إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أجيالُ الغـد تناديكم ايها السوريون فلا تخـذلوها !!!

يوسف المسمار

نسخة للطباعة 2013-05-04

إقرأ ايضاً


" إن فئة قليلة مؤمنة إيماناً صحيحاً لأفضل من فئة عظيمة فاقـدة الإيمان وقائمة على تسويات عقيمة، رثة،بالية،لا تقوم بها للمجتمع قائمة ".

بهذ الكلام الحكيم خاطب المعلم أنطون سعاده السوريين الأحرار ودعاهم الى الجهاد في سبيل وحدة سورية أرضا من المتوسط الى الحدود مع ايران ، ومن قناة السويس الى جبال طوروس الفاصلة بيننا وبين تركيا . ووحدة سورية شعباً امتزجت مكوناته وعناصره في أبدع تفاعل تاريخي حضاري ثقافي لينتج هذا التفاعل أمة ً عظيمة وضعت أساس التمدن في الوجود . ودعاهم أيضا الى رفض كل أمر مفعول بارادة عدوانية أجنبية غريبة واعلان سيادتهم على أنفسهم وبلادهم ، واطلاق مواهبهم الى أبعد مدى . وفرض ارادتهم في صراع الارادات ، فلا يعيشون نكرة على هامش التاريخ بل يخوضون غمار الوجود والحياة لتقرير المصير الكريم في قلب الوجود والحياة عقلاً يجترح العجائب ، وفكراً يبدع البدائع ، وارادة لا تعرف الضعف والاسترخاء ، ونفوساً تحب وترتقي وتسمو ، وايماناً صحيحاً أساسه الوعيُّ السليم ، وزنوداً تحرث وتـُصنـِّع ، وتعجن وتخبز ،وتنسج وتلبس، وتعصر وتشرب ، وتعزف وتـتفنن ، وتقاتل بالوعيّ وتمامه ،والمعرفة وشمولها ،والفضيلة وترسخيها ، والعلم والتعمق في مضامينه،والزنود وتقويتها واستمرار تدريباتها، والتضحية واتخاذها تقليداً مقدساً في الصراع ، والجهاد بالنفوس والأجساد الذي هو شرط كل انتصار في الحياة ،لأن الحياة جهاد في سبيل الأفضل ، ولا معنى للحياة ان لم تكن جهاداً يرفع شأن الأمة ويصونها من العدوان ويحصِّن وجودها أمام أخطارالتآكل الداخلي ، وفي مواجهة هبوب سموم وأوباء عواصف الأخطار الخارجية .

واليوم، وبعد أكثر من ستين عاماً على قول سعاده ،وقد انقشعت الغيوم عن أوبئة التآكل والتعفن الداخلي الذي سببه يهود الداخل الجاهليون التكفيريون المموهون بمسيحية طائفية فئوية منفعية بربرية كاذبة لا تمت الى الله العادل وتعاليم رسول المحبة الى الناس يسوع الناصري السوري بأية صلة ، ولا تتصل بهدى الله الرحيم واسلام السلام الأخلاقي للنبي محمد ولا بذرة من فضيلة . وبعد أن سقطت الحجب عن سموم العدوان والمطامع الخبيثة التي يحملها الينا يهود الخارج العدوانيون من مفاهيم باطلة ، وعلوم مؤذية ، ومثالب قاتلة ، وفنون ضارة ممزوجة بشتى وسائل الخراب النفسي ، والدمار الروحي ، والشلل العقلي ، ويتلقفها يهودنا الداخليون الجهلة الجاهليون بغباء ما بعده غباء ، وبأنانية سرطانية خبيثة معدية بلغت أبعد حدود الخطر المميت. وبعد أن تمكن أعداؤنا من الدخول الى بيوتنا ، والعبث بمقتنياتنا، وتهديدنا في عقر دارنا ،لم يعد أمامنا الا الوعيّ الحقيقي البطولي الذي يحرّك كل صاحب ضمير حيّ من أبناء أمتنا ، والاستجابة لنداء ذلك المعلم الشهيد الذي استشرف مأساتنا في فلسطين قبل وقوعها فخاطب جميع السوريين بكلام لا يسقطه مرور الزمن ولايقلل من قيمته العظيمة تعاقب الأجيال ، والذي يقول فيه:

" أيها السوريون

ليس بينكم من يُعفى من الجهاد ! وليس بينكم من يُتاح له القعود في معركة الحياة ، والتفرّج في حرب ستقرر مصير الأمة!

لكل منكم مكانه في الساحة: للفلاح في حقوله ، وللعامل في مصانعه ، وللطالب أمام كتبه ، وللمرأة في بيتها ، وللكهل والشيخ والطفل - للمواطن في الوطن ، وللمهاجر عبر الحدود- لكلٍ منكم مكانه في الساحة !

ومن أخلى مكانه ، فقد ترك في جبهة الجهاد فراغاً يُسيء الى الجهاد ! ومن تقاعس عن الجهاد ، مهما كان شأنه فقد أخـّر في فوز الجهاد!

فلا يستخفن أحد منكم بقواه وامكانياته واستطاعاته، متسائلاً: "وأنا، ما شأني في هذه المعركة ؟"

فلكلٍ منكم شأنه ، ولكلٍ منكم عطاؤه، ولكلٍ منكم مقامه ، والحاجة لكلٍ منكم صارخة ملحـَّة !

وفي هذه الحرب المقدسة نحتمل أن يلطمنا مواطن نعمل على انقاذه يأبى الا التدهور ونأبى الا أن نرفعه الى ذروة المجد القومي والعز الاجتماعي ."

فيا بنات ويا أبناء سورية كباراً صغارا . رجالاً ونساء . صبية وصبايا . مقيمون في الوطن ومنتشرون عبر الحدود ! ان عظماء أمتكم الراحلون يتطلعون اليكم من أعماق التاريخ ويستحثون وعيكم ونخوتكم وايمانكم وبطولتكم لكي تحافظوا على ما تركوه لكم من قيم ومعارف وابداعات ومواقف عزيزة فلا تخذلوهم فتسيئون لأنفسكم ، ولهم ، ولأمتكم ،وتذهب ريحكم ، ويتمزق جيلكم تحت نعال الأذلاء وأبناء الأذلاء من الأبناء العقوقين ، وتحت سياط وسنابك خيل الأعداء العدوانيين الذين خوت نفوسهم وضمائرهم من كل منقبة وفضيلة وامتلأت بنجاسات الحقب وقذارات العصور .

يا أبناء سورية الحرائر والأحرار ! ان أجيال سورية التي لا تزال في أرحام بناتكم وأصلاب أبنائكم وأحفادكم وأحفاد أحفادكم تنادي فاسمعوا نداء الأجيال الذي يهدر عبر غياهب القرون الأتية يقول: لا تفرطوا بنا نحن الذين لم نولد بعـد ، ولا تمنعـوا ولادتنا ، ولا تستخفوا بنا . ولا تستهينوا بقدراتنا . ولا تجعلونا نخجل بامومتكم وأبوتكم لنا ، بل اجعلونا نفتخر ونعتز بكم كما افتخرتم وتفتخرون بالأجداد العظام الذين أعطوا للتاريخ معنى ، وللحضارة قيمة ، وللبطولة والعـز أشرف المعاني وأنبل القيم . وثقوا بأننا سنكون بررة بكم وبالأمة التي ننتمي اليها ، ونعتز بماضيها وسنصارع من أجل تحقيق مُـثـُلها العليا وسنعمل لاحلالها دائما المكان الذي يليق بها تحت الشمس وأمام الخالق العظيم . وسوف نبني مستقبلها حجرا حجرا ، وفكرة فكرة . بيتاً بيتاً ، وفضيلة فضيلة . مزرعة ً مزرعة ، وثقافة ً ثقافة . مصنعاً مصنعا ً ، وابداعاً ابداعا . وأماناً أمانا ، وتألقاً تألقا.

لا تقنطوا ولا تيأسوا من الجهاد. ولا تقلقوا أمام الأخطار والويلات. واصبروا وصابروا ولا تملوا من التضحية مهما بلغت أحجامها . ولا تخافوا خوض غمار الحروب العدوانية المفروضة عليكم لأنها حروب باطل وحربكم الدفاعية هي حرب حق. وشتان شتان ما بين حرب عدوان قائمة على الباطل والظلم وحرب دفاع مبنية على الحق والعدل . فمهما تشبث المعتدون بعدوانهم فهم في نهاية المطاف مقهورون منهزمون، وأهل الحق هم وحدهم المنتصرون الغالبون وليس أمامهم للحفاظ على النصر الا الصمود والصبر واستمرار الجهاد المتجدد المستديم الذي ليس له نهاية .

ان أجيال الغد تناديكم أيها السوريون، فلا تخذلوها .لقد صنعتم في الماضي زمن أنسنة البشر الذين كانوا أسرى زمن عبادة الحجر والشجر ، فحذار حذار حذار أن تصبحوا لعنة الأجيال الى أن تنتهي الأجيال .

ان خفافيش البشرية اللعينة وجراثيمها التي عششت في محافل الماسونية الخفية الخبيثة،وأوكار الصهيونية المجرمة ،ومعسكرات حكومات العدوان البغيضة ، ومراحيض ومباول الأعداء التي يتمرمغ فيها أقزام المسوخ من أبناء المسوخ وأحفاد المسوخ المتحدرين من سلالة زناة الروح والعقل والفكر في مرابع أبي لهب واقطاعات قوادي الخليج الاعربي الجاهلي كلها جميعاً لا تستطيع ان تثني عزيمة السوريين الأحرار عن خيارهم البطولي في تغيير سير الأحداث وصناعة زمن ٍ جديد هو زمن ما فوق انسانية الانسان .

أن الخيار الوحيد لهذا الجيل من أجيال سورية هو النصر مهما ارتفع الثمن حتى ولو ارتوت أرض سورية بدماء الملايين ولم يبق من بنيانها حجر على حجر.

فكم من مرة دُمرت معابدها ومدارسها ومدنها وقلاعها وآثار عمرانها وحضارتها وظلت شامخة وبنيت من جديد ؟

وكم من مرة استشهد أبناؤها وترملت نساؤها وتيتم اطفالها وشـُرد الملايين من صباياها وصبيتها ولم تستسلم وقام ايتامها وأراملها وكهولها بايقاظ روح الحياة فيها واتمام مسيرة عزها وشموخها ؟

وكم من مرة سُرقت كنوزها ونـُهبت آثارها وأتلفت كتبها وعادت لتنتج أفضل مما سُرق ، وأحسن مما نـُهب ، وأنفع مما أتلف. ؟

لقد جعلها الخالق العظيم قلب العالم وعقله وضميره ، وهيهات هيهات أن تبقى للعالم قيمة ان مات ضميره، واختل عقله، وتوقف قلبه .

ولأن سورية هي عقل العالم وقلبه وضميره عدلاً وحقاً وخيراً ومحبة ً وسلاماً ، فأبناؤها هم المسؤولون عن اقامة العدل ، ورفع راية الحق ، وتوزيع الخير، وممارسة المحبة ونشر السلام . انهم جندها الأمناء الأوفياء الذين كـُتبَ عليهم الصراع حتى لا يكون في الأرض ظلمٌ ولا بين الناس باطل . وحتى لا يكون للشر سبيل، ولا للكراهية سبب ، ولا للعدوان والفتن ذرائع .

لقد أخرجت سورية الكائن البشري من الظلمات الى النور بالمعرفة والحكمة والفضيلة والثقافة ، وجعلت منه كائنا انسانياً سوياً عارفاً حكيماً فاضلاً مثقفا ً، فهل يجوز أن تتخلى عن رسالتها في هداية الناس والأخذ بيد الأمم الى ما فيه خيرها وتقدمها ورقيها ؟

وهل يجوز أن تتخلى عن دورها وريادتها في الصراع الذي يحفظ ويحافظ على انسانية الانسان ويحميها من التقهقر الذي يعيدها الى كينونة بشرية متخلفة تعيش في عصور حجرية مستدامة ؟ كلا ! وهل يحق لها أن تسكت عن ظلم أوقعه المجرمون الظالمون الهمجيون بحق أبنائها بتمزيقهم أرضها مزقاً ،وتفتيت أبنائها نتفاً ، وتشويه وجه حضارتها كذباً ونفاقا ، وتهييج حثالات الشعوب عليها حقداً وكراهية ؟

ان قضاء سورية هو النصر ، وقدرها هو النصر ، ومصيرها لن يكون الا النصر ولو تجمهرت ضدها كل قوى الشر والعدون من الأرض والسماء ما دامت هي الهـُدى وما دام أبناؤها هم الفدى، وستظل المنارة التي تهتدي بها الشعوب ، وسيبقى هتاف الأجيال للأجيال:

تحيا سوريا حياة الضياء الذي ليس مثله ضياء، وحياة العـز الذي ليس فوقه عز ، وحياة الخير والآمان والرفاه، المطامح التي لا تضاهيها أرقى مطامح الخير والأمان والسعادة.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024