شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2013-04-29
 

صادق جلال العظم.. من ناقد للفكر الديني إلى متطرف بفرضيات يهودية

معن حمية - البناء

لا يمكن لأحد أن ينزع عن صادق جلال العظم صفات الأستاذ الجامعي والكاتب والمؤلف واستطراداً المفكر، فهو بما له من مؤلفات عديدة أبرزها كتاب «نقد الفكر الديني»، إتخذ لنفسه هوية محددة ذات ملامح علمانية، فخاض نقاشات فكرية أثارت جدلاً واسعاً، (وهي ليست موضوعنا اليوم) لكن بعضها استنفر «المدافعين عن الدين» فألبوا الرأي العام ضدّه، ليس فقط على خلفية قوله إن «الدين لا سيما الاسلام يناقض العلم الحديث»، بل لأنه تحدث عن «مأساة ابليس» وطالب «بردّ الاعتبار له بصفته ملاكاً يقوم بخدمة ربه بكلّ تفان واخلاص.»

في نقده للفكر الديني فوّع صادق جلال العظم عش دبابير «المدافعين عن الدين»، إلى درجة أن شيخاً يدعى عبد الرحمن الميداني أصدر كتاباً بعنوان: «صراع الملاحدة حتى العظم» وصف فيه كتاب العظم «نقد الفكر الديني» بأنه «خدمة لسائر الفرضيات اليهودية الإلحادية».

وهناك شيخ أخر يدعى سليمان بن صالح الخراشي شن هجوماً عنيفاً على العظم واصفاً اياه بـ «الملحد» وأخذ عليه «أنه لا يعترف بوجود الله»، واعلانه في مؤلف صقر ابو فخر «حوار بلا ضفاف» أنه «خصم جدي» للسلفية الجديدة.

بالتأكيد، ليس القصد من استحضار هجوم الشيخين الميداني والخراشي على العظم تبنياً لوصفهما وموقفهما، لأن ما ينطلق منه الميداني والخراشي هو فرضيات نقيضة للعقل، ونحن نعتبر أن العقل هو الشرع الأعلى للإنسان.

أما بيت القصيد من وراء الاتيان على ذكر صادق جلال العظم، فهو على خلفية حديثه الأخير لجريدة «الحياة» بتاريخ 22 نيسان 2013، فهو برغم أنه عضو في ما يسمى «الإئتلاف الوطني السوري» يقول: «يا ليت الإئتلاف يتضمن بالفعل كتلة فاعلة من العلمانيين هدفهم الحقيقي هو الدولة المدنية في سوريا والحفاظ على تنوعها الاثني والمذهبي والثقافي.. لكن ذلك لم يتحقق حتى الآن». ولن يتحقق. وهذا اعتراف صريح من العظم نفسه بأنه يعمل ضمن «إئتلاف» متطرف معاد للتنوع.

لكن العظم يحاول التعمية على موقعه الجديد، من خلال إعلانه بأنّ هناك مقاعد في ما يسمّى «الائتلاف» شاغرة للعلمانيين يرفضون القدوم اليها و»يكتفون بنقد المعارضة ونقد الإئتلاف ونقد الاخوان المسلمين»!

طبعاً، ما يقصده العظم هو توجيه نقد للذين يوجهون النقد للاخوان المسلمين، وهذا واضح عندما يشير إلى أن هناك «تحولاً كبيراً طرأ على خطاب الاخوان ما بين السبعينات وحقبة ما بعد اردوغان» زاعماً أن الاخوان تخلوا عن خطابهم التقليدي الذي يقول «إن الاسلام هو الحل من خلال دولة الخلافة»!

في هذه النقطة بالتحديد قد يكون العظم معذوراً حين يروّج لـ «الإسلام الأردوغاني». فقد ورد في كتاب «حوار بلا ضفاف» أن العظم هو من أصل تركي، لكن المفارقة أن والده جلال العظم كان علمانياً معجباً بتجربة اتاتورك، والسؤال ما هو سر هذا الانقلاب والتبدل، أم أن انقلاب الشيخ القطري حمد بن خليفة آل ثاني على أبيه اصبح مثالاً يحتذى!!

لكن ما هو لافت، أن صادق جلال العظم الذي قال مرة أنه حين يغادر دمشق ويذهب إلى باريس أو إلى الولايات المتحدة، ينسى رائحة ياسمين الشام، لا ينتبه إلى العبارة الشهيرة التي اعتاد المسؤولون الغربيون اطلاقها، عبارة «منفصل عن الواقع». فما يسميه العظم «ثورة» في سورية، أعلنت بكل تشكيلاتها وللملأ أنها بالقتل والخطف والارهاب تريد «احياء دولة الخلافة» بدعم «الاسلام الاردوغاني»، فعن أي تحول في خطاب الإخوان يتحدث العظم؟!

إننا امام احد أمرين، إما أنّ صادق جلال العظم تحول نهائياً عن علمانيته وتراجع عن نقده للفكر الديني ليحظى برتبة مفكر اخواني، أم انه حقاً منفصل عن الواقع. الواقع الذي نشهد فيه اجراماً وارهاباً غير مسبوقين في سورية على ايدي دعاة «دولة الخلافة»!!

وما هو لافت في سياق حديث العظم لـ «الحياة» قوله «أنا متفاجىء من قدرة المكون السني (في سوريا) على ضبط النفس» وهذه اشارة تحمل في طياتها بعداً غرائزياً مذهبياً، خصوصاً أنه يستكمل ذلك بتبني المزاعم التي تتحدث عن مشاركة قوى شيعية في القتال!..

وما يستوقف قارئ مقابلة العظم في «الحياة» قوله في معرض نفيه امكانية حصول التقسيم في سورية، «الفرقاء يتحاربون على كل المزرعة وليس نصفها»! هذا هو توصيف صادق جلال العظم لسورية، سورية الحضارة والتاريخ والصمود ومصدر الحرف والرسالات، هي بنظر العظم كناية عن مزرعة. وهو ضمن «إئتلافه» يريد كل المزرعة.. فبئس المفكرون الذين يعيشون عقدة النقص لأنهم بلا انتماء.

يختم صادق جلال العظم حديثه لـ «الحياة» بالقول: «إن اليهود يحملون كلمة في اعماقهم بعد ما تعرضوا له على يد النازية في أوروبا وهي never again ، بما معناه لن نسمح بأن يتكرّر الأمر، واعتقد أنّ مثل هذه القناعة ترسخت في الوعي السني الجماعي في سورية».

ونختم نحن بالقول: مبروك على صادق جلال العظم لقبه الجديد «مفكر متطرف بامتياز» يبرّر تطرفه بفرضيات يهودية...


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه