إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

ومرة ًجديدة تنتصرُ سوريا وتـُغيِّرُ مجرى التاريخ

يوسف المسمار

نسخة للطباعة 2012-12-31

إقرأ ايضاً


" أيها السوريون .. انَّ فيكمْ قوة ٌ لو فعلتْ لغيّرتْ وجهْ التاريخ " هذا هو كلام من وضع ثقته في شعبه ولم تزعزع ثقته بشعبه كل عواصف السموم وزلازل التآمر والوشايات والدعايات والخيانات، بل ختم رسالته بدمه ، فكتب بالدم أولى حروف التغيير الذي حرَّك قوة الأمة فـفعلت وغيَّرت سير التاريخ .

ومن أجـل الحفاظ على قـوة الأمـة فاعلة كانت نصيحته الكبـرى لـرفقائه وتلامذته وجميع أبناء الأمة الأحـرار بلسانٍ عربي مبين : " لا تضطربوا أمام الخطر فالخطر في اضطراب الأعصاب " ولم يطلب من غيره أن يفعل ويبقى متفرجاً - كما اعتاد المنتفعون والمتنفذون ورجال السياسة المصنوعون والمدعومون بالارادات الأجنبية التي أوجدتهم ، أو بجهالات القرون المظلمة التي وفــَّرت لهم الوجاهة - أن يأمروا غيرهم بالفعل،ومجابهة الصعاب وتحمّل الآلام ،والذهاب الى السجـون والمنافي والمـوت بينما هـم يستمـرون بعيـديـن عن تحمل مسـؤولياتهم وفي حماية أسيادهـم المستعـمـرين ، بـل كان القـدوة الشامخة في السجن، والمثل البـديـع في المنفى ، والقائـد الفـريـد في استقبال الرصاص وتشريف الموت من أجل عزة حياة أمته في هـذا العصر ، وكان الصائغ لأول جملة مفيـدة في ايقـاظ روح الأمة وانتشالها من مقبرة التاريخ لتتمكن من النهوض بالأمة وبالعالم العـربي ، ومباشـرة العمل في ورشـة استعـادة بناء مجـد الأمـة روحاً وفكـراً وارادةً وفعـلاً وجهـاداً وانتاجاً وطمـوحاً مـُثـُلـه العليا تتدافع وتتنافس وتتبارى في ابتكار وابداع ما لم تكن تحلم به نفس في ماضي العصور، ومالم تستطع أن تحلم به نفوس الذين انطفأت أرواحهم وضمائرهم ووجداناتهم وعقولهم وانسانيتهم في هذا الزمان .

لقد أدرك بوعيه السليم الخطر الأعظم على الأمة وأجيالها وعالمها العربي حين حصره بإضطراب أعصاب أبنائها الواعين الأحرار وأبناء العروبة الأباة أمام الخطر، لأن الخطر الحقيقي القاتل هو باضطراب أعصاب أحرار الأمة وأعزائها واستسلامهم للقنوط واليأس والملل . الخطر الكبير يكمن في فقدان ثقة أعزاء الأمة باصالة أمتهم وعزة نفوسهم ، والشك بقدراتهم على تجاوز الصعاب والتصدي لأعدائهم فينهار كيانها ، ويتبخر مجدها، ويتلاشى تاريخها ، وتـتوزع علومها وآدابها وفـنونها وابداعاتها على رعاع الشعوب وحثالاتها ، ولا تجد لها مكانا في العالم الا مقابر التاريخ أو زوايا المتاحف المظلمة.

ان الأمم العظيمة هي العظيمة بأفكارها العظيمة ، وشعبها الممتد في التاريخ والمستمر عظيماً في تعاقب الأجيال ، وقادتها العظام الذين يقودونها من نصر ٍالى نصر ومن مجد ٍالى مجد دون أن تضطرب أعصابهم أمام المحن مهما اشتدت، ومن غير ان يرتابوا وتراودهم الشكوك باصالتهم أو يفقدوا ثقتهم بأنفسهم وبأمتهم ، بل يجدون دائما بتوازنهم واتزانهم وعبقريتهم منافـذ النور، فيوقظون بمواقفهم وتوجهاتهم بنات الأمة وأبنائها ، ويمدونهم بكل عوامل الثقة بالنفس والاعتماد على الذات ، ويرتفعون أمام الملايين من أبناء شعبهم مشاعل هداية ونماذج بطولات ، فينتفض أبناء الأمة وينهضون بفكر ٍنوراني باهر وارادة قوية قاهرة تجعل كل من يفكرباذلال الأمة عبرة لغيره من الخونة في الداخل،ودرساً لكل معتدي يطمع باذلالها من الخارج .

هكذا كان تاريخ سورية في الماضي ولا يزال مستمراً في الحاضر وليس المستقبل الا امتداداً متجددا نامياً ومتطوراً للماضي المجيد والحاضرالذي تـُغيِّر فيه أمتنا تاريخ الانسانية من سيطرة القطب الهمجي الجائر على الشعوب ، الى عهدٍ جديد هو عهد تلاقي وتفاعل أقطاب الأمم المتمدنة وتفاهمها وارساء العلاقات فيما بينها على أسس التفاهم والتعاون والاحترام المتبادل للحقوق التي هي أساس كل حضارة وارتقاء كل مدنية .

ان غزوات دول العدوان والامبراطوريات الهمجية المتوحشة على أمتنا منذ بداية التاريخ الجلي لم تتوقف ولا للحظة واحدة ، وان صمودنا في العراك ومقاومتنا المتجددة باستمرار كانا دائماً ولا يزالان سمتنا البارزة التي تميّزنا عن سائر الأمم .

ومخطيء من يظن أننا استسلمنا يوماً لغازٍ معتدي جائر مهما استعمل من أساليب الجور والتوحش والهمجية والقتل والمجازر . لقد اعتدنا على ذلك، والاستشهاد البطولي أصبح لنا عادة وتقليداً ، وجنود جيوش المعتدين تناثرت جثـثهم في جميع الاتجاهات ، وأبيدت وتحطمت وتقهقرت كل الغزوات والاجتياحات . فلا جنود قورش صمدوا ، ولا جيش الاسكندر ثبت في العراك،ولا جحافل الرومان استمرت على أرضنا، ولا همجيات هولاكو استطاعت ان تنتصر علينا ، ولا غزوات قبائل الجاهليات العربية في الماضي صحـَّرت فكرنا وأجدبت خصوبة عقولنا ،ولا جيوش أوروبا الصليبية تمكنت من كسر ارادة الصمود والقتال في شعبنا ، ولا انكشارية العثمانية المتوحشة كان لها نصيب في شل عزيمتنا وانهاء تاريخنا ، ولا جيوش الانكليز والفرنسيين والأميركيين والصهاينة وعرب الخيانة والنذالة اليوم وجميع عصابات المرتزقة والارهابيين المجرمين تمكنوا ويتمكنون من تسجيل أي انتصارعلينا واجبارنا على الاستسلام منذ ما يقاربالمئة عام .

انهم يحاولون فرض الاستسلام علينا والقضاء على وجودنا وحضارتنا وتاريخنا بشتى الطرق والاساليب . بتمزيق بلادنا الى كيانات وبتفتيت شعبنا الى طائفيات وفئويات ليسهل عليهم قهرنا وابادتنا . لكن حتى على الكيانات والطوائف والمقاومات الصغيرة لم ينتصروا ولم يقدروا على قهر ارادة الحياة في طلائع أمتنا من العظماء الذين لم يزدهم تدفق الغزاة المجرمين على بلادنا الا ثباتاً وصموداً وعنفواناً واستخفافاً بأمواج المعتدين الأشرار .

فروح الأمة النابضة بالبطولة متغلغة في كل كيان ولو كان قرية صغيرة. وشموخ الأمة كامن في كل طائفة ولوتحولت الطائفة الى فرد واحد . ففي فلسطين لم نستسلم ولا زال القتال مشتعلاً . وفي لبنان لم نندحر ولا تزال مقاومة شعبنا متوهجة . وفي العراق لم نعرف الذل والمهانة ولم يخضع شعبنا لتوحش جميع قوى العدوان رغم افظع الجرائم التي أرتكبت في عراقنا بأطفالنا وصبايانا ونسائنا ورجالنا وشيوخنا وصغارنا ومرافق حياتنا ومؤسساتنا وآثارنا .

وشعبنا في الشام اليوم لم يرعبه تحالف الحكومة الأميركية الجائرة، واليهودية الصهيونية الفاجرة، والماسونية المموهة والمتخفية الغادرة، وعبيدهم من الأعراب الذين ختم الله على قلوبهم وعقولهم وضمائرهم فتخدروا واستسلموا وراحوا يتثاءبون ويشخرون في مراحيض الأعداء نذالة ً ونجاسة ً وحقارة ، وسيعلم الخونة الانذال الحقيرون وأسيادهم أن لا انتصار الا للأحرار الأعزاء الشرفاء الذين فرضوا حقيقتهم بارادتهم على الوجود في الماضي ، ويفرضونها في الحاضر وسوف يفرضونها في كل مراحل التاريخ .

الحرب مستمرة الى يوم الدينونة كما يقول اسلامنا المسيحي ، والى يوم القيامة كما يعلن اسلامنا المحمدي، والى نهاية العالم ونهاية التاريخ كما قررت وتقرر ارادتنا ، ولن يكون للمعتدين على بلادنا في بلادنا راحة الى أن يسلـّموا بحقنا في الوجود، واحترام حقنا في الحياة والتقدم، واحترام حقنا في تحقيق مقاصدنا ومرامينا الراقية ، واحترام حريتنا في تقرير مصيرنا العزيز .

ان أفظع جرائمهم لا ترعبنا ولا تخيفنا بل تزيدنا ايمانا بأننا نحن على حق وهم على باطل ، والويل لمن استبدل حقه بالباطل وتنازل عن عدالته للظلم ، وباع عزته بالذل.ان الانتصار الحقيقي يكون ويتجلى بأبهى مظاهره هو عندما يتأكد الانسان بأنه على حق ويدافع عن حقه بكل ما يملك وبكل الوسائل الممكنة حتى ولو أدى ذلك الى الاستشهاد ، لأن في الاستشهاد من أجل نصرة الحق عزة لقوم يعقلون .

والاندحار الحقيقي هو في اتخاذ الباطل عقيدة والاعتداء على حقوق الاخرين، والامعان في بث الفتن ، والاستهزاء بكرامات المعذبين والمظلومين بأية وسيلة من وسائل الدناءة والحقارة . ان أبناء الحق هم المنتصرون حقاً بحقهم ، وابناء الباطل هم المسحقون أكيداً بباطلهم . أبناء الحق هم صفوة الخلق الذين أودع فيهم الله مشيئته وارادته وجبروته فـقــُدّر لهم أن يستشرفوا نهايات الآفاق، ويلامسوا أطراف الآزال والأباد.

أما أبناء الباطل فانهم تفاهات الأباطيل والشرور التي تتآكل أمام نور الشمس ، وتذهب هباء في هبوب الرياح ، ولا يبقى لها أثرٌ في حضرة الألوهة التي هي المحبة المطلقة للعدل ، والرحمة التامة بالخلق ، والحنوّ ُالعظيم بالصفات الحسنى والعظمى لخالق الكون والوجود والحياة والأسرار والغوامض .

ليس محل صدفة أن يكون كيان سورية في صميم مركزية كوكب الأرض . وليس من المصادفات أن يكون الشعب السوري هو مبتكر أولى حروف الحضارات ، ومبدع عقيدة الحياة والموت بالعز التي اعتنقها السوريون منذ آلاف السنين ومارسوها في تعاقب أجيالهم من أجل أنبل الغايات وأشرف القاصد . فقد عاشوا ولا يزالون ويستمرون في عيشهم صالحين محبـين رحيمين خيّرين . وماتوا ولا يزالون ويستمرون يحبون الموت كلما وجدوا فيه طريقاً للحياة العزيزة الكريمة الراقية الجميلة .فالأعزاء يموتون مرةً واحدة في الحياة ، اما الأزلاء ، فانهم أحياء أموات يموتون ذلاً ألف مرة في كل يوم . وهيهات أن يتراجع ويتخلى السوريون عن هذه العقيدة التي كانت باعث انتصاراتهم ومحرّك هممهم والمنقذ من كل ما أصابهم من ويلات وكوارث، وما يمكن ان يصيبهم في مستقبل الأيام .

يا أبناء الهلال السوري الخصيب الأعزاء في بلاد الشام والرافدين في فلسطين والأردن ، ولبنان والشام ، والعراق والكويت هنيئاً لكم انتصاركم في استنفاركم وعيكم ، وتوحيدكم ارادتكم ، وتمسككم بقيمكم ، وشهركم مناقبكم وفضائلكم ، وممارستكم بطولاتكم ، وتميّزكم بكونكم جنود حق وعدل وحكمة في مواجهة جحافل جيوش الباطل والظلم والغي .

أنتم اليوم المنارة التي ترسل أشعتها على أجيالنا الراحلة فتبعث من في القبور من عظماء تاريخنا فترتاح نفوسهم وتنتعش أرواحهم على صلاح مواقفكم في سلامة وصحة تصديكم للعدوان . لقد أثبتم انكم امتداد متجدد لبطولاتهم ، ونوركم اليوم يمتد الى أجيال المستقبل التي لا تزال في رحم الغيب لتـتخذكم الأجيال القادمة قدوة ومثالاً لمستقبل أكرم ، وحياة أعز، ومصير أجود وأخير وأسعد . انتصاركم كان كبيراً وداوياً حين أكدتم لأنفسكم أولاً أن موقفكم هو موقف الحق كله والعدل كله والإباء كله وأثبتم بعد ذلك للعالم كله أنكم جماعة حق"لا تبيع الشرف بالسلامة ولا العز بتجنب الأخطار" ،وكشفتم لشعبكم ولجميع بني الانسان أن أعداءكم هم الباطل كله والظلم كله والذل وبين العدل والظلم محبة، وبين العـز والذل أي نوع من أنواع التآخي والوفاق.

فجراثيم العدوان الآتية الينا من مغاورعفونات ما قبل التاريخ،ومن سراديب ظلمات القرون البائدة حاملة ً الى بلادنا مكروبات الهمجيات والجاهليات والتقهقرات لن تجد في بلاد النور والعلم والاخلاق مكاناً عندنا ولو تجمعت ضدنا كل وباءات العصور وموبوؤوها ومجرموها .

فنحن القوة الحقيقية الفاعلة في الوجود التي لها المستقبل ، وتلك الحثالات والمكروبات هي التراكم الذي يتآكل وليس لها الا التفتت الذي يتناثر ويتلاشى في مقابر التاريخ .

" ففي حبة القمح كما قال جبران ما ليس في بيدر ٍ من التبن " وفي لمعة من نور ما يبدد فضاءًٍ هائلاً من الظلمات ، وفي رشاد العقل وادراكه من القوة ما لا تستطيع كل غرائز الكائنات على اطفاء نورالرشاد والادراك . فطبيعة الباطل نشر الخراب ، وميزة الحق تحقيق العمار. ومن مفاسد الظلم اشاعة الفتن، ومن مزيا العدل تعميم المحبة . ولا يستوي أبداً في ناموس الحياة الفاضلة المجرم والبريء .

وهل يوجد انتصار أعظم من أن يكون الانسان على حق ؟ وهل هناك قهرٌ اكبر من أن يكون الانسان على باطل ؟ فللحق وأصحابه كان ولا يزال وسوف يستمر المستقبل البهيّ ،أما للباطل وأصحابه فلن يكون الا لعنة الأجيال الى ما سوف تصير الأجيال . لقد كان الخطر الأكبر ولا زال ويستمر الى آخر الدهور يكمن في القلق واليأس والملل واضطراب الأعصاب ، وكان ولا يزال ويستمر الى الأبد نهج النجاة والخلاص والنصر في عدم القلق،ورفض الاستسلام لليأس ، والابتعاد عن السقوط في الملل ، وثبات الأعصاب واتزانها وعدم اضطرابها .

وقد قالها القائد السوري المميّز في عصرنا بشار الأسد " لستُ قلقاً ، ولا تقلقوا ، وأُطمئـِنُ القلقين " وقرن القول بالفعل من جانبه ، كما طبَّق جيش سورية الأبيّ ذلك القول بكل تفاصيله، واستجابت غالبية شعبنا العظيم في الشام الى الحكمة البليغة التي تقول : " لا تضطربوا أمام الخطر فالخطر في اضطراب الأعصاب " فكان النصر العظيم بالصبر العظيم الذي لو أردنا أن نفر منه لما وجدنا الى الفرار سبيلا .

ان عظمة انتصاركم أيها السوريون الأعزاء هي أنكم تحاربون دفاعاً عن الحق والعدل وتواجهون الباطل والظلم . وتستشهدون من أجل انتصار حكمة العصور وفضيلة المعرفة . وتسيل دماؤكم غزيرة في سبيل أن يكون للانسان في كل مكان كرامة. وتتعذبون وتتألمون لأنكم لا تحبون أن يكون في هذا العالم شعوب مظلومة وأمم مقهورة يتحكم بمصائرها المجرمون القتلة والأقزام العبيد المنبطحون تحت أقدام المجرمين . وتجاهدون بكل ما تملكون لكي تضعـوا حداً للفتوحات وغزوات وموجات همجية التجمهرات التي تنتمي الى ما قبل عصر تاريخ الحضارة والمدنية، وتصارعون بكليتكم لكي لا يأتي زمانٌ يعيش فيه أبناؤكم أذلاء على موائد الأنذال والمستذلين .

وهذا هو قدركم ومهمتكم في تاريخ الانسانية ان تستمروا لانقاذ الانسان من وحشية الانسان الذي انحط الى ما دون دركات البهائم والعجماوات . وقدركم أن تناضلوا لتوعية الشعوب وتحريرها من الخوف من الصراع ، لأن الويل يكون في رفض الصراع ، والنصر يستحيل أن يكون الا بالصراع والبطولة والفداء .

أنتم قدوة الأمم في هذا العصر الذي دُجَّنت فيه الأمم ، وهـُمَّشت فيه ارادات الأمم، وتحاول فيه قوى الشر والعدوان والفساد أن تلغي ارادات الأمم ومواهب الأمم وعبقريات أبنائها .

وليكن الكلام واضحا للتاريخ أن الاسلام لله المسيحي ما كان ولم يكن من أجل مسيحية كيفما كانت، وأن الاسلام المحمدي لله ما نشأ ولم ينشأ من أجل أي اسلام كيفما اتفق ، وأن العروبة الحضارية لم تكن الغاية منها اجترار عروبة الجهل والاستجهال والغباء والتمسك بقشورالعروبة المزيفة البغيضة وجاهليتها القاتلة . فالاسلام لله هو غير الاسلام للشيطان واطاعة من بعقيدة الشر دان . ومسيحية المحبة هي غير مسيحية البغضاء واحترام الأذلاء . ومحمدية الرحمة هي غير محمدية العصبية الجاهلية ورفع لواء الحميِّة الوثنية .

وعروبة الحضارة هي غير عروبة التصحر الفكري والجفاف النفسي والتمرّغ على مزابل القذارة والحقارة . فغاية الغايات التي أرادها رسول المحبة السيد المسيح ورسول الرحمة النبي محمد هي حياة الأمم بطهارة وجدارة ،وكرامة وعز ،وتحابب وتراحم ، وارتقاء وسموّ. والعروبة الحقيقية الصحيحة تعني التضامن على الخير والتلاقي على ما يفيد وينفع ويحمي بلادنا من شرعدوان المعتدين .

والأمم العظيمة هي التي لا تقنع في الحياة بغير الطهارة والجدارة ، والكرامة والعز، والمحبة والرحمة ، والارتقاء والسموّ . ولأنكم أنتم اليوم تدافعون أيها السوريون عن هذه الغايات العظيمة ، فانكم أنتم أبناء الحق والعدل وجنود الحق والعدل،وانتم أنتم المنتصرون . انتصرتم في الماضي ، وتنتصرون في الحاضر. وشجرة انتصاراتكم لن تعرف اليباس في المستقبل.

ولسوف تبقى شعلة انتصاركم بالقيم السامية تنير لجميع الأمم طريق الانتصاروالرقيّ ، ولن يفوز مجرمو الماسونية والصهيونية والأميركانية وأذنابهم الفرنسيين والانكليزي والعثمانيين وعبيدهم من أعراب وعرب الجاهلية وخاصة أحفاد عبدة الاصنام والأوثان المتهودين من سعوديين وقطريين وخليجيين وكل من لف لفهم من الطائفيين والتكفيريين والخونة المرائين والمنافقين والمداهنين الا الخزي والعار والقهر بحمقهم وغيظهم وخسة نفوسهم وعبوديتهم لأشرار الأرض ومفسديها .

فيا أحرار أمتنا وأعزائها وعقلائها في العراق والكويت ، والشام ولبنان ، وفلسطين والأردن وكل بلاد عالمنا العربي الشريف تنبهوا لما يحاك لكم من الخطط والمؤامرات والدسائس والفتن ، ووحـّدوا ارادتكم ، ورسّخوا أسس تضامنكم فيما بينكم ، ولا تسمحوا للمفتنين الفتنويين ولا للصوص الداخل والخارج أن يتسللوا الى صفوفكم ، ولا تجعلوا من كياناتكم السياسية منافذ وممرات عدوان على أخوانكم فيجتاح ويل العدوان جميع أبناء الأمة بالخراب والدمار .

ان الأرهاب الممول والمدعوم من الخارج والمتحالف مع صغار العقول وحقيري النفوس في الداخل لا خلاص منه الا بوعينا وحكمتنا وفضائلنا وانسانيتنا وبطولاتنا وصبرنا وتضحياتنا وثقتنا بأنفسنا وايماننا بأن المصير الأجود هو الذي نقرره ونصنعه نحن وليس سوانا، ونحافظ عليه نحن بقوتنا وليس بجبوش أعدائنا .

هنيئاً للبشرية بكم أيها السوريون عقيدة صحيحة مضمونها كل ماترضاه العناية الالهية من قيَم الصلاح، ومطامحها كل ما يحلم به العقل الانساني السليم من مرامي ومُـثـُل وتمنيات .

هنيئا لكم أيها السوريون بقيادتكم الصالحة العبقرية التي يمثـِّلها ويُعبـِّر عنها الرئيس بشار الأسد ، وشعبكم الواعي العظيم ، وجيشكم البطل الباسل الذي استطاع أن يكون ذا قيمة فعلية في تقرير مصير الأمة والوطن ، فتبخرت أوهام الطامعين المعتدين تحت أقدامه ، واستطاع أن يحقق الانتصار في امتحان ارادة التحدي والمواجهة والمجابهة والانتصار، ليجعل من سورية التي تحمل لواء الحق والعدالة في وقفة العز قدوةً وقبلة للمظلومين المستضعفين ،ولكل شعب مقهور يحلم بعالم ليس فيه للقهر متسع ايها السوريون..ان مهمتكم الدائمة هي الصراع البطولي، وتصويب حقيقة تاريخ الحضارة كلما انحرف عن مجراه الحضاري التمدني المتنامي البديع ، وقد كنتم وما زلتم وقـَدَرُكـُم ان تستمروا في تحمّـُل هذه المهة العظيمة ، فهنيئاً للبشرية بكم وبانتصاراتكم لأن رسالتكم هي رسالة ممارسة قيَم الحق والخير والصلاح لجميع بني البشر.

والحرب الدائرة اليوم على أرضكم والتي تمثـّلون فيها قوى الحق والصلاح والخير في مواجهة جحافل الباطل والفساد والشر هي أحق وأشرف وأعدل حرب تنقذون فيها وقد أنقذتم طيبة نفوسكم وكرامة أمتكم السورية وطهارة رسالتيكم :الأولى الرسالة السماوية بوجهيها المسيحي والمحمدي. مسيحية السيد المسيح المُحـِبـَّة، وليست مسيحية الاستعمار المتاجرة بالسلب والنهب والقتل ، واسلام النبي محمد الرحيم وليس اسلام الفتن والتكفير والقتل والتكبير على ذبح البرآء .

والثانية الرسالة الانسانية بكل وجوهها من معرفة وحكمة وفضيلة وعلم ومناقب واخلاق ومحبة ورحمة واخاء في زمن هاجت فيه غبائر عصور الضلال والغيّ وأوساخها وأوباؤها وويلاتها لتحجب نور العقل الانساني الذي هو رسول الله الدائم لهداية العالمين.

ان الخسران الكبير هو في الاذعان للباطل مهما كان جبروته مرعباً،وان الانتصار العظيم هو في الثبات على الحق مهما كان الثمن باهظاً.والهلاك الهلاك هو في عيشنا أذلاء مقهورين،والحياة الحياة هي في موتنا أعزاء قاهرين.وقد بدأت تتقهقرأمامنا وتنحسررياح الشرور،وينهزم ضباب الارهاب، وتتآكل جراثيم الفجور والغدر أمام خيوط أشعة الشمس السورية بنورها المتدفق على الزوايا المظلمة ، وأمام زوابع اصالة أمتنا التي نقلت الانسانية من ليل الظلمات الى نهار الضياء لتكون سورية مهد حضارة البشر، والوطن الذي تفتحت في وديانه وسهوله وعلى جباله وشواطئه نجومُ القيَم المنبثقة من عقولنا ونفوسنا وقلوبنا ودمائنا ومواهبنا وعبقرياتنا.

هذا الوطن السوري الشامخ العزيز الخالد الذي كان أول الأوطان يرتفع بعقل أبنائه من الأرض الى السماء فيختاره الله ليكون خزانة كتبه على الأرض وموضع ثقته لنشر تعاليم الهداية والمحبة والرحمة والطمأنينة بين الناس.

وَطنٌ بـنـيـنا بالـقـلـوبِ سـيـاجَـه ُ *** تـتحـَطـَّـمُ الـدنـيـا، ولا يَـتحـَطـَّـمُ

وَطنٌ عقـولُ المبدعيـن تصونـُهُ *** هيهات يـوماً بالخمـول ِ يـُحـجـَّمُ

وَطنٌ نـُفـوسُ المخلصين فـداؤُهُ *** أبــداً يـَظـَـلُّ الى العـُـلى يَـتـقـدمُ

وطنٌ مُحـَمـَّدُهُ التـُقى ومسيحُـهُ *** لا ، لا يصيـرُ الى الفناءِ ويُعـدَمُ

فبسوريا بـدأتْ مصابـيحُ الهـُدى *** وبسوريا أسمى الفضائـل ِ تـُخـتَمُ

كل عـام وسورية بخيـر وتقـدم وانتصار


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024