إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

سيناريوهات الرعب .. أم التخويف

مازن بلال - سورية الغد

نسخة للطباعة 2005-09-27

إقرأ ايضاً


أسابيع قليلة تجعل الزمن دائرة خوف وتقارير أو تحليلات، فعندما ينهي ميلس تقريره تكون أعصابنا انتهت فعليا من أشكال السيناريوهات التي يرسمها البعض، بينما يريد آخرون الانتظار أو التحذير من تسييس نتائج التحقيق.


وإذا كانت الضغوط الأمريكية تحاول بث اللون الرمادي للمنطقة إجمالا، فإن مهام المحللين بدأت تدخل مجال التبصير، أو أنهم يكتبون اليوم حلقات من دراما لن يكتب لها العرض على الشاشات الصغيرة، لأنهم يأملون أن تصبح واقعا فيحققون نبوءة نهائية في عالم التخمين.


والحديث هنا عن وطن .. أو مستقبل أجيال تأمل أن يُتاح لها الأفضل .. لكن الصمت يوحي بأن "النخب" من كل لون تريد البقاء في عالم التنجيم، دون الدخول في اللعبة الصعبة التي ترسم المستقبل. فسيناريوهات الرعب أصبحت تخويفا أو رهابا يلازم الجميع فنصمت أو نختار الانتظار. وكأن لجنة ميلس بغض النظر عن التحقيق حملتنا "أثم" إدانة أنفسنا بجرم الحياة في الحاضر، فانتقلنا نحو الماوراء، نرسم عالمه ونتغنى بنباهتنا التي تعفينا من مسؤولية الحياة.


ما سيحدث في سورية مهما كانت طبيعته، ولن يكون بالضرورة سياسيا، هو إدانة للجميع بأنهم لا يريدون المستقبل بل يحلمون بنرجسية الفردوس، ويسعون لإسقاط مراجعة الذات الثقافية قبل السياسية. وما سيحدث في سورية بدأ منذ زمن عندما استقال الجميع من موقع العمل إلى مساحات التنظير، فاصبح الخبر السياسي نهاية المطاف. ثم أصبح الفساد قميص عثمان الذي يطرح في كل لحظة، وغدت "الأجهزة" الكلمة التي تمنحنا البراءة كي نتنصل من العمل العام. وكأن العمل العام هو الفردوس، بينما يصور التاريخ أنه كان جحيما مهما اختلفت الجغرافية أو الزمن.


ليس مطلوبا اليوم روادا للتخلص من "رهاب" ميلس، أو "رعب" المحافظين الجدد!! بل ربما بشر عاديون مقتنعون بأن سورية بحاجة ليد حنونة أكثر من حاجتها لبيانات تشتم المعارضة أو السلطة أو أحزاب تبحث في خطاب "تعبوي" عن زمن افتراضي في أذهانها.


اليوم مثل الأمس .. مساحة التنظير والسيناريو تكبر .. بينما تصغر جغرافية الوطن في عيون المحللين على الأقل. إنها ليست ساعة الحقيقة كما يدعي البعض؛ إنها اللحظات المكررة التي تنتظر بالفعل عصبية للمستقبل ... عصبية لأجيال جديدة ... عصبية لوطن محاط بالأزمات.



 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024