إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مخطوفو أعزاز: الحريري يُفاوض الدولة

محمد نزال - الاخبار

نسخة للطباعة 2013-06-03

إقرأ ايضاً


فجأة، عاد اسم الرئيس سعد الحريري ليظهر على ألسنة خاطفي اللبنانيين في أعزاز. مطالب الخاطفين سبق أن حدّدت 300 اسم للإفراج عنهم من السجون السورية، مقابل تحرير اللبنانيين. وبعد تصفية لائحة مطالب الخاطفين من التكرار والأخطاء، أتى الحريري بلائحة من 600 اسم، لتزداد المفاوضات تعقيداً

على مدى ساعتين، في مقر الاستخبارات التركية في أنقرة، اجتمع وزير الداخلية مروان شربل ومدير الأمن العام اللواء عباس ابراهيم مع مسؤولين أتراك وقطريين. خلال الاجتماع، قال شربل للطرف الآخر: «لدينا 9 مخطوفين لبنانيين في أعزاز، ولكن انتبهوا، في المقابل، يوجد مئات الآلاف من السوريين يعيشون في لبنان... لا نريد أن ندخل في فتنة سنيّة ـــ شيعية من وراء هذا الملف، أو بالأحرى لا نريد لهذه الفتنة أن تتفاقم، وأنتم تعرفون تماماً الواقع على الأرض الذي قد يمتد الى أبعد من لبنان». هذا ما نقله شربل لـ«الأخبار» عن سفره برفقة اللواء إبراهيم إلى تركيا، في زيارة استمرت يومين، قاما خلالها باستكمال التفاوض في قضية المخطوفين في أعزاز. الطرف المضيف كان الاستخبارات التركية، التي استقبلت الوفد اللبناني في مقر «مساحته تفوق نصف مساحة بيروت». مساحة المقر وضخامته وتفاصيله لا تزال عالقة في بال شربل. أما الطرف القطري، فقد حضر بعد طلب الوفد اللبناني، بناءً على ما كان قد اتفق عليه خلال زيارة الوزير لقطر قبل مدة، وذلك لقدرته على التأثير في هذا الملف.

غاية الاجتماع كانت تسليم المسؤولين الأتراك، بصفتهم الجهة الوسيطة، لائحة بالأسماء التي أفادت السلطات السورية بأن أصحابها فعلاً داخل سجونها. اللائحة لا تضم سوى 81 اسماً، هذا ما عاد به اللواء ابراهيم من سوريا، علماً بأن الجهة الخاطفة كانت قد زودته عبر الوسيط التركي بلائحة تتحدث عن أسماء أكثر من 300 سيدة معتقلة. بعد الزيارة، أصبح واضحاً للطرف اللبناني أن الجهة الخاطفة قد وضعت الأسماء في لائحتها كيفما اتفق، ما يشير إلى عدم الجديّة من جانبها، إذ تبيّن أن بعض الأسماء كان قد أفرج عنهم منذ أمد بعيد. إضافة إلى ذلك، تبيّن أن ثمة أسماء لم تدخل السجون أصلاً، أما ما يمكن وصفه بـ«العيب» التفاوضي، فهو تضمين تلك اللائحة اسماً مكرراً 51 مرّة. استغرب شربل الأمر، وقال للجانب التركي: «حسناً، ربما الجهة الخاطفة أخطأت مطبعياً، ولكن أيعقل أنكم لم تقرأوا أنتم الأسماء الواردة في اللائحة التي أرسلتموها إلينا، فكيف لم تلاحظوا وجود الأسماء المكررة عشرات المرّات؟».

ويكشف شربل أن الجهة الخاطفة فاجأت الوفد اللبناني عندما تكلمت عن لائحة بـ 600 اسم، علماً بأن اللائحة الواصلة كانت تشير إلى النصف تقريباً، ليتبيّن أنهم «سلموا اللائحة ذات الـ 600 اسم إلى الشيخ سعد الحريري، بحسب قولهم، على أن يوصلها هو إلى لبنان، ولكن نحن لم نعرف بها وأشهدنا الطرف التركي على ذلك، فأكد الأخير على ما نقوله». ويضيف شربل: «ذات مرة، اتصل بي الحريري وأخبرني عن لائحة لديه، وقال لي بأنه سيرسلها إليّ، لكن في الواقع لم أتسلّم شيئاً، علماً بأن دور الحريري في الملف إيجابي، وبرأيي هو يلعب دوراً جيداً، بهدف الإفراج عن المخطوفين، وأذكر في إحدى المرات أنه عاتب الخاطفين بقسوة لأنهم كانوا يتلكأون». هكذا، يبدو أن هذا الملف لم تبق جهة إلا وضعت يدها فيه، إلى حد أن الحريري يتواصل مع الخاطفين بشكل مباشر، من دون وسيط، وذلك على هامش الوفد الرسمي اللبناني. هذا يعني أن مستوى العلاقة الودية مرتفع بين الحريري والخاطفين. تلك العلاقة تبدأ من حليب الأطفال و«الحفاضات» ولا يعلم أحد أين تنتهي.

إلى ذلك، وبعد عودة شربل وإبراهيم إلى بيروت، تناقل البعض معلومات تفيد بأن صفقة إعادة المخطوفين ستتم عبر مراحل، أي إعادتهم بالتقسيط. لكن شربل نفى لـ«الأخبار» إمكان قبوله بصفقة كهذه، لأن «الملف أخذ ما يكفي من المماطلة بأهالي المخطوفين وعواطفهم، ولن نقبل أن يُعاد التسعة من أعزاز بالمفرق، فنحن لسنا بسوق عكاظ حتى نلعب هذه اللعبة... ما أقوله الآن إن المفاوضات دخلت مرحلة جديّة، هي أكثر المرّات التي تحمل هذا المستوى من الجدية، وأقول صراحة إن الجانب التركي ومعه القطري بدوَا في غاية التفاعل معنا، وهما فعلاً يريدان الوصول إلى نهاية سعيدة في هذا الملف». في هذا الإطار، نفى شربل أيضاً ما تردد عن زيارة الوفد اللبناني لمنطقة أعزاز، لكنه في المقابل أعلن عن تواصل شخصي بينه وبين الجهة الخاطفة، إذ «اتصل بهم بمعدل 5 مرات في الأسبوع، ونتحدث باستمرار مع المدعو سمير العاموري، علماً بأننا ما عدنا نعرف الرأس المسؤول لدى هذه الجماعة لنثبت التواصل معها. فمنذ عملية الخطف حتى اليوم، سمعنا بالكثير من الأسماء، وهذه من العقبات التي كانت تعيق عمليات التفاوض في المرحلة الماضية».

الآن، يبقى على اللواء ابراهيم التوجه إلى سوريا، حاملاً ملاحظات الجهة الخاطفة عبر الوسيط التركي، إذ يفترض أن تكون الزيارة الأخيرة. ثم يزور ابراهيم وشربل تركيا لمرحلة أخيرة مفترضة، وذلك لإبرام الصفقة بشكل نهائي، على أمل «أن لا يولد ما يخربط هذا الأمر».

تأتي هذه التطورات في هذا الملف بعد زيارة السيناتور الأميركي جون ماكين لأعزاز، الأسبوع الماضي، والتقاطه صوراً تذكارية ظهر فيها عدد من الخاطفين. وحول هذه الزيارة، لفت الناشط الحقوقي علي عقيل خليل، الذي تواصل سابقاً مع الخاطفين أيضاً، إلى أن من جملة أهداف زيارة ماكين لشمال سوريا «عرقلة جهود اللواء عباس إبراهيم لإطلاق سراح المخطوفين، وإلا فماذا يجمع المسؤول الأميركي مع الخاطفين؟». ونقل خليل عن بعض من حضروا اللقاء، أن ماكين «طلب من الخاطفين الإبقاء على بعض المخطوفين، وعدم إطلاق سراحهم الآن، لأن بعضهم عناصر في حزب الله». يُذكر أن ماكين دخل إلى أعزاز عبر الأراضي التركية، وتحديداً عبر معبر باب السلام، الذي تسيطر عليه المجموعات المعارضة المسلحة، والذي يُدار بمعيّة الاستخبارات التركية. هذه الاستخبارات التي تتعامل مع الجهة الخاطفة كجهة رسمية، بديلة من السلطات السورية، لتصبح هي المخوّلة التوقيع على جوازات سفر الداخلين إلى الأراضي السورية والخارجين منها.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024