شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 1943-07-15 |
الحزبية الدينية في سورية وويلاتها ج 2 |
"يا فخامة السفير ان المسلمين، رغم تعلقهم بمبدأ الوحدة قد قنعوا بالتريث في تحقيقها ريثما تتهيأ أسبابها وظروفها باعتبار ان قضية الوحدة قضية زمن فحسب وان احقاق الحق والمساواة بين الطوائف في الجمهورية اللبنانية امر ضمنته الوعود التي قطعتها حكومة فرنس،، ووعودكم الشخصية ونصوص المعاهدة الفرنسية اللبنانية. على هذا الأساس استقبل المسلمون الوضع الحاضر بأمل وتفاؤل غير انه جاء بالبيان الوزاري ما يصح ان نسميه مفاجأة، أعاد شعور القلق والتشاؤم إلى نفوس المسلمين، اذ تلمسوا فيها بوادر الرجوع الى خطة قديمة مرسومة. ولقد رأينا، اتياعاً لخطة الصراحة، التي تعودتموها منا، ان نفضي اليكم بما يساور نفوسنا من القلق لهذه البوادر فتتخذوا منذ الآن ما يحول دون تحقيقها ويزيل المخاوف من النفوس لكي يمكن الوصول الى استقرار يصح السكوت عنه. ان البيان الوزاري المؤرخ في 4 شباط 1937 تضمن فقرة خاصة بالمهاجرين تقول فيها الحكومة "انها اسعى لتصل إلى حل نهائي لمشكلة الجنسية". ان فخامتكم تعلمون ان الركن الرئيسي الذي يقوم عليه النظام السياسي في لبنان هو نسبة عدد الطوائف بعضها الى بعض، لذلك كانت قضية عدد السكان والنسبة بين طوائفهم قضية حيوية بنظر المسلمين خاصة لأن على أساسها تتوزع الحقوق ومنها يجب أن يبتدىء الانصاف الذين يطلبون والذي وعدوا به والذي عليه يتوقف الاستقرار، استقرار ينشده أبناء البلاد جميعاً وتسعى اليه فرنسة. وبعد فلو كان ما ورد في البيان الوزاري يعني السعي لعودة المهاجرين الى هذه الديار ليشتركوا في خدمتها ويتمتعوا بحقوق الوطن ويقوموا بما عليهم من فروض وواجبات لكنا أول من يرحبون بهذا المسعى. ولكن لهذه القضية وجهاً آخر يتلخص بتضخيم بعض الطوائف تضخيماً وهمياً على حساب طوائف اخرى. وهذه خطة قديمة اتبعت في الماضي وكانت عاملاً كبيراً من عوامل التبرم والتذمر والاضطراب. ان قضية المهاجرين اللبنانيين قد بتَّ فيها دولياً بموجب معاهدة لوزان في المواد 30 وما يليها وقد جاء في هذه المواد ان العثمانيين الموجودين في المهاجر من أبناء البلدان المنسلخة عن السلطنة العثمانية (واللبنانيون منهم) لهم الحق أن يطلبوا التجنس بجنسية بلدهم المنسلخ عن السلطنة او بجنسية البلد الذي يقيمون فيه وقد أعطوا مهلة سنتين انتهت سنة 11 آب سنة 1924 لاستعمال حق الاختيار المذكور. وبعد انقضاء هذه المدة اذا لم يستعملوا هذا الحق يعتبرون محتفظين بجنسيتهم العثمانية القديمة. ولقد تبين، بعد انقضاء الموعد المضروب في معاهدة لوزان ان عدد الذين طلبوا الجنسية من المهاجرين كان ضئيلاً. فقد آثر معظمهم عدم اختيار الجنسية اللبنانية في حين انه كان من ألمنتظر عكس ذلك، اي كان منتظراً ان يعود المهاجرون اللبنانيون الى وطنهم ويجددوا صلتهم به بعد الانقلاب، اذ زالت السيطرة العثمانية عن بلدهم وحلـّّت فيه فرنسة حامية ووصية ومنتدبة. على ان انصراف اولئك المهاجرين عن اعتناق الجنسية اللبنانية في تلك الظروف الت يكان مفهوماً لديهم خاصة انها ملائمة لهم، متفقة مع مصلحتهم وأمانيهم، وقد أكد انصرافهم عن النظر الى لبنان كوطنهم الحقيقي وبيّن عزمهم على اتخاذ مهجرهم وطناً نهائياً لهم. وان مشيئة هؤلاء المهاجرين الصريحة بعدم اختيار الجنسية اللبنانية وتثبيت هذه المشيئة دولياً بموجب معاهدة لوزان وانقضاء المهلة الممنوحة في المعاهدة، كل هذا جعل مسألة جنسيتهم امراً مبتوتاً فيه من الوجهة القانونية الدولية. فاعادة البحث في هذا الموضوع يكون مناقضاً للأمر المقضي ومنافياً للحقوق المكتسبة للطوائف المثيمة في هذه البلاد. ولا يمكن ان يفهم منه الا انه في النية العودة الى خطة التضخيم القديمة التي من جملة مساوئها ان قيد كثيرين من المهاجرين في عداد الغائبين موقتاً عن البلاد، في حين انهم انفصلوا مختارين جنسية وقعلا عن لبنان وقد قضوا خارجه مدة لا تجيز اعتبارهم غائبين موقتاً. لقد كان، يا صاحب الفخامة من وراء هذه الخطة اللبقة ضياع حقوق سياسية للمسلمين في بلد يقوم فيه التمثيل الانتخابي وتوزيع الحقوق على نسبة عدد الطوائف بعضها الى بعض. وبينما نعتقد ان الدور الحاضر سيزيل الحيف الموروث عن مثل هذه الخطة القديمة، إذا بالبيان الوزاري يعيد الى نفوس المسلمين القلق الذي أشرنا اليه في صدر هذا الكتاب ويحملهم على الاعتقاد ان تنفيذ خطة التضخيم سيكون اشد خطراً واوسع مدى في هذا العهد مما كان عليه في السابق. ان المسلمين في هذه البلاد لا يريدون ان يغمطوا حق أحد ولا هم هم يريدون ان يأخذوا أكثر من حقهم ولكن في الوقت نفسه لا يريدون ان تغمط حقوقهم بأساليب لبقة دقيقة من هذا النوع. ان المسلمين يرون ان حسن النية في هذا الموضوع لا يمكن اثباته لدى الجميع الا بأن تكل الحكومة امر الاحصاء المقبل الى خبيرين فنيين من الأجانب الموثوق بتجردهم كما فعلت كثير من الدول الفتية فطعاً لكل اعتراض وشكوى على ان لا يدخل في هذا الاحصاء من المهاجرين الا من يثبت انهم اختاروا الجنسية اللبنانية بصورة صحيحة وفاقا لنصوص معاهدة لوزان. ان هذا الاحصاء النزيه وحده يعطي الأكثرية لأصحابها، هذه الأكثرية التي يدعيها الطرفان معاً والتي صرحت بعض المقامات المحترمة بأنها لطائقة وليست لأخرى. وتفضلوا، يا فخامة السفير بقبول فائق الاحترام. في 8 شباط 1937 (انتهت) في العريضة المثبتة آنقفاً نجد الموقف الواضح للفئة التي سمت نفسها "المجلس القومي الاسلامي" وأرادت ان تنزلها منزلة التعبير عن ارادة المسلمين المحمديين جميعهم (وسنبحث قيمة هذا التعبير في ما يلي) وجمعت فيها جميع الحجج التي يمكن ايرادها لتأييد وجوب الاستغناء عن بضع مئات او عشرات الوف من ابناء الوطن المغتربين لمجرد انهم مسيحيون وابقاء جنسيتهم يمكن ان يضعف تأييد بعض الطامعين في وظائف الحكم من الحزبيين الدينيين. فلننظر في الحجج الواردة في العريضة ونفحص جوهرها: ... يتبع "الزوبعة"، العدد 63، في 15 يوليو 1943.
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |