الأمريكية في "شرق أوسط كبير".



الخطاب السوري في مواجهة الأزمة لم يتحول كثيرا، وسواء كان معارضا أو رسميا فإنه بقي في حدود التعامل مع مقتضيات الأزمة وكأنها تعود لمرحلة الثمانينات من القرن الماضي، رغم أن المؤشرات توحي بأن ما يحدث لا يختلف نوعيا فقط، بل هو يسعى لتكوين سوية جديدة في العلاقات مع الشرق الأوسط. ما حدث قبل قدوم "ميلس" وبعده يوضح أن العاصفة السياسية تحتاج لمزيد من القراءة، وعدم الوقوف عند حدود المطالب الأمريكية أو الرد السوري، أو الغرق في "تغير السلوك" الذي أصبح عنوانا داخل السياسة الأمريكية. لكن ما يحدث هو اختلاق مواجهة مع الخطاب الأمريكي استنادا إلى "الحقائق"، أو التعامل وفق أسلوب "التفاوض"، رغم أن الأزمة الحالية هي أبعد ما تكون عن "الحقائق" أو "الحقوق" لأنها تملك طابعا تقنيا مرتبطا برؤية الولايات المتحدة للمنطقة.



لا شك أن الكثير من المحللين يعتبرون أن الإدارة الأمريكية لا تقرأ المنطقة بشكل صحيح، وعدد كبير من السياسيين يحملونها اليوم أخطاء العراق لأنها لم تكن قادرة على رسم استراتيجية لما بعد الاحتلال، وهذا الموضوع خاص بالولايات المتحدة، ولا ينفع تكراره أمام انفسنا وكأننا نحاول اختراع وصفة تعفينا من مسؤولية البحث والمعرفة وإيجاد آليات لتجنب الأسوأ في سياسة الولايات المتحدة.



رهانات الخطاب السوري لا يمكنها البقاء اليوم في إطار واحد، بل هناك ضرورة للتعامل بديناميكية مع أنفسنا بالدرجة الأولى لنستطيع إدارة أزمة ربما تكون الأعقد منذ حرب الخليج الثانية، لأن ما يحدث من ضغوط سياسية ربما يكون هدفه الإرباك أو التخويف أو غيره من الأمور، لكنه في النهاية سنعكس علينا دون تميز واضح بين السياسة والمجتمع ... والرهانات تحتاج لتطوير مرتبط بعمق معرفتنا بذاتنا وليس بتوصيف ما حدث وما سيحدث ومن هو المسؤول !!!



 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024