شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2016-04-18
 

نتنياهو إلى موسكو للمطالبة بضمانات قبل العملية السياسية

روزانا رمّال - البناء

تدرك «إسرائيل» أنّ إعلان المرحلة المقبلة «مرحلة تسويات دولية» أو استشرافها للنيات، خصوصاً الأميركية – الروسية المشتركة منها، تستفز تل أبيب بما لا يمكن اعتباره قابلاً للتلقف من قبل قيادة تعيش على ابتزاز حلفائها والضغط عليهم مثل خصومها. يشكل الموقف «الإسرائيلي» من المفاوضات بالمنطقة مفصلاً بحدّ ذاته لما يترتب عليه من حسابات وتداعيات تعكس واقع «إسرائيل» الجديد فبحسب التقارير الاستخبارية والغربية على مدار 5 سنوات أو أكثر تشكل بما بات مفهوماً أنّ المصلحة «الإسرائيلية» بتعميم الفوضى على العالم العربي والجوار بعد الانتكاسة الأمنية التي تعرّضت لها أجهزتها وفشلها أمام قوى المقاومة والخط الحليف كان الأكثر حظاً، فتقدّم الدعم «الإسرائيلي» لـ«جبهة النصرة» وحركات جهادية تكفيرية في سورية وفي اليمن على جدول أعمال الحكومة الأمنية والاجتماعات الاستثنائية على أي استحقاق في «إسرائيل». فكشف فيها الوزير موشيه يعالون أكثر من مرة عن مصلحة «إسرائيل» بدعم هذه الحركات وتقديم ما أمكن للمساعدة لتتوج بتصريحات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تؤكد على أن نشاط الحركات تلك لا تؤثر على الأمن «الإسرائيلي»، خصوصاً لجهة منطقة الجولان والحدود هناك.

بنجاح منطق المفاوضات أو تعميم مفهومها في المرحلة المقبلة تكون «إسرائيل» قد خسرت المنطق الذي أرادت تعميمه والاستفادة من مندرجاته كتطويق لحزب الله ومعه سورية وإيران التي كان من المفترض أن تخسر أمام المجتمع الغربي في الملف النووي وترفع من حظوظ «إسرائيل» في الحصول على الدعم في هذا الإطار. كلّ هذا بالتوازي مع دخول عسكري روسي إلى المنطقة فرض حضور موسكو كحليف لسورية ملتزم بسلامة أراضيها بالقدر الذي تفرضه المصلحة الاستراتيجية للبلدين، ما جعل الحركة «الإسرائيلية» أضيق، وهامش التوسع في الاستفادة من الثغرة الأمنية فيها بعد تعزيز حضور القوى التكفيرية أصعب.

يشكل الجولان الحلقة الأهم بالنسبة لتل أبيب التي تحتاج إلى تفسير ملفات عدة تبتغي حسماً ما من شأنه حفظ أمنها بعدما فتح الرئيس السوري بشار الأسد الباب لمقاومة جدية في الجولان في 2012، وما يعني ذلك من حضور كثيف لحزب الله في تلك المنطقة. وقد ترجمت «إسرائيل» هذه المخاوف بإبراز حضور مقاتلي حزب الله ومعهم إيرانيون باستهدافها لموكب ضم نجل القيادي في حزب الله «عماد مغنية» جهاد مغنية ومعه عقيد إيراني وعدد من المقاومين.

رفعت «إسرائيل» ملف الجولان أكثر من مرة إلى أعلى الأولويات واستهدفت بهذا الإطار قائد العمليات هناك الأسير المحرر سمير القنطار.

القلق «الإسرائيلي» من مصير التسوية المقبلة في المنطقة مشروع بإطار الفشل الذي تحقق بالدخول الروسي العسكري وبتقدم الجيش السوري وتعزيز حضور حزب الله الذي كان من المفترض أن يتعرض لانتكاسات تقلص حضوره وإذ به يعززه في سورية والعراق، لكن يبقى الأخطر عزم روسيا تسليم إيران لمنظومة أس 300 بعدما حاولت عرقلتها أكثر من مرة.

تمر الأزمة اليمنية اليوم في أول اختبارات النجاح أو الفشل التي يمكن البناء على أساسها. نجاح الحلول السورية فالاجتماع بين الحوثيين والموالين للسعودية في الكويت يعني نيات إيرانية سعودية غير مباشرة للتعاون تترافق مع نيات أممية عبر عنها المبعوث إسماعيل ولد الشيخ أحمد قائلاً «إننا لم نكن يوماً أقرب للسلام في اليمن من هذه اللحظة». تفتح «إسرائيل» في الجولان استفزازاً جديداً قبل توجه نتنياهو إلى روسيا فتعقد الحكومة جلسة في الجولان، أعلن نتنياهو فيها نيات حكومته تعزيز الاستيطان هناك وأن الوقت حان بعد 50 عاماً ليعترف المجتمع الدولي بالسيادة «الإسرائيلية» على الجولان»، ليقابل برد مباشر من أهالي الجولان يؤكد أن وعود الاحتلال الزائل ستسقط في أول امتحان أمام بسالتنا» ما يعني أن المقاومة في الجولان باتت قراراً أهلياً ومحلياً يُضاف إليه الدعم المباشر من إيران وحزب الله.

أول الاجتماعات الروسية الرفيعة المستوى وأول ضيوف موسكو بعد تقليص الوجود الروسي العسكري في سورية كان الرئيس «الإسرائيلي» رؤوفين ريفلين الذي سارع إلى لقاء الرئيس الروسي لاستيضاح العديد من الأمور، ولينقل فحوى الرسالة التي حمّله إياها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعدما كان قد تحدّث طويلاً معه قبل الزيارة، ومع وزير الحرب موشيه يعلون بحضور رئيس الأركان «آيزنكوت». وخلص الكل إلى طرح أو صياغة ما أسموه الخطوط الحمر لـ«إسرائيل» في سورية.

الخطوط الحمر «الإسرائيلية» قادرة على تشكيل ذريعة لعرقلة المفاوضات بما يمكن أن يشكل ابتزازاً لإدخال ملف الجولان بالمحادثات ومعه الملف الفلسطيني. وبالتالي فإنّ توجه «إسرائيل» نحو موسكو بعد تقليص الحضور في سورية يكشف منه يقين السلطات «الإسرائيلية» بنيات موسكو، فردّ مساحة للمفاوضات بقرار انسحابها المفاجئ بما يناقض مفهوم التنسيق المعلن مع «إسرائيل». يتوجه نتنياهو لطلب ضمانات روسية أولاً ومساعي لحلّ مسألة الحدود.

انسحاب روسيا سيُعيد حرية المناورة الجوية لـ«إسرائيل» بسورية، هكذا توقعت صحيفة «جيروزاليم بوست» فور الإعلان عن الخطوة، لكن هذا لم يترجِم حتى الساعة حرية بما تعنيه من إمكانية القيام بخطوات «إسرائيلية» أحادية بعدما تبيّن أنّ الحضور الروسي لا يزال كبيراً، لكن هذا لا يعني تجاهل روسيا للموقف «الإسرائيلي» في أيّ عملية سلمية مقبلة، وبالتالي تراهن «إسرائيل» على نجاح الضغط لتمرير عملية عسكرية «إسرائيلية» في سورية أو مع حزب الله، تحت عنوان التوصل إلى «السلام» ووضعها في إطار إطلاق معاهدة ترسم المشهد في الجولان ليكون ذلك ورقة تفاوضية في ظلّ عجز «إسرائيل» عن مقتضياته أو ربما مسار تنزلق إليه التوترات ما يرسم أسئلة جديدة عن ماهية الضمانات الروسية المتوقّعة.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه