إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مكرمة أم تعفيرة سعودية؟

العميد الركن المتقاعد وليد زيتوني -البناء

نسخة للطباعة 2014-01-06

رافق الإعلان عن الهبة المالية للجيش اللبناني كثير من التحليلات والتساؤلات تتعلق بالدوافع والأسباب وعن التوقيت وطريقة الاعلان وعن جدية هذه المكرمة. خصوصاً بعدما تمّ حصرها بالجانب الفرنسي كمورّد وحيد للأسلحة التي لم يظهر حتى الآن حجمها ونوعها ومدى ملاءمتها لما يحتاجه الجيش في هذه المرحلة.

من البديهي أن يكون كل لبناني ومن دون استثناء توّاقاً ليرى جيشه من افضل الجيوش من حيث التجهيز والعديد تماماً كما هو على مستوى الأداء الذي شهد له اللبنانيون وغيرهم رغم النقص الحاد في التجهيز كميةً وحداثة.

ومن الطبيعي ألّا يشكّك أحد بقدرة القيادة الحالية على اختيار الأنسب والأفضل إذا ما فُسح المجال أمامها بالاختيار وتغليب المنطق العلمي والعملاني في ردم الثغرات التي تدركها جيداً. غير انه من واجبنا نحن كمراقبين واستناداً لمعارفنا السابقة وحرصنا على هذه المؤسسة التي أضحت المؤسسة الوحيدة الضامنة للأمل بمستقبل بلدنا أن نسوق الملاحظات التي نرى أنه من واجبنا لفت النظر إليها.

أولاً: إن عملية تجهيز الجيش عدة وعدداً تُبنى على أساس التهديد كما على مرتكزات العقيدة العسكرية ودوام فعالية الاستراتيجية الشاملة للبلد. هنا تقع المشكلة الاولى فلبنان حتى هذه اللحظة يعاني من عدم التوافق على الاستراتيجية الشاملة نتيجة لعدم التوافق المبدأي على تحديد مصادر التهديد فجزء من اللبنانين يغطي سياسياً الحالات التكفيرية الإرهابية بل يعتبرها ويستخدمها في حالات كثيرة كسند في معركته الداخلية وقسم آخر بات لا يعتبر «إسرائيل» عدواً طامعاً في أرضنا وثرواتنا وحقنا في الوجود بل يتعاون مع «الشيطان» للحفاظ على مكاسبه وامتيازاته الداخلية والفئوية.

ثانياً: رغم معرفتي بالأهداف السياسية لهذه الصفقة السعودية مع فرنسا إلا أنني سأتجاوزها لأتناول بعضاً من تاريخ العلاقات الفرنسية ـ اللبنانية في هذا المجال. وهي علاقات لم تكن سوية في أية لحظة من اللحظات اذا لم أقل بأنها لم تكن نظيفة ويشوبها كثير من علامات الاستفهام. بدءاً من صفقة الكروتال التي لم تكتمل إلى رادار الباروك الذي تعطل قبل حرب 73 مروراً بطائرات الميراج وصولاً الى ملالات م13 التي لم تعمل وإلى صفقة البوما الشهيرة. مسار طويل من المعاناة في النوعية والرفد بقطع الغيار والمعاناة الأهم في صدقية الأسلحة الفرنسية بشكل عام فالصفقات الفرنسية كانت اقرب الى» التنفيعة « وكسب الودّ أكثر من كونها إطاراً كافياً لتسليح الجيش وتجهيزه. وانطلاقاً من حرصنا على عدم تفويت فرصة تسليح الجيش سنتجاوز ايضاً هذه المسألة الى طرح التساؤلات التالية:

هل ستزودنا فرنسا مثلاً ببطاريات «رولان» للدفاع الجوي المنخفض أو ببطاريات دفاع جوي متوسط؟

هل ستزوّدنا فرنسا مثلاً بصواريخ م د من الجيل الثالث لدرء خطر مدرّعات العدو «الاسرائيلي»؟

هل ستزودنا بمنظومة دفاع بحري متكاملة لحماية الشواطئ من الإنزالات والإبرارات البحرية؟

واذا زودتنا بهذه الاسلحة ألن تكون مشروطة بلائحة منع استخدام اميركية في وجه العدو «الاسرائيلي»؟

هل ستزودنا فرنسا بأسلحة من خط انتاج جديد يتلاءم مع طبيعة ارضنا وطبيعة معاركنا وليس من خردة وتعفيرات مخازنها العتيقة؟

هل ستقتصر المساعدة الفرنسية على التدريب وإرسال بعثات عسكرية تحت عنوان التدريب لمهمات أخرى في لبنان والمنطقة؟

ما هي نسبة بدل الأتعاب «الكومسيون» المقتطعة والمشروعة طبعاً لمصممي الصفقة وأهدافها؟ وكلنا يعرف ان القيادة الفرنسية السابقة لم تخرج بعد من مشاكل مماثلة.

اخيراً ورغم اقتناعي الكامل بأن هذه الصفقة السعودية ـ الفرنسية هي صفقة سياسية بامتياز بل هي مكرمة سعودية لفرنسا ثمناً لموقفها من الاتفاق الاميركي الإيراني ودعماً لصناعة الأسلحة الفرنسية المتعثرة وأنها جزء من محاولة قبض اليد السعودية على لبنان وأنها محاولة فاشلة لزرع الفتنة بين الجيش والمقاومة. إلا انني واثق تمام الثقة بقيادة الجيش من خياراتها الصائبة وحرصها على المؤسسة ولبنان.



 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024