إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الأزمة السورية وأثر الدعم الروسي - الإيراني والتحوّل الغربي

إبراهيم ياسين - البناء

نسخة للطباعة 2015-09-16

إقرأ ايضاً


في الوقت الذي تشتدّ فيه المواجهات بين الجيش العربي السوري وحلفائه من ناحية، وبين قوى الإرهاب التكفيري وداعميهم من ناحية ثانية، يسجل نشاط مكثف على جبهة الاتصالات السياسية تتمثل في التحوّل في مواقف الدول الغربية، لا سيما بريطانيا وإسبانيا والنمسا، التي تخلت عن المطالبة برحيل الرئيس بشار الأسد، وبدأت تدعو إلى الموافقة على بقائه في المرحلة الانتقالية، في حين لا تزال الو يات المتحدة الأميركية تمارس ضغوطاً على أكثر من صعيد دولي وإقليمي من أجل انتزاع تناز ت روسية وإيرانية في أيّ صيغة لحلّ الأزمة السورية، وهي تستخدم إرهاب «النصرة» و«داعش» وسيلة لتحقيق هذا الهدف من خلال عدم الموافقة على تشكيل تحالف دولي وإقليمي وبالتعاون مع الدولة السورية لمكافحة الإرهاب.

ولوحظ أنّ هذا الضغط الأميركي قد واكبه افتعال الضجة حول تزويد روسيا لسورية بالأسلحة والمعدات العسكرية المتطورة في حين أنّ هذا الدعم الروسي لم يتوقف لحظة واحدة منذ بداية الأزمة السورية. ومن المعروف عادة أنه عند بيع أسلحة جديدة فإنّ الدولة المصنّعة والبائعة للسلاح ترسل معها خبراء لتدريب جنود الدولة التي اشترت السلاح الجديد كما تنصّ العقود… وهذا ما يحدث الآن في سورية من وجود لخبراء روس يعملون في تدريب نظرائهم السوريين عليها في إطار اتفاقيات التعاون بين البلدين، وهو يندرج حالياً أيضاً في مكافحة الإرهاب على أنّ كل ذلك يطرح سؤا ً مركزياً وهو:

ـ إلى متى يستمرّ التعطيل ا ميركي للحلّ السياسي في سورية؟ وما هو أثر الدعم الروسي الإيراني لسورية في مواجهة هذا التعطيل الأميركي؟ واستطرادا ما هو موقف الدولة السورية من الطروحات الأميركية التي تسعى إلى التدخل في الشؤون الداخلية السورية، وعدم الإقرار بحق الشعب العربي السوري بتقرير مصيره بنفسه، وذلك عملاً بالقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة.

أو ً: منذ بداية الأزمة السورية تسعى الو يات المتحدة الأميركية عبر قيادتها للحرب الإرهابية على سورية وتنظيم تحالف دولي لهذه الغاية من جل إحداث اختراق سياسي يتيح ميركا التدخل في شؤون سورية الداخلية، وتمكين القوى الموالية لها من تسلّم دفة الأمور عبر صيغة الحكم الانتقالي… وهذا ما يروَّج له في هذه الأيام أيضاً من قبل الإدارة الأميركية… وهو ما جوبه برفض سوري قاطع وحازم لاعتبار ذلك خطاً أحمر يمسّ سيادة سورية واستقلالها الوطني وقرارها المستقلّ.

ومنذ بداية الأزمة السورية التي مرّ عليها عدة سنوات وتعرّضت للكثير من الضغوطات ومن التهويل والترغيب… لم تفرّط القيادة السورية بسيادة واستقلال سورية الوطني، ورفضت المساومة على ذلك، وبالتالي لا يمكن أن تقبل بعد كلّ التضحيات التي قدّمتها في سبيل ذلك أن تتراجع أو أن تسلّم بهذه الإملاءات الأميركية خصوصاً بعد أن نجحت في إحباط كلّ موجات الهجوم الإرهابي عليها. وبدأ هذا الصمود وهذه التضحيات يولدان أزمات في داخل بعض الدول المعادية لسورية، كتركيا والسعودية وغيرهما، وفي الوقت عينه في داخل بعض الدول الغربية، فانفرط عقد التحالف الدولي ولم تعد المواقف الدولية منسجمة مع الموقف الأميركي المتشدّد.

ثانياً: هذا الثبات والصمود السوري عززه الموقف الروسي والإيراني الموحّد، وعبّر والذي عبّر عنه زيرا خارجية البلدين محمد جواد ظريف وسيرغي فروف في مؤتمر صحافي عقد في موسكو، وأكدا رفض أيّ حلّ ينتقص من حق الشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه في أيّ صيغة للحلّ.

وقد جاء الاتفاق النووي ليعزز من دور إيران الداعم لسورية والرافض المساومة عليها، وهو ما أعلنه بوضوح قاطع مؤخراً الإمام السيد علي الخامنئي.

أما روسيا فقد بعثت برسائل حازمة في مواجهة الضغوطات ا ميركية والتراجع السعودي عن تأييد تشكيل تحالف إقليمي مع سورية لمحاربة الإرهاب، تمثلت بتزويد سورية بأسلحة متطورة تمكنها من الدفاع عن سيادتها من ناحية ومواجهة قوى الإرهاب المدعومة من الخارج من ناحية ثانية… وأيضاً بالحضور الروسي في البحر وقيامه بالمناورات البحرية في المياه السورية…

ثالثاً: على ضوء ما تقدّم تبدو الصورة جلية وواضحة… إنّ محاو ت إشاعة أجواء تظهر وكأنّ هناك تراجعاً في المواقف السورية والإيرانية والروسية لصالح وجهة النظر الأميركية أساس لها من الصحة، لا بل أنّ هذه المواقف إزدادت صلابة بعد التحوّ ت الإقليمية والدولية التي صبّت في صالحها وكانت نتيجة لصمود سورية.

رابعاً: طالما أنّ الميدان هو الذي يقرّر في النهاية طبيعة أيّ حلّ سياسي للأزمة السورية، فإنّ صمود الجيش السوري مدعوماً من حلفائه في محور المقاومة هو الضمانة الأساسية التي ستتكفل في إحباط الرهانات الأميركية على مواصلة حرب الاستنزاف في سورية، في حين أنّ التحوّ ت في المواقف الغربية سوف تؤدّي إلى إضعاف هذا الموقف الأميركي، وكذلك سينعكس سلبياً على معنويات الإرهابيين وسيربكهم، فيما يعزز موقف سورية وحلفائها.

وأخيراً، فإنّ نتائج الحرب ستقرّر طبيعة التسوية السورية، وطالما أنّ سورية صامدة، زطالما أنّ القوى الإرهابية لن تتمكن من إحداث تغييرات جوهرية في موازين القوى الميدانية، فإنه سيصعب على الو يات المتحدة الأميركية أن تأخذ في السياسة ما عجزت عنه في الميدان، في حين أنّ استمرار الحرب قد بدأ يولد أزمات في مناطق النفوذ الأميركي في المنطقة، وهذا عامل سوف يضغط على دوائر القرار في واشنطن وسيؤدّي إلى تعزيز موقف التيار الداعي إلى إيجاد حلّ سياسي بالتعاون مع الرئيس بشار الأسد وعلى قاعدة أولوية مكافحة الإرهاب.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024