إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

العميد شامل روكز: ما وراء الاسم 1

روزانا رمّال - البناء

نسخة للطباعة 2015-08-10

إقرأ ايضاً


إنّ تعميم فكرة أنّ الفراغ الرئاسي هو أساس الأزمة في لبنان هو تعمية جدية للحقائق وخروج جذري عن مجريات الأحداث لأنّ قراءة الأحداث في المنطقة ومن ضمنها لبنان تأخذ معالجة الأمور في وضع الإصبع على الأزمة وتحديدها أولاً قبل التفكير في حلها ثانياً إلى ما هو أبعد منها، وخصوصاً إذا كان هذا البلد جزءاً أساسياً من صناعة الأحداث في منطقة صاخبة بمتغيرات وأحداث سياسية كلبنان.

من دون تجميل المشهد، يلعب كرسي الرئاسة لدى الدول التي تشهد غالباً أحداثاً أمنية تتطلب على إثرها رعاية خارجية ، دوراً يكاد يكون ركيكاً في التأثير في الأحداث في هذا الزمن بالتحديد، ولبنان أحد أبرز الأمثلة التي لا يشرح بشكل جيد المعنى من هذا المنطلق. العراق أيضاً يخضع للحساب نفسه، أما على المقلب الآخر فإنّ الأمر نفسه يسري على الدول التي خضعت لمتغيرات الربيع العربي بينها مصر وتونس وليبيا، ذلك أنّ دور الرئيس فيها يكاد يكون ثانوياً نظراً إلى تأثير القوى الخارجية عليه.

في زمن تمدّد «داعش» في المنطقة والعالم تلعب الجيوش أهمية بارزة لدى أجهزة استخبارات الدول الكبرى، فالتعاون مع الإرهاب أو عليه هو الشغل الشاغل الذي يطغى على كافة الملفات مع اختلاف الهدف أو القضية، فالأميركي على سبيل المثال الذي قرّر مسبقاً نشر فكر التطرف في المنطقة، يبدو أنه قرّر اليوم بعد إعادة النظر في فشل سياسياته في مكافحة الإرهاب كالتفاف على خياره الأول، أما في المرحلة السابقة من الزمن قبل أن يكون الهمّ الأكبر في المنطقة التمدّد التكفيري خلق الأميركيون ومعهم «الإسرائيليون» فكر المحافظة على أمن الكيان «الإسرائيلي» بشتى الطرق، فحشدت واشنطن لسنوات عديدة كلّ قواها السياسية والعسكرية لضخها في الحساب «الإسرائيلي» من أجل المحافظة على أمنها من دول الجوار التي تخشى «إسرائيل» في أي لحظة أن يتوحدوا عليها فتطرد من المنطقة، فبدأ الإرهاب «الإسرائيلي» يستشري مع فزاعة الهلال الشيعي التي كان أول من طرحها الملك الأردني عبدالله الثاني بعدما سبق حلفاء أميركا وواشنطن نفسها لحماية «إسرائيل»، وإذ بالخطر الأكبر على «إسرائيل» يصبح حزب الله وحليفته إيران.

على أي حال لعب حزب الله دوراً محورياً في تغيير صورة «إسرائيل» وجيشها من جيش لا يهزم إلى جيش يُهزم فعلاً، وبدا لبنان والحراك العسكري أو الأمني فيه من جيش وشعب مقاومة ومسؤولين سياسيين وحزبيين وكلّ ما يتعلق به موضع اهتمام «إسرائيلي» ـ أميركي كبير وأصبح كلّ ما يتعلق بتقوية موقعه العسكري في المنطقة موضع نقاش وجدال ومتابعة أميركية عربية ترجم أبرزها بعدم مدّ يد العون إلى الجيش اللبناني وحرمانه من السلاح اللازم لقتال «إسرائيل»، رغم الهبات التي عرضتها الدول العربية على لبنان، وحتى الساعة لا يزال الجيش اللبناني قاصراً غير قادر على فتح معارك طويلة المدى ليس فقط مع «إسرائيل» إنما أيضاً مع التكفيريين.

الجيش اللبناني اليوم هو واحد من الجيوش العربية التي تعتبر موضع اهتمام الأميركيين والغرب في مخطط تقسيم أو تغلغل نفوذ أجنبي بأدنى حال في مقرّرات خططها العامة، وغير صحيح أنّ الرئاسة في لبنان هي الشغل الشاغل للأميركين والغرب.

إنّ مركز قيادة الجيش اللبناني اليوم هو الذي يحظى باهتمام الدول الإقليمية والغربية، وليس منصب رئاسة الجمهورية التي لا يمكن لها أن تكون عنصراً فاعلاً في اللعب على مجريات الأحداث الأمنية في البلاد في دستور يحاصر الرئيس في أكثر من جانب والاهتمام هذا نابع من عدة أسباب أبرزها:

أولاً: قلق الدول الكبرى من سلسلة العلاقات التي سيبنيها قائد الجيش الجديد بعقليته الفريدة مهما كان هذا الاسم، وبالتالي فإنّ منسوب قلق الغرب هو من قائد جيش لبناني قادر على نسج علاقات جيدة مع الروس أو غيرهم، وهو أمر يقلق الأميركيين، وبالتالي فإنّ على التأثير على قائد الجيش اللبناني غالباً ما يكون أميركياً بغطاء عربي عبر علاقات جيداً جداً مع دول الخليج تخرج بخلاصة مفادها «حصول قيادة الجيش على مساعدات وهبات وضباط ومدربين واستشاريين تكون مقدمة لتطبيع العلاقات أكثر بين اسم قائد الجيش وتلك الدول.

ثانياً: علاقة قائد الجيش بحزب الله الذي أصبح صانعاً أساسياً للأحداث على الساحة السورية والعراقية، وليس لاعباً أو مؤثراً كما كان سابقاً، وبالتالي فإنّ مخاطر العلاقات الجيدة مع حزب الله هي قلق كبير يساور الأميركيين و«الإسرائيليين»، لهذا السبب كان التصويب الأخير على معادلة الجيش والشعب والمقاومة والخلاف بين ذهبيتها وخشبيتها في وقت حرج حركة سياسية ملفتة للنظر مؤخراً.

العميد شامل روكز اليوم ليس حديث كفاءة ومناقبية يجمع عليها الجميع إنما حديث استخبارات دولية كبرى، فقد استطاع روكز اتخاذ قرارات جريئة ومنفردة بمعزل عن القوى السياسية لمصلحة حسم الأمور في معارك صيدا ـ عبرا وغيرها في حدث كان من شانه إحراج الطبقة السياسية وقيادة الجيش.

تستشعر القوى الغربية ومراكز الدراسات والبحوث العسكرية القدرة على خلق انسجام تام بين العميد روكز إذا استلم قيادة الجيش والمقاومة في القدرة على ارتجال حلول لمكافحة الأخطار المحدقة بلبنان بعيداً عن انتظار السياسة أو التسويات.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024