إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الانتفاضة الشعبية الفلسطينية ودور الفصائل والنُخب

رامز مصطفى - البناء

نسخة للطباعة 2015-10-28

إقرأ ايضاً


منذ اندلاع «هبّة الانتفاضة الشعبية»، وحالة من الجدل الواسع تحتلّ وسائل الإعلام على تنوّعها ومسمّياتها، وجميعها تتمحور حول دور الفصائل في ما تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة من مواجهات ومصادمات مع قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين في الكيان الصهيوني الغاصب، وبأنّ الشارع الفلسطيني بشبانه المنتفضين في الميادين قد تجاوزوا الحالة الفصائلية، ووصل الجدل في بعض الأحيان حدّ التشهير والاتهام.

صحيح أنّ «هبّة الانتفاضة الثالثة» قد بدأت من دون توجهات أو قرار من أيّ من الفصائل، لا منفردة ولا مجتمعة. وأنّ الشباب الفلسطيني له من المآخذ والملاحظات الشيء الكثير، وهو الذي يتعرّض للتهميش بشكل أو بآخر. وأنّ الفصائل فشلت في إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية، لأسباب بالتأكيد لا يتحمّلها الشعب الفلسطيني، إنما تتحمّلها الفصائل والأطراف الفاعلة فيها. وليس من باب الدفاع عن الفصائل، ولكن إنصافاً لها، أنه على الرغم ما يشوب أوضاعها من ترهّلات، إلاّ أنها حاضرة في الميدان من خلال الشباب الفلسطيني المنتفض، فهؤلاء في جزء كبير منهم منضوون في أطر فصائلية ومنظمات وكتل شبابية وجامعية. وهذا لا يعني بأيّ شكل من الأشكال أنه يشفع للفصائل والسلطة أنها وبعد مرور ما يُقارب الشهر على «هبة الانتفاضة الثالثة»، لم تجتمع وتلتقي أقله إذا كان من المتعذر تحقيق المصالحة الوطنية، أن تلتقي حول عنوان هذه الهبة الانتفاضة.

وفي المقابل من المؤكد أنّ النقد والتأشير على مواضع الخلل في أداء الفصائل وحضورها ودورها، من حق الجميع أن يمارسه، ولكن أن يتمّ تحويل الفصائل إلى أباليس وشياطين يتوجب رجمها وشتمها في هذا التوقيت، أمر فيه من الظلم ومجافاة للحقيقة الشيء الكثير، إنْ لم نقل الشبهة.

وما يطبع مشهد «هبة الانتفاضة الثالثة» المتصاعدة إلى الآن قد أسهم في ما أسلفت بشكل أو آخر:

1 ـ الفصائل حتى الآن لم تتفق على وجهة عمل موحدة لِمَ تريده من الهبة فيما لو تصاعدت واتسعت رقعتها، نحو انتفاضة ثالثة، حتى منظمة التحرير بفصائلها لم تُحدّد رؤية موحدة في هذا الخصوص.

2 ـ إلى الآن لم تتبلور، ولو في الحدود الدنيا هيئات ولجان محلية في المدن والبلدات والقرى، تأخذ على عاتقها تنظيم أعمال الهبّة الشعبية. على الرغم من بعض ما نقرأه عن أسماء للجان، لم يثبت إلى الآن صحة تواجدها وتشكلها.

3 ـ تردّد قطاع واسع من شعبنا في الانخراط حتى الآن، أولاً بسبب عدم تبلور موقف فلسطيني موحد، وثانياً ما يُنسب من تسريبات لرئيس السلطة الأخ أبو مازن، أنه قد أعطى تعليماته للأجهزة الأمنية أن تعمل على التهدئة من خلال الحدّ من حراكات الهبّة الشعبية. وثالثاً التوظيف السياسي لها، وتثميرها في أيّ اتجاه، والخشية أن تكون الوجهة معاودة المفاوضات.

الأمر الذي يُحتّم على الفصائل وفي ظلّ انسداد أفق المصالحة وإنهاء الانقسام، أن تشكل هذه «الهبّة الانتفاضة» العنوان الوطني الجامع الذي نلتقي عنده وحوله ولأجله، من دون أية شروط أو اشتراطات مسبقة من أيّ فصيل من الفصائل. خصوصاً أنّ هناك مؤشرات مشجّعة تقع في سياق دعوات الجميع للتلاقي حول الانتفاضة وضرورة رعايتها والإحاطة بها ودعمها وحمايتها.

وفي هذا السياق نجد أنّ ما تحدثت به حركة حماس على لسان د. اسماعيل رضوان في قوله «إذا ما توافرت عوامل النجاح تستمرّ هذه الهبّة وستكون بأشكال مختلفة، ربما تكون أشدّ من الانتفاضتين السابقيتن، ومن عوامل نجاحها الوحدة الوطنية على أساس الثوابت وخيارات المقاومة وإزالة الانقسام الفلسطيني». وهذا يتطابق مع ما صرّحت به حركة فتح على لسان ناطقها د. فايز أبو عيطة في قوله «إنّ التحديات الاسرائيلية وحجم الجرائم التي تقوم بها إسرائيل، تستوجب الوحدة والتكامل في الأهداف على المستوى السياسي، وهذا يتطلب برنامج عمل موحد ينظم عمل الفصائل في المرحلة المقبلة ويوحد صفوف الشعب في مواجهة العدوان».

فالمطلوب من قبل الفصائل الإسراع في العمل من أجل:

- تحديد رؤية موحدة من خلال الدعوة إلى تشكيل قيادة موحدة للانتفاضة من الفصائل والنخب الشبابية البعيدة عن المحاصصة، من أجل تحديد الأهداف في سياق تثميرها، بالمعنى الوطني والسياسي الذي يصون دماء وتضحيات أبناء شعبنا وفي مقدمتهم الشباب الفلسطيني. وفي هذا السياق وعلى صفحته حدّد الدكتور محمد الهندي القيادي في حركة الجهاد الإسلامي عدد من الأهداف التي اعتبر أنه من الممكن تسويقها دولياً وإقليمياً، وتكون محرجة لحكومة نتنياهو. وتلخصت بـ«وقف الاستيطان ومصادرة الأراضي – تفكيك المستوطنات في القدس المحتلة والضفة الغربية».

- الخروج من حالة الجدل على توصيف ما تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة من أعمال بطولية، لصالح توحيد التوصيف إن كان ما يجري هبّة أو انتفاضة، حتى لا يُضاف هذا الجدل إلى قائمة الخلافات وعناوينها.

- رعاية أسر الشهداء والمعتقلين وأصحاب البيوت المهدّمة.

- تحشيد أكبر مشاركة جماهيرية في المسيرات المناهضة للاحتلال.

- اعتماد العلم الفلسطيني الذي تتوحد تحت رايته كلّ المسيرات.

- ألاّ تتمّ عسكرة الانتفاضة بشكل ارتجالي ومنفرد من قبل أي من الفصائل، ويُترك الأمر لاتفاق الفصائل بشكل موحد، ومن ضمن ما يتمّ التوافق عليه حول أشكال ووسائل المقاومة.

نعم الفصائل مطالبة بأن تنخرط مع شعبها، ولعلّ اندلاع الانتفاضة جاء ليمثل فرصة سانحة لكي تُعيد صياغة دورها كحركة وطنية جامعة، من خلال التلاقي والالتفاف حول الانتفاضة، عبر إشراك أوسع قطعات شعبنا ونخبه في صياغة برنامجها، وتحديد أهدافها الوطنية والسياسية، والاتفاق على مشروعية وسائلها النضالية والكفاحية.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024