إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

بندقية الجندي السوري تصنع السلام...

جمال محسن العفلق - البناء

نسخة للطباعة 2016-04-15

إقرأ ايضاً


على وقع الانتخابات التشريعية في سورية، وبعيداً عن بكاء وعويل المشكّكين فيها والنادبين حظهم، بعد فشلهم في إدخال سورية بفراغ دستوري يعطّل واحدة من أهمّ المؤسسات التشريعية في البلاد، وتوقع البعض أنّ الشعب السوري لن يخرج للمشاركة في عملية الاقتراع، حيث تواجدت مراكز الانتخاب خوفاً من التهديدات الأمنية أو قذائف الهاون وغدر العصابات المسلحة صاحبة السبق في هذا الأمر، وجدت كاميرات الإعلام والمراقبون أنّ السوريين خرجوا للمشاركة وقرّروا أن تمرّ الانتخابات بسلام حتى عند حدود أقرب المناطق لخط النار، وهذه المشاركة هي نتيجة ثقة السوريين بجيشهم الذي استطاع أن يعيد إليهم الإحساس بالأمان في كثير من مناطق البلاد التي تشهد تقلبات أمنية على مدار الساعة. ورغم تسريب أميركا لمشروع الخطة ب والتحدث عن قرب التوصل لتوقيع اتفاق مع تركيا لتدريب وتسليح العصابات الإرهابية بسلاح متطوّر، من ضمنه سلاح مضاد للطائرات. كما تحدثت التقارير، عشية ليلة الانتخابات، عن وصول دفعة من السلاح إلى ميناء العقبة.

تزامن هذا مع انقلاب أميركي على الحلّ في سورية والعودة إلى البداية برفع سقف الشروط، ومن ثم الانسحاب من التصريح في عملية تلاعب وإرباك الهدف منها إحباط معنويات السوريين وتهديدهم بالحرب من جديد. ولكن السوريين الذين تجرّعوا مرارة الحرب لخمس سنوات أدركوا تماماً اليوم أن بقاء مؤسسات الدولة هو شرط لصمودهم وشرط من شروط انتصارهم على الإرهاب.

لقد تسارعت الأحداث العسكرية في حلب من خلال انقلاب الفصائل الإرهابية على بعضها البعض، وإشاعة أخبار عن رغبة الفصائل المسلحة القيام بهجوم واسع لاحتلال حلب، في وقت ينقلب المرتزقة في ريف دمشق من «نصرة» إلى «داعش» أو العكس، حيث نقل البندقية من كتف إلى كتف هو سمة واضحة الآن، أصبحت موجودة لدى المرتزقة والمستفيدين من عمليات القتل.

وبين انتخابات جرت بسلام، وتمكُّن الحكومة السورية من تأجيل موعد جنيف إلى حين الانتهاء من العملية الانتخابية، وبيان القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة حول حلب ومعركتها المنتظرة، تبقى البندقية السورية هي صانعة السلام للمنطقة، ويبقى الاعتماد اليوم على الجيش السوري لتثبيت شرعية الدولة واستعادة المناطق المحتلة ورسم خارطة طريق للخروج من الأزمة السورية، فالجيش الذي قبل بالهدنة كبادرة منه على رغبته بالسلام قادر اليوم على فتح النار وإشعال الأرض تحت أقدام الجماعات الإرهابية.

والانتخابات التشريعية ما كانت لتتمّ برعاية دولية أو تحت حماية المارينز أو قوات التحالف الدولي، وما كان الشعب السوري ليخرج تحت حراسة قوات أجنبية للمشاركة في الانتخابات التشريعية لمجلس الشعب، ولكن السوريين خرجوا تحت راية الوطن ومَن يحميهم هو الجيش السوري والقوى الأمنية التي استطاعت تطويق جميع المناطق للردّ على أيّ اختراق قد يعكر يوم الانتخابات.

في الوقت الذي يحارب السوريون فيه الإرهاب بكلّ أشكاله، ويقاتلون من أجل البقاء ورفض العودة إلى عصور الجاهلية والظلام، نجد أنّ الربيع العربي «يزهر» في الأقطار العربية، ولكن زهوره سمّ على شعوب تلك الأقطار، حيث تباع جزر وتستبدل أراضٍ، وشركات كبرى تحصل على ترخيص للاستثمار في شواطئ العراة، وأطنان من الأسلحة تصل إلى ليبيا لتمزيقها وتشريد شعبها، وفلسطين تغيب عن أفعال قمة التعاون الإسلامي وربما تكون على الورق، ولكن لن نصدق أنها ستكون على جدول الأعمال الفعلي بعد إعلان الصحافة «الإسرائيلية» عن قرب إعادة إطلاق العلاقات «الإسرائيلية» التركية وتطبيعها. كما سرّبت الصحف العبرية عن قرب خروج العلاقات العربية «الإسرائيلية» إلى العلن قريباً.

ولهذا، نجد أنّ الهجمات تكون أكثر شراسة من سابقتها في كلّ مرة، فالهدف اليوم هو إضعاف الجيش السوري وإخراجه من المعادلة العسكرية بالمنطقة، وهو العمق الداعم للمقاومة، ومنع أيّ ارتباط بين القوى المقاوِمة من بغداد إلى بيروت… فهذا الربط لا يُرضي الكيان الصهيوني الذي استطاع تدجين بعض القيادات الفلسطينية وتحويلها أداة بيده.

إنّ صناعة الحرب أمر ممكن، لكن السلام يحتاج لرجال ترفعه، وهذا السلام الذي يتحدّث عنه الجميع لا يمكن أن يكون بعد تصريحات نتنياهو وطلبه الوقح من السوريين أن ينسوا الجولان! ولا يمكن أن يكون السلام بيد مَن يدعم الإرهاب ويدفع المليارات لإرضاء أميركا وحماية الكيان الصهيوني.

اليوم، حسم السوريون أمرهم، فالرهان على بندقية الجندي السوري والرهان على صمود السوريين خلف جيشهم، فلم يعُد مقياس الأيام أو الشهور والسنوات هو مقياس الحرب، إنما الهدف بالنتائج المحسومة بضمير السوريين وهي النصر على أعداء الإنسانية والنصر على قوى الظلام والتكفير. وكم هو مؤلم أنّ مليارات الدولارات دفعت من أجل خدمة أمن «إسرائيل» ولم يُدفع خمسة في المئة منها من أجل نشر كتاب أو تحسين وضع معيشي للإنسان العربي. من كابول إلى بغداد إلى دمشق وعموم العواصم العربية كان وما زال مشروع التدمير والقتل تحت رعاية صانعة الموت الولايات المتحدة الأميركية.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024