إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

جنيف - مونترو ، القاهرة ، موسكو ..إلى فيينا مؤتمرات حرق الزمن ..!.

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2015-11-03

إقرأ ايضاً


العدالة والتنمية التركي والنجاح المشبوه . . !

من الطبيعي أن تلقى الدعوة إلى مؤتمر في مكان ما تأييد شريحة واسعة من السوريين على أمل وضع حد للحرب الدولية عليهم ، ويبقى أن نجاح أي حوار أو محادثات مرهون بصدق النوايا والجدية التامة من المشاركين سواء على الصعيد الرسمي أو ما يسمى المعارضات أو الأطراف الدولية الوسيطة أو صاحبة المصالح المتنوعة التي دفعت بها هذه المصالح للانخراط في الأزمة أو على هامشها ، فهل حصل ذلك في أي من المؤتمرات على تعددها من جنيف 1 إلى جنيف2 - مونترو ، والقاهرة وموسكو وعواصم أخرى وصولاً إلى لقاء فيينا الأخير .؟.

لا أحد يمكنه التشكيك بجدية الحكومة السورية في البحث عن حلول ضمن ثوابت مشروعة ومعلنة أولها الحفاظ على وحدة الأرض والشعب وموقف وثقافة المقاومة بوجه المشروع الصهيو – أمريكي ورفض باقي الحلول المجتزأة أو التي تخدم المصالح المعادية ، وبما أن القضية لا يمكن اختزالها بشخص فرد أو أفراد فإن المعارضات الخارجية لم تتمكن من الخروج بعيداً عن هذه الدائرة الضيقة وهي أثبتت للعالم أنها تحت وصاية متعددة الأطراف وأنها لا تملك إرادة نوايا صادقة وحقيقية في البحث عن حلول لإنهاء معاناة الأغلبية الساحقة من الشعب السوري في الوقت الذي تدعي النطق باسم هذا الشعب ، أما الجهات الخارجية فأغلبها محكومة لمصالح احتكاراتها وشركاتها المتعددة الجنسية إضافة إلى مخطط عقائدي يتناقض جوهرياً مع مصالح شعوب المنطقة وهي تحارب وحدة هذه الشعوب وتطورها لصالح الصهيو – ماسونية العالمية ، أما مواقفها في جلسات الحوار والمحادثات فإنها تعتمد التسويف والدخول في جزئيات تشكل متاهة يصعب الخروج منها ضمن المدى المنظور وتعود بالذاكرة إلى قول رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق شامير : سأجعل المحادثات تمتد إلى مائة عام دون الوصول إلى نهاية ...! وقد يعني ذلك العودة إلى نقطة الصفر في عملية حرق المراحل وهو ما يحصل بعد ربع قرن من اتفاقات أوسلو ... والسؤال : هل يعتمد الغرب هذه القاعدة في الحالة السورية ، وما هو الرد .؟.

ما من دولة في العصر الحالي نقية التكوين ، اثنياً أو عرقيا ، القومية الوطنية هي التي تسود في عصر الحضارة والمدنية ، وأغلب دول العالم مدنية عدا الديكتاتوريات المتخلفة ، والشعب السوري تجاوز مرحلة الولاء لمكوناته البدائية كما أن حكوماته المتعاقبة لم ولا تعتمد هذه القاعدة ، المثير أن الخطاب المزدوج لدول العالم الغربي تجاه دول المنطقة واعتمادها قاعدة إعادة هذه الدول إلى مكوناتها البدائية يتناقض تماماً مع ما تؤمن به أو تعلنه على الأقل من دعم حقوق إنسانية دون تمييز عنصري ( عرقي – اثني أو ديني ) وهو ما يفصح عن جوهر مشروعها الحالي وكذب الادعاء بالدفاع عن حقوق الإنسان وممارسة الديمقراطية والتحرر من الديكاتوريات التي تعمل على حمايتها كأمر واقع لأنها خاضعة أو موظفة في حين تستهدف دولاً أخرى لا ينطبق عليها ذات التوصيف ، لكن الغرب وعلى رأسه أمريكا وصموها بالمارقة والخارجة لوقوفها بوجه مشروع الهيمنة أحادية القطبية التي ما زالت تمارسها الإدارات الأمريكية منذ أكثر من ربع قرن .

الحرب العالمية غير المعلنة ( كما يقول جنرال ألماني ) على الأرض المشرقية ماثلت زمن الحرب الكونية الثانية ( 1939 – 1944 ) ، لكن يالطا الجديد ( فيينا ) لم يصل إلى نتيجة ملموسة إذ يبدو أن عناصر استكمال اللعبة لم تزل قائمة والبحث جار عن مكاسب لدى كل الأطراف بعيدا عن إرادة الشعب السوري الفعلية باستثناء روسيا وايران .

نتائج الحرب العالمية الثانية قطف ثمارها المنتصرون وفرضوا إرادتهم ، قسموا الدول تحت الانتداب ، أقاموا كيانات جديدة ونصبوا حكومات عميلة ، جعلوا منها مناطق نفوذ شبه دائمة ، اليوم بعض تلك الدول فقدت نفوذها كليا لصالح أخرى ، فرنسا مثلاً لم يعد لها من نفوذ في سوريا ولبنان ، ولا تونس والجزائر وهي تطالب الإدارة الأمريكية سراً للعودة إلى المنطقة من الباب اللبناني بوجود عسكري ويقال أنها تفاوض أيضاً حزب الله ، فرنسا التي حصلت على وعود المعارضات الخارجية بأنها ستكون صاحبة الحصة الأكبر من الكعكة السورية تخرج من المعمعة صفر اليدين ، وكانت زعيمة من أسموا أنفسهم " أصدقاء سوريا " هي اليوم الأولى على قائمة أعداء الشعب السوري – طبعا ليس المعارضات الخارجية التي ليس لها وجود شعبي – أما أمريكا التي حملتها الأحلام والأعمال على أرض الواقع لتطويق روسيا الاتحادية – وريثة القطب العالمي الثاني ، فقد بالغت في استخفافها بالوعي الروسي والدولي والقوى التي يمتلكها ، فإنها اليوم أمام امتحان صعب يفرض عليها العودة إلى زمن ثنائية أو تعددية القطبية العالمية ويبدو أن الناتو لم يعد فاعلاً وحده على الساحة الدولية بعد قيام البريسك أو التحالف المشرقي ( الروسي – الايراني – السوري – العراقي ، وقد تنضم له دول أخرى ) ويتساءل المراقبون : هل هو زمن عودة التوازن إلى الموقف الدولي .؟. ولكن ، لماذا بدأت الإدارة الأمريكية رحلة العودة العسكرية إلى المشرق من البوابة السورية ، هذه العودة المشبوهة رغم تطمينات الوزير كيري ..!. يبدو أن التسليم بالأمر الواقع بالغ الصعوبة .

فاز حزب العدالة والتنمية التركي في الانتخابات الأخيرة بأكثر من 49 بالمائة ، لكنه لن يتمكن من تعديل الدستور وتحقيق أحلام أردوغان التي تحتاج أكثر من الخمسين ، مع ذلك بدا الأمر مفاجأة من نوع ما بعد استطلاعات الرأي التي قال بعضها أنه قد يخسر بعض النقاط وأن أحزابا أخرى سيرتفع نصيبها وجاء ذلك بعد تحليل المزاج الشعبي التركي واستعراض مراحل فشل الحكومة التركية على الصعيد الخارجي وخسارة أصدقاء كثر في المنطقة وأغلبهم يطوق تركيا ويشاطرها الحدود مثل سوريا والعراق وايران وأرمينيا ومعهم مصر ، أردوغان لجأ ونفذ العديد من الخطوات منها الخطاب الكاذب – الإعلان عن محاربة داعش – والحديث عن الأمن القومي التركي وإثارة العصبية القومية رغم ممارسته التعصب مذهبيا ومن ذلك شتيمة رئيس حزب الشعب الجمهوري وقوله أنه " علوي " .!. وتضخيم خطر الأكراد على مستقبل الجمهورية ، الناخبين الأكراد نسبتهم إلى المجموع التركي 1/9 ، رغم ذلك فاز حزب الشعوب الديمقراطي بنسبة أكثر من 10بالمائة ، يقول محلل تركي أن نسبة العلويين مماثلة تقريبا للأكراد ولم يبين لمن ولاء هؤلاء وهل أعطوا العدالة والتنمية أم لا ، الأغلب أن زيادة اقبال الناخبين تركزت في الأوساط الدينية والقومية ، وقد أعطى الكثير من القوميين أصواتهم للتنمية وهكذا تراجعت نسبة تمثيل الحزب القومي .. ويبقى أن اجراءات أردوغان قبل الانتخابات ممثلة بالسلطة التنفيذية لعبت دورا ما في التضييق على الأحزاب الأخرى والحد من فعالية أنشطتها الانتخابية والإعلامية بعد وضع اليد على الصحف والمحطات التي تعارض أردوغان وحزبه .

عودة العدالة والتنمية التركي بزخم أقوى لقيادة الدولة بزعامة أردوغان وأوغلو لن تكون في صالح مستقبل الدولة التركية وعلاقاتها في المنطقة طالما بقي النهج والسلوك العدواني عنوانها ، وفي الوقت الذي يتهم أردوغان الآخرين بالعمالة للولايات المتحدة والكيان الصهيوني نراه يلهث في خدمة مشروع الطرفين المذكورين ولم يبق له من صديق وحليف في المنطقة سوى الكيان الصهيوني وحده .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024