إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

ويخوِّفونك بالحرب «الإسرائيلية»

أسامة العرب - البناء

نسخة للطباعة 2016-03-12

إقرأ ايضاً


في تاريخ الأمم، يكاد لا يكون هنالك بلد في العالم لا يحتفل سنوياً بعيده الوطني، الذي يكون دائماً ذكرى تَحرُّره من احتلاله ونيله استقلاله، وكثيراً ما يكون التحرُّر أو الاستقلال قطاف نضال أو ثورة شاملة، فهل يُصنَّف أولئك الذين حملوا النضال أو الثورة في سبيل التحرُّر أو الاستقلال بالإرهابيين؟ لماذا لا يعتبر العالم أجمع أنّ نضال اللبنانيين والفلسطينيين من أجل تحرير أرضهم من الاحتلال الصهيوني حركة استقلالية؟ هل هنالك شعب في العالم يرضى بذلك في نظرته إلى تاريخه؟ فالانتفاضة الفلسطينية الجديدة على سبيل المثال، إذا ما تُوِّجت بالنصر، بإذن الله، فإنّ يوم نصرها سيكون يوم فلسطين الوطني بامتياز، الذي سوف نحتفل به سنوياً أسوةً بسائر الشعوب والأمم في العالم. فهل يُعقل أن نصنّف شباب الانتفاضة بالإرهابيين؟ هذا الأمر ينطبق أيضاً على دفاع اللبنانيين عن وطنهم في وجه الكيان الصهيوني في الجنوب المحتلّ سابقاً، واليوم في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة أيضاً، وهذا هو أيضاً شأن كلّ مَن يدافع عن أرضه المحتلة ويواجه الإرهاب التكفيري الذي يتوسّل عندما تواجه دولة عظمى الإرهاب، ولو على أرض الغير، يتحوّل المنتمي إليها إلى «رجل السلام العالمي»، فتفتح له الصالات ويتلقى التهاني والتبريكات، ويتحوّل إلى رمز وطني وقومي يُحسب له ألف حساب. أما إذا كان المقاوم للإرهاب مواطناً منتمياً إلى شعب مسكين ومقهور، كالشعب الفلسطيني أو اللبناني، يُصنّف عمله هذا إرهاباً، ويُصبح دمه وماله وعرضه مهدوراً. وما كان تصنيف المقاومة الفلسطينية «حماس» من قبل أميركا والاتحاد الأوروبي حركة إرهابية، إلا خير دليل على ذلك.

أميركا و«إسرائيل» لا تعتَبران، بأي شكل من الأشكال، أنّ إبادة أطفال الشعب الفلسطيني أو اللبناني ونسائهما بأنواع الصواريخ والقذائف كافة تشكل إرهاباً، وإنما على العكس من ذلك فإنها تعتبرها دفاعاً عن النفس وممارسة لحقّ مشروع من قبل سلطات الاحتلال. أما مَن يتجرأ ويقول، أو تسوّل له نفسه أن يقول: هل بات للمُحتل الصهيوني أرضاً له الحقّ بأن يُدافع عنها، فهو يتحول فوراً وتلقائياً إلى مجرم وخارج عن القانون ومنتهِك للقوانين وللمواثيق وللأعراف الدولية، ومشتَبَهاً بانتمائه أو تعامله مع منظمات إرهابية، وبالتالي، فلا بدّ من مكافحته والحجز على أمواله، لا بل مصادرتها أيضاً!

كيف نستطيع أن نؤمن بأنّ مجلس الأمن وسائر المنظمات الدولية الأجنبية، سوف تطبّق أحكام الشرعية الدولية؟ فها هي «إسرائيل» تنتهك قراري مجلس الأمن الدولي 242 و338 اللذين يدعوانها إلى الجلاء عن الأراضي التي احتلّتها في حرب 1967، ومن ثم في حرب 1973، كما تنتهك القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يضمن حقّ اللاجئين الفسطينيين بالعودة إلى بلادهم. ولا يتجرأ أحد على المطالبة بإلزام إسرائيل»، بتنفيذ تلك القرارات عنوةً تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لأنّ غضب اللوبيات الصهيونية العالمية الساطع سوف يكون بالمرصاد!

أمام مشهد العنف الذي تمارسه «إسرائيل» في غزة والضفة الغربية والقدس، وأمام ممارستها اللاإنسانية مع الفلسطينيين ومقدّساتهم، وأمام مواصلتها العمليات الاستيطانية الجديدة في الأراضي العربية المحتلة كافة، هل يصدّقنّ أحد أنّ هنالك قيماً حضارية يؤمن بها الغرب؟ وأين هي العدالة الدولية، وأين هي الحقوق المشروعة، وأين هي المحاسبة التي تتلازم مع الممارسات الديمقراطية والقيم المجتمعية الإنسانية التي تزعم المجتمعات الغربية إيمانها بها؟ لا بل أين هي القوانين الدولية التي تنظم العلاقات بين الأمم؟

لذلك، وطالما أنّ هنالك مَن يتساءل: هل نحن حقاً إرهابيون فيما «الإسرائيلي» هو الضحية؟ فإننا نجيبه: طبعاً نحن كذلك، لا بل نحن ظُلاَّم وإرهابيّون ومتغطرسون! كيف لم نسمح لـ«الإسرائيلي» وللتكفيري أن يسلُب أرضنا ويغتصب نساءنا ويذبح أطفالنا؟ وكيف لم ننتظر الشرعية الدولية لتتحرك؟ وكيف لم ننتظر مجلس الأمن ليأتي بالحلف الأطلسي ويحارب «الإسرائيلي»؟ صحيح أنّ هذا الأمر قد يأخذ مئة عام أخرى، ولكنّه قادم بالتأكيد! أميركا تؤكد لنا ذلك! أليس هذا ما تحلمون به؟ أليس من حقنا أيها الإرهابيون المجرمون المتغطرسون أن ندافع عن أوطاننا وعن مقدّساتنا وعن أعراضنا؟ وهل جربتم يوماً إنصافنا؟ وهل جربتم يوماً أن ترفعوا نيران احتلالكم عن أطفالنا ونسائنا؟ لا بل عن خناقنا أيضاً؟ وهل جربتم يوماً مساعدة اللاجئين الفلسطينيين المشردين للعودة إلى ديارهم؟ وهل جرّبتم وضع حدّ لممارسات القهر «الإسرائيلي» في اعتقال مواطنينا وتعريضهم لأشدّ ألوان التنكيل والتعذيب؟ وهل جرّبتم التوقف عن سرقة ممتلكاتنا باسم الشرعية الدولية؟ وهل جرّبتم التوقف عن محاولات هدم مقدساتنا؟ لقد سلكتم أقذر السبل، ووصمتمونا بالإرهاب لتحرّضوا على قتلنا وتشريدنا، ومن ثمّ هدّدتمونا بـ«الإسرائيلي» المتغطرس وبطيرانكم الحربي وبحروبه العبثيّة المدمّرة، وما زلتم تهدِّدون! ولكننا صامدون، لا نخشاكم ولا نخشى غيركم، لا نخشى سوى الله عز وجل.

مع كلّ ذلك، كنّا ندعوكم دوماً إلى التوقف عن إجرامكم المتطرف، وللتوقف أيضاً عن ممارستكم للإرهابَين الصهيوني والتكفيري، وللسعي الحقيقي إلى حلّ عادل لقضيتنا المركزية فلسطين، ولإعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، ولإعادة أراضينا العربية المحتلة، إنما على مَن تقرأ مزاميرك يا داوود؟ لا حياة لمن تنادي!

ولذلك، وحتى نضمن استمرار صوت القضية الفلسطينية عالياً ومدوياً، وحتى نحرج العدو الصهيوني ونرغمه على التخلي عن نهجه الإرهابي الجامح، فإننا بحاجة إلى السعي دائماً، لأن نتكاتف على مشروع مقاوم موحّد قوامه صنع الحريات والاستقلال لأوطاننا ونبذ كافة أشكال التطرف الإجرامي اللاديني، وكذلك لأن نولي الإعلام مزيداً من الاهتمام، وأن نتواصل مع الجمعيات والأحزاب الإقليمية والدولية الداعمة لقضايانا العربية والإسلامية المحقّة، وفي مطلعها القضية الفلسطينية، ذلك أنّ هذه الأمور تشكل صمام الأمان الدائم لأي محاولة لتشويه صورتنا ولتجريدنا من الشرعية أمام الرأي العام، كما علينا أن نسعى قدر الإمكان ألاّ نُحقق أحلام الأعداء بإشعال الحروب الفتنوية الطائفية والمذهبية فيما بيننا، لأنّ القول بغير ذلك معناه أننا نقدّم الهدايا المجانية لهؤلاء على حساب نضالاتنا ودماء شهدائنا.

أما بعد… أفتهدّدوننا بالحرب «الإسرائيلية» في حين أننا عُشاق الشهادة لكوننا أصحاب الحقّ وأصحاب الأرض فيما أنتم مُغتصِبون للحقّ وللأرض معاً، بل إننا نحن من يحذّركم أيها الإرهابيون الحقيقيون من مغبّة العبث مع المقاومة، لأنّ الهزيمة المدّوية تنتظركم عاجلاً أم آجلاً، فتربّصوا إننّا معكم متربِّصون!

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024