شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 1938-01-26
 

المصالح كلها مشتركة

أنطون سعادة

في المذكرة التي أذاعها الحزب القومي بمناسبة استئناف المفاوضات في قضية المصالح المشتركة بين بيروت ودمشق، والمنشورة في عدد أمس، ما يهيب بالحكومتين، اللبنانية والشامية، للتروي في بحث هذه القضية الحيوية التي من شانها أن تربط أجزاء أمة واحدة بعضها ببعض، وفي الاقتراح الذي قدمه الحزب الحزب القومي ما يكفل للمتفاوضين السير على هدى وبصيرة، اذا تمكنوا من أن ينظروا إلى المصالح العامة في مفاوضاتهم فيتفقوا على نظام قابل للحياة ومؤمن للتقدم الاقتصادي وللتطور السياسي للبلاد السورية بأجمعها.

وكنا نرجو في بدء استئناف هذه المفاوضات ان ينتهي الأمر بالمتفاوضـَين إلى نتيجة مرضية تؤمن للبلاد تقدمها السياسي والاقتصادي، لأن كل اتفاق من شأنه أن يبعد بين البلدين، هو اتفاق يخلق المشاكل ويقضي على أماني الأمة.

كنا نود أن تأخذ الحكومتين نظرة الحزب القومي بالدرس والتمحيص لأنها نظرة معدودة تخرج عن رجال اختصاصيين يعرفون حاجات البلاد واحدة واحدة.

ولكن الجو الذي يرافق المفاوضات ليس بالجو الذي ترتاح اليه النفوس، ففي الجو ما ينذر ان المتفاوضين، لم ينتهوا إلى نتيجة تؤمن مصالح الأمة الواحدة السياسية والاقتصادية. وحدث ما توقع حدوثه الكثيرون، من أن المفاوضات تنتهي مثلما تبتدىء.

يقولون، أن الحكومتين تصران على التمسك بنظرتيهما، فالحكومة اللبنانية تطلب أن تكون لها الحرية في تعديل ضرائب الحبوب الجمركية فيرفض الوفد السوري (الشامي)، ويقترح الوفد السوري حلولاً للقضية، فيظهر الوفد اللبناني تخوفه من نيات الحكومة السورية في المستقبل.

ويقول الوفد السوري، أن الحكومة اللبنانية رفضت كل مقترحاته من بقاء اتصال المصالح المشتركة إلى التجربة لعام واحد على أساس الاحتفاظ بالوضع الراهن، أي اعفاء محاصيل ومصنوعات البلدين من أي ضريبة جمركية وغير جمركية لأنها تريد الحرية التامة في كل شيء حتى في فرض الضرائب على الحبوب والمحاصيل الزراعية.

ان في مقترحات الوفد الشامي ما يفيد من أن الحكومة الشامية تتخذ المسألة الاقتصادية نوعاً ما أساساً لأعمالها، في حين ان الحكومة اللبنانية في رفضها لحل هذه المقترحات وتمسكها بالحرية التامة تتخذ المسألة السياسية، نوعاً ما أساساً لأعمالها.

ان اتخاذ المسالة السياسية التي ترمي إلى فصل لبنان عن الشام، لا يمكن أن يكون أساساً للمفاوضات في المسائل الاقتصادية التي لا يمكن فصلها. هذا أساس فاسد يجب ان لا ترتكز عليه الحكومتان لأنه أساس لا يمكنه أن يؤمن مصلحة الشعب، الذي لن يقبل أي تسوية أساسها فاسد، تقضي على جميع مصالحه الحيوية.

نحن نؤمن أن كل تسوية من شأنها تباعد بين البلدين، هي تسوية موقتة لأن الشعب وهو صاحب المصلحة الأولى والأخيرة سيرفض كل ما يعوق نموه الاقتصادي.

كنا نود من الحكزمتين، أن لا تتخذا النظرة السياسية أساساً لأعمالها لأنها نظرة خاطئة من أساسها لن تعود بالخير على البلاد.

كنا نود من الحكومتين، اللبنانية والشامية على السواء ان ترافق النيات القومية الكبيرة، التي ترمي إلى خير الأمة كلها.

هناك مثل انكليزي يقول: "أقص أنفي لأنكي وجهي" فهل يصح فينا المثل ونخسر انفنا.


النهضة – العدد 85 في 26 يناير 1938



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه