شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2012-06-16
 

من رأس يوحنا المعمدان إلى رأس الشام... المشهد واحد

الياس عشّي - البناء

إزاء هذا العنف الذي نراه في كلّ مكان، وخاصّة في سورية، ويترافق أحياناً مع رفع الرايات الإسلامية والتكبير باسم الله تعالى، لا بدّ من التذكير بالآية القرآنية الكريمة « ولو أنّا كتبنا عليهم أنِ اقتلوا أنفسَكم أوِ اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلاّ قليلٌ منه».

وكما في كتاب الله كذلك في الحديث الشريف «الخروج عن الوطن عقوبةٌ» و«حبّ الوطن من الإيمان».

فإذا انتقلنا الى الصحابة لسمعنا من الخليفة عمر ( ر ) قوله : « لولا حبُّ الوطن لخرب بلدُ السوء». حتى إذا أبحرنا أكثر في العقل الإسلامي برزت أمامنا درر من الكلام لا أعتقد أن واحداً ممن يقاتلون في بلاد الشام قد سمع بها، فهذا أيّاس بن معاوية يقول : مثّلتُ الدنيا على مثال طائرٍ، فالبصرةُ ومصر الجناحان، والشام الرأس، والجزيرة الجؤجؤ، واليمن الصلب».

وبتعليق بسيط : إذا ضُرب الرأس أهيض الجناحان، وسُملت العينان، وانهار الجسد.

ويبدو أن الغرب أدرك هذه المعادلة قبل أن يدركها العرب، والسبب أن الغرب يقرأ ويخطّط وينفّذ، فيما العرب، أكثر العرب، لا يقرأون، وإن قرأوا لا يفهمون، وإن فهموا تغابَوا.

وإلاّ كيف نفسّر هذا الحقد الأسود في أروقة جامعة الدول العربية؟ وكيف نفسّر علانية الموقفين السعودي والقطري من تسليح المقاتلين وإصرارهما على قطع رأس الشام، معيدين إلى الأذهان مشهد «سالومي» اليهودية وهي تتسلّم رأس يوحنّا المعمدان المعروف لدى المسلمين بالنبي يحيى؟ بل كيف نفسّر الموقف الرمادي لبعض الدول العربية التي لم يتعبها الصمت رغم كلّ الضجيج الدموي المالئ الشام؟

ومن سيصدّق بعد اليوم أن كلّ هذا الدمار، وكلّ هؤلاء الشهداء، وكلّ هذه العبوات الناسفة والأجساد المتفجّرة، وكلّ هذا المال، وكلّ هذا الكذب، إنّما حصل من أجل حريّة المواطن السوري، ولأجل الديمقراطية؟

حاربوا كما تشاؤون، ولكن إيّاكم والمتاجرة بالدين، وإيّاكم والمتاجرة بالوطن، فمن يعلن استعداده لقبول مساعدة الكيان الصهيوني لتغيير النظام ليس هو من الدين بشيء، وليس هو من الوطن أكثر من أجير. وهنا لا بدّ من التذكير بما قاله جمال الدين الأفغاني:

« لسنا نعني بالخائن من يبيع بلاده بالمال، ويسلّمها للعدو بثمن بخس، وكلّ ثمن تباع به البلاد فهو بخس. بل خائن الوطن من يكون سبباً في خطوة يخطوها العدو في أرض الوطن، بل من يدع قدماً لعدوّ تستقرّ على تراب الوطن، وهو قادر على زلزلتها، فهو خائن وفي أيّ لباس ظهر، وعلى أيّ وجه انقلب».


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه